أقلام حرة

تهديدٌ وإبتزاز / أمين يونس

ورفع الستار عن وقائع الفساد الكبرى التي إنغمسوا فيها .. وإماطة اللثام عن تورطهم في أعمال عُنف إرهابية او طائفية .. أو الكشف عن علاقاتهم المشبوهة مع الجهات الخارجية ... الخ .. لو نّفذوا جزءاً من هذه التهديدات .. لعرفتْ الجماهير .. أي نوعٍ من القادة لدينا .. وأي سياسيين إنتخبناهم لكي يقودوننا ويديرون شؤوننا ! .

ففي الجوار العربي والأقليمي الفاسد .. الرؤساء وكبار الوزراء والمسؤولين المُهمين، هُم على الأغلب الذين ينهبون المال العام ويستولون على الاراضي والممتلكات ويحتكرون الصفقات الكبيرة .. مثلما ثبتَ بعد الثورات والإنتفاضات العربية مؤخراً، حيث بانتْ عشرات المليارات المنهوبة مِنْ قِبَل زين العابدين ومبارك والقذافي وعوائلهم ومن قبلهم صدام .. طبعاً الى جانب وزرائهم المُقربين وكبار المسؤولين الحزبيين . الا انه في العراق الجديد أي بعد 2003 .. فأن حلقات الفساد كثيرة ومتنوعة وواسعة .. وتتراوح بين الوزراء والوكلاء والسفراء والمُدراء والوسطاء وحتى الموظفين البُسطاء ! .. وهنالك كما يبدو " حِلْفٌ " غير مُعلَن، بين قيادات الأطراف الرئيسية في العملية السياسية .. او إتفاقية قذرة مشبوهة بينهم .. على ان يسكتوا عن بعضهم البعض .. وسَرَتْ هذهِ الآلية المشؤومة، منذ الأيام الاولى للإحتلال، وشّجعها وباركها الإحتلال الامريكي، من خلال جي غاردنر وبعده بريمر والجنرالات والسفراء الامريكيين .

وخلال السنوات التسعة الماضية .. فأن الرؤوس الكبيرة التي تجاوزتْ على " أصول اللعبة القذرة " وإستحوذتْ على مئات الملايين من الدولارات دفعة واحدة، مُستَولِيَةً على حصص الأعضاء الآخرين في العصابة ! .. ان هذه الرؤوس رغم إبتلاعها لكل هذه الاموال العامة .. فلم يتم القبض على أي واحدٍ منهم على الإطلاق ! .. فوزير الدفاع الأسبق " حازم الشعلان " غادرَ العراق منذ سنوات بِكُل بساطة بدون أي مُحاسبة .. ووزير الكهرباء الأسبق " ايهم السامرائي " اُلقِيَ القبض عليه واُحتُجِزَ في المنطقة الخضراء، لكنه وبسيناريو هوليودي سخيف وإخراجٍ أمريكي وحكومي مُشتَرَك، نجحَ في الإفلات والوصول الى الاردن ومن ثم الى مكان مجهول ! .. ووزير التجارة الأسبق " فلاح السوداني " قُدِم الى المحاكمة في بغداد مُتَهَما في مليارات الدولارات وبأدلةٍ دامغة .. لكنهُ خرجَ منها شريفاً عفيفاً وهرب الى الخارج ! .. ومن الطبيعي ان هؤلاء الوزراء الثلاثة، لم يكونوا " وحدهم " الفاسدين في وزراتهم، ولم ينهبوا بمفردهم، بل كان لهم " شُركاء " من معاونيهم من الكُتل السياسية الاخرى .. وهؤلاء المعاونين والمتواطئين والسُراق الكِبار .. مَحمِيون مِنْ قِبَل القيادات الرئيسية في العملية السياسية ! .

وهذا لايعني، انه بعد هروب الوزراء الثلاثة السابقين الى الخارج .. فأن النهبَ تَوّقَف او السرقة إنتهَتْ .. ولا يعني أيضاً ان هؤلاء الثلاثة وحدهم كانوا الفاسدين .. بل يعني، انه رغم [ الخلافات العميقة ] بين الكُتل السياسية المهيمنة على المشهد السياسي العراقي .. فأن القادة المُتصارعون في العلن .. مُتفقون في السِر، على عدم كشف أوراق بعضهم البعض ولا نَشر غسيلهم القذر على الملأ .. والدليل على ذلك : عملية الإبتزاز المُنّظَم التي يُمارسونها مع بعضهم البعض .. من خلال التهديد بكشف " الملفات " والوعيد بفضح المستور .. وكأن عشرات المليارات الضائعة، هي اموال قادة هذه الكُتل والاحزاب الحاكمة، والخلاف هو على تقسيمها بينهم .. وليسَتْ عملية نهب وسرقة لأموال الشعب ! ..

المأساة .. أننا لانستطيع الإشارة الى أي طرفٍ نزيهٍ واحد، ضمن مجموعة الكُتل السياسية " الحاكمة " في العراق .. فكلهم مُشتركون في الفساد والنهب والتجاوز على القانون .. ولو بدرجاتٍ مُختلفة .

يتورطُ المرءُ أحياناً في الحياة اليومية .. بمُعامَلة معَ شخصٍ، تبدو عليهِ علامات الورع والشرف .. لكن الأيام تثبت ان ذاك الشخص بعيدٌ كُل البُعد عن هذه الصفات النبيلة .. والشعب العراقي تورطَ فعلاً، مع هذهِ الطبقة السياسية الفاسدة المتحكمة منذ تسعة سنوات !.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2164 الاربعاء 27/ 06 / 2012)


 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2164 الاربعاء 27/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم