أقلام حرة

24 حزيران لسنة 1981 يوم الِسفر الخالد لتركمان العراق / جاسم محمد جعفر

انه يوم سلّم فيه النظام البائد جثث الكوكبة الأولى من شهداء التركمان ثم تلتها كوكبات أخرى حيث وصل العدد الإجمالي لهؤلاء الشهداء وبمدة وجيزة في تلك الفترة المظلمة الى 550 شهيد  ،اعدموا في حينها أمام مرأى ومسمع العالم ولم يصدر من مؤسسات حقوق الانسان اي تنديد واستنكار، إنه رقم مهول إذا ما قارناه مع نفوس التركمان في العراق ، إن هؤلاء الشهداء ومن سار في ركبهم بعد 2003 من شهداء الفتنة الطائفية وشهداء الارهاب وشهداء المفخخات والاحزمة الناسفة  وشهداء الخطف والقتل والتنكيل في محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك ونينوى وأن هؤلاء الشهداء كلهم  قدموا انفسهم قربانا من اجل الدين الحنيف ومن اجل احياء العراق من جديد وذلك لاحقاق الحق وازهاق الباطل  لذا نسمي نحن التركمان هذا اليوم بيوم الشهيد .

 

صحيح ان لهذا اليوم وقعا مأساويا في تاريخ التركمان ولكن عجلة التاريخ في هذا اليوم استعصت ورفضت ان تتحرك في أجواء الكسل والارتخاء وابت إلا ان  تسير على أبدان الرجال الأبطال الذين حددوا بدمائهم اتجاه ومسار وغاية المشروع الاسلامي التركماني  ، انه يوم خالد يوم بُعث في واقع التركمان وفي خلجات رجالهم الاخذ بثار هؤلاء الشهداء من جلاديهم عبر مشروع سياسي هدفه اسقاط النظام وكان لهذا المشروع الاثر البالغ لايجاد الحركة السياسية في وسط التركمان والذي ادى الى تشكيل مؤسسة تركمانية تمكنت وبفترة وجيزة توضيح تاريخ التركمان بشكل عام وتاريخ هؤلاء الشهداء وابطال التركمان بشكل خاص بعدما كان غامضا نوعا ما عند الكثير من شرائح المجتمع العراقي وسياسييه وعملت هذه المؤسسة من اجل توعية التركمان وادخالهم الى عمق الساحة السياسية ومتونها بعدما كانوا على الحوافي ، فاصبح هذا اليوم يوم شروع حركة التاريخ السياسي المعاصر للتركمان , هذا اليوم الذي اوقد جذوة متقدة في وجدان التركمان وابنائه احيا فيه الشجاعة والغيرة على الدين وحب الوطن وحب التركمان لقوميتهم ، ان دماء هؤلاء الشهداء هي التي رسمت الخارطة السياسية المعاصرة للتركمان ورسخوا معادلة جديدة في العراق ينبغي ان تكون هي الأساس في تحديد مستقبل العراق ورسم صورته السياسية ودور مكوناته وحقوقهم .

 

اذ نحن نحي عوائل الشهداء ونحي صمودهم رغم قلة الاهتمام بهم وبابنائهم ونحي وقوفهم المستميت لبناء العراق الجديد والحفاظ على المكتسبات نذّكر كل التركمان وخاصة الاحزاب والحركات السياسية بان  هذا الوضع السياسي المعقد والمتأزم نوعا ما  ينبغي ان لا يشغلنا بهمومنا الحياتية والسياسية الانية الضيقة عن قضيتنا المركزية ألا وهي الحفاظ على هوية كركوك ومناطق التركمان  ، وان لا نستغرق في صراعات هامشية وجانبية فيما بيننا لتستنزف طاقاتنا في أمور لاتغنينا بقدر ما تسبب للمصلحة التركمانية العليا المزيد من التعقيد والمشاكل , وان لا ننجر الى صراعات بين الكبار تكون كركوك ومناطق التركمان ثمنها وعربون بيعها ، وان بعض اصدقاء الامس من الدول بدأوا لا يهمهم كركوك ومناطق التركمان امام مشروعهم الكبير والنتيجة خسارتنا نحن التركمان ، لابد ان نكون واعين وان لا نخلد إلى الكسل وأجواء الاسترخاء والخصوم يخططون للنيل من كركوك ومناطق التركمان من تلعفر الى مندلي , ألا يحق لنا ان نسأل هذا السؤال البسيط ؟ ونحن نعايش لحظات مع هذه المناسبة الكريمة ( ان الشهداء قدّموا أغلى ما يملكون من اجل عقيدتهم وقضيتهم وأدوا تكاليفهم على احسن وجه فماذا قدمنا نحن ؟!!) ان مسؤليتنا كبيرة جداً , هل استطاع أحد منا ان يجزم  بانه أدّى تكليفه القومي والشرعي امام هذه الهجمة الشرسة على مناطقنا بالشكل المطلوب؟

 

ان الائتلاف التركماني و منذ اليوم الأول من تأسيسه حمل رسالة الشهداء اولئك الذين اقترف البعث البائد اكبر جريمة بحقهم وهو يتشرف بانه يعمل ويناضل من اجل القضية التي استشهد من اجلها الشهداء الابرار رغم قلة الإمكانيات وكثرة الصعوبات ولكن يبدو عاجزا عن إيجاد الإطار الموحد الذي يجمع كل التركمان تحت إطار موحد ذي مرجعية تركمانية متفق عليها , صحيح أن تقدما ملحوظاً حصل في الآونة الأخيرة وحصل تقارب واجتماعات بين القيادات التركمانية ولكن الاصطفافات الاخيرة لسحب الثقة من الحكومة اثرت بشكل سلبي لبلورة هذه الوحدة والتي تميل قياداتها الى توجهات وأفكار تتجانس مع الكتل الكبير التي تنتمي لها اكثر مما تتجانس مع مصلحة التركمان .لا زلنا نؤمن ان وحدة الساحة التركمانية ضرورة ملحة تستدعي تلاقي الاتجاهات السياسية العاملة في وسط  التركمان على أساس قاعدة مشتركة وبشكل متوازن ومتكافئ بين الاحزاب كل حسب وزنه السياسي في الساحة ، وان التمثيل التركماني يبقى ناقصاً وغير حقيقي ما لم يستند إلى إرادة سياسية جامعة للتركمان  .

 

*وزير الشباب والرياضة

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2162 الاثنين 25/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم