أقلام حرة

الجواهري في الموصل / احمد معد

مع عدد من أدباء الموصل من بينهم والدي، ودفعني تأملي هذا إلى تقصي أخبار زيارة الجواهري إلى مدينة الموصل وفي جلسة مع والدي استطعت أن ألخص الملاحظات الآتية حول تلك الزيارة التاريخية:

 

 * كانت أمسية الشعر التي أقيمت للجواهري في المركز الثقافي التابع لجامعة الموصل يوم 20 شباط من عام 1980 آخر أمسية له في العراق، هاجر بعدها هجرته الأخيرة. قدمه فيها الدكتور علي جواد الطاهر بكلمة موجزة يقول فيها: انك لا تستطيع أن تعرّف الجواهري بأكثر من انه الجواهري. وقد تبتسم لهذا الحكم إذا لم تكن قد حاولت قبل هذا ان تسأل: مَنْ الجواهري، وحاولت ان تجيب عن السؤال! الجواهري شاعر. وشاعر فقط،وفي قولك: شاعر فقط، أشياء كثيرة جداً، أقلّها الفطرة وإقامة المجد على قاعدة متينة يكتفي صاحبها من الدنيا كلها بأمر واحد. والأمر الواحد برأيه وبرأي الحضارة الإنسانية ليس بالقليل ... أجل، شاعر، وشاعر فقط.
849-jawa

* افتتح الجواهري أمسيته والقاعة تغص بالحاضرين من أساتذة وأدباء وطلبة ومهتمين وباحثين، بقصيدة جديدة

يقول فيها :
أمَ الربيعين، يا من فقت حسـنهما ... بثالث من شـباب مشـرق خضـلِ

يا موصل العرق من شرق تمد به ... للغرب حبلاًً، بعرقٍ منـه متصـل

أم الثغور التي ناغى ملاعبها... رأدُ الضحى وشموس الخلق في الطَّفَلِ

* ألقى بعد قصيدة الافتتاح مجموعة من قصائد السبعينات من بينها ( يا ابن الفراتين ) وعندما قال :
يا ابن الفراتين قد أصغى لك البلدُ ... زعماً بأنك فيهِ الصادحُ ألغردُ
قاطعهُ الدكتور علي جواد الطاهر (وكان إلى جانبه الدكتور مهدي المخزومي حاضرا) قائلاً: اسمح لي بقراءة البيت فأجابه الجواهري تفضَل يا دكتور، فقال الطاهر:
يا ابن الفراتين قد أصغى لك البلدُ... علماً بأنك فيه الصادح الغردُ
فردد الجميع : علماً بأنك فيه الصادحُ ألغردُ.
وفي هذا ما يشير إلى أن البلد لا يزعم بل يعلم

* في حوار مع الأستاذ الدكتور سعيد الزبيدي الذي رافق الجواهري من بغداد إلى الموصل يتحدث فيه عما جرى مع الشاعر الكبير عندما استضافته جامعة الموصل، يقول نصا: (ألغِيتْ رحلة الطائرة من بغداد إلى الموصل فأنزعج الجواهري وكاد يعدل عن تلبية الدعوة لولا تدخل أستاذنا علي جواد الطاهر فأقنعه بالسفر بسيارة رئيس الجامعة، فتصدر الجواهري السيارة.
وتوسطت بين أستاذي المخزومي والطاهر، ودار الحديث على المسافة والزمن بين بغداد والموصل وكنت أجيب لخبرتي الأسبوعية بهذا الطريق، فهمس بي الأستاذ الطاهر أن أسكت، فقد لحظ انصراف أبي فرات عنّا فقال : جاءه الشعر.
ومن مقعدي كنت أسترق النظر إلى الجواهري فرأيت قصاصة ورق يكتب كلمة في أولها فقط ويكتب القافية في آخرها وكانت تلك طريقة أبي فرات حينما يهجم عليه الشعر، وقد خصني بعد أن ألقى مقطوعته في أم الربيعين بهذه القصاصة: أم الربيعين يا من فقت حسنهما.... وأتمها في براغ ونشرت كاملة في ديوانه.)

* ومما يشير إليه الدكتور الزبيدي أن الجامعة أعدت للجواهري جولة حرة في شارع النجفي (وفي أثناء تجواله تقدمت إليه امرأة موصلية وشقت صفوف المحيطين بالجواهري للسلام عليه وظنناها لا تعرفه فقالت : أريد أن أقبل يدك وسحبتها منه لكنه قال بلهجته : أستغفر الله يا أختي !! وجر يده بأدب ثم بكى وقطع جولته طالباً العودة إلى دار استراحته

 

*خلال التقاط أدباء الموصل صورة تذكارية مع الجواهري حاول بعضهم إقناعه بنزع طاقية رأسه للفوز بصورة نادرة، فاعتذر..

ويجد القارئ الصورة مرفقة مع هذا التعقيب، وهي من أرشيف الشاعر معد الجبوري.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2162 الاثنين 25/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم