أقلام حرة

ســحب الـثقـــــــة .. وفـــتح المـــلفات / ابراهيم الجبوري

والذي اصبح حالة مزمنة لدى الكثير منهم ...ان العجز عن توفير الخدمات الضرورية والاساسية المتعلقة بحياة المواطن الانسانية وكرامته، وحجم ورم الفساد المتزايد والذي ينخر في جسد الدولة ويثقل من كاهلها، والكهرباء التي طال انتظارها في ظل حكومات متعاقبة لغتها السين وال سوف والكذب الكذب حتى يصدقك المواطنون ... والاعلام المطبل والمزمر والمستنسخ من اعلام البعث المقبور سواء المداح والمتملق للحكومة او المعارض والمعادي لها بما يحجب الرؤية ويشوش الصورة امام المواطن المغلوب على امره، وكل هذا يجري باسم وفي ظل الاجواء الديمقراطية التي ننعم بها .. .

ان الحل السياسي الذي توصل له الشركاء في معاناة الشعب العراقي المتواصلة ودماءه التي لاتزال يوميا تنزف هو خلق الازمات وتفريخ هذه الازمات لاخرى واخرى حتى ينشغل المواطن بها وتذهب اموال الميزانية الى مستحقيها من رجالات الدولة، وهذا افضل كثيرا من صرف هذه الاموال لغرض تنشيط الاقتصاد واحداث التنمية الصناعية والزراعية وخلق فرص العمل واعمار البلد وابقاء البلد رهينة بيد مجموعة ممن انعدمت فيهم مقومات الكفاءة والادارة والنزاهة لحل مشاكل البلد المستعصية.

لقد اثبت الساسة العراقيين صحة النظرية القائمة على اساس ان لكل فعل رد فعل ولكن ليس من اجل بناء الدولة او الاحتكام للدستور او بناء دولة المؤسسات وانما لبناء دولة المصالح الحزبية والافراد وانتجت هذه النظرية شراكة حقيقية في طمس معالم الفساد واخفاء عناصره وتوفير الحماية لهم سواء من هذا الطرف او ذاك !!!

ان عملية سحب الثقة التي تعتبر مرحلة جديدة من مراحل التازيم والتصعيد السياسي من قبل كتل مؤثرة في العملية السياسية ومع صدق نوايا بعض هذه الكتل في منع الدكتاتورية من التجذر مجددا في العراق وان كان الاولى تعديل الدستور بدلا من سحب الثقة في عملية غير محسومة النتائج والعواقب ... لوح الحزب الحاكم بملفات معدة ومضمومة فيها من المخالفات الكثير ومن الفساد الشئ المثير ليلوح بها لمعارضيه في عملية ابتزاز تؤكد ان الشراكة ليست في الحكومة وانما في فسادها واصبحنا امام معادلة جديدة هي سحب الثقة يقابلها فتح الملفات ومنها ملف الفساد او بقاء الثقة والفساد وابقاء الملفات في ادراج دولة المؤسسات والقانون.

ان الملفات التي يتم التلويح بفتحها من رئاسة الوزراء يجب ان تفتح لئن ذلك من صميم واجباته وعمله وامانة المسؤولية التي حملها اياه الشعب وكلفه بأداءها، وهذه الملفات ليست نزاعات فردية او شخصية وانما هي تجاوزات على الدستور والقانون وملفات فساد مالي واداري كبيرة والتلويح بها لاغراض حماية واستغلال المنصب يعتبر شراكة حقيقية مع الفاعلين وعلى دولة القانون ورئيس الحكومة ان يثبتوا مدى مصداقيتهم مع هذا الشعب والوطن من خلال كشف وفضح المفسدين بغض النظر عن انتماءاتهم او توجهاتهم ... ليثبتوا انهم ليسوا طلاب سلطة وانهم لا يساوموا على حساب المبادئ والحق وانهم مع الشعب لا مع اعداءه، والحقيقة اليوم تتطلب مواقف شجاعة ورح كل الملفات المخفية لتنقية العملية السياسية من المنتفعين والانتهازيين الذين طفوا على سطح المصالح الشخصية والتنقل بين الكتل السياسية بحثا عن السلطة وبعيدا عن التضحيات والراحات التي تحملها العراقيين خلال العقود المنصرمة من عمر الدكتاتورية البعثية واللعب على عواطف الناس بالقومية احيانا والدين احيانا اخرى ...وهذا ما نشاهده اليوم على شكل طائفي احيانا ومحرومية مناطق احيانا اخرى .

ان هذه العملية برمتها تؤكد على ان صراع الساسة العراقيين صراع مصالح شخصية حزبية فئوية لاعلاقة له من قريب او بعيد بالشعب العراقي او مصالحه،والحديث عن فتح هذه الملفات في هذا الوقت يعني الشراكة الواضحة بالفعل وقباحة ما تتضمنه هذه الملفات من ادلة ودلائل سواء كانت اجرامية او فسادًا مالياً وهدرا للمال العام وتؤكد حقيقة ان السلطة والمال اصبحت المطلب الاول لقوى وجهات عديدة كنا نظن ونأمل ان يكون المواطن والعراق ورفع المظلومية والمعاناة والاضطهاد عن ابناء شعبه وغيرها من الشعارات التي كانت ترفعها قبل سقوط الصنم وستطبقها بعد زوال نظام الدكتاتورية الصدامية البعثية وهي دكتاتورية صريحـــة ... اما اليوم فأننا نعيش دكتاتورية مخفية او ما يمكن ان نسميه دكتاتورية التورية الاختباء خلف مفاهيم الديمقراطية التي اصبح من خلالها تعريف القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية والتي عملت وفق الدستور ووفق القانون بالمتآمرون ومن يريد ان يستنسخ دولة رئيس الوزراء ليبقىه لابد الابدين بالوطنيين !!

ان الاليات التي اتبعت لسحب الثقة عن الحكومة لم تكن محسوبة بشكل صحيح وكانت عبارة عن ردات فعل على تصرفات وممارسات الحزب الحاكم وبالتالي كانت منقوصة من حيث التخطيط والتنفيذ لمرحلة ما بعد سحب الثقة والالية التي تدار بها الدولة والوزارات التي اخفقت ويجب ان يتم معالجة اخفاقاتها واعداد برامج عمل متكامل للمرحلة المقبلة ليحقق المواطن على بعض المكتسبات التي تعيد له الامل بالعملية السياسية، ايضاً الابتعاد عن الاستهداف الشخصي لرئيس الوزراء ومواقفه من قضايا معينة وبناءه على اساس مهني مبني على ممارساته وحالة الاحتقان والاجواء السياسية المتأزمة المزمنة وادارة الدولة بالوكالات منذ سنوات وانشغال رئيس الوزراء باكثر من منصب وعمل مما اثر على اداءه في منصبه .

ان تحقيق الاغلبية لتعديل الدستور بما يضمن التداول السلمي وامكانية التغيير في منصب رئيس الوزراء من دون الحاجة لسحب الثقة او انعدامها بين الكتل السياسية من خلال اقرار واضح يجيز الترشح لدورتين حصرا اهم من عملية سحب الثقة في هذا التوقيت، وهذا التعديل سيتيح للعراق بناء قيادات سياسية وانتقال تدريجي لممارسة الديمقراطية وايضا خلق حالة من اجواء التنافس الانتخابي،خصوصا ان الشعب العراقي يجد في من بيده السلطة بغض النظر عن كفاءته ومدى قدرته على الادارة الناجحة للبلد هو القائد الضرورة الذي لايمكن التفريط به وهو معذور بسبب رواسب الدكتاتورية الماضية وممارسات البعث والبعثيين والتي يمارسها البعض ويستنسخها لحد الان.

ان العراق اليوم بحاجة الى وقفة رجال صادقين ومخلصين للوطن واصحاب دين ومبادئ ... وليس نهازوا فرص وطلاب سلطة ومفاسد من اجل تعديل كل المسارات العرجاء والعوجاء في العملية السياسية ... وبناء ها على اسس ومقومات جديدة اساسها ىبناء الوطن وخدمة المواطن الذي اصبح في ظل المعادلات القائمة مجرد ارقام عددية تتهدد بها هذه الكتلة وتتوعد بها تلك القائمة .. بعيدا عن الاشراك الحقيقي له فيما يجري واستغلاله لتقديم فروض طاعة وولاء مطلق ... من دون ادنى حق بالمطالبة بالحقوق او الخدمات الاساسية المفروض ان تتوفر له .

نحن على ثقة ان سحب الثقة سوف لن يحصل ... والملفات سوف لن تفتح لئن عملية سحب الثقة من اجل مصالح معينة ... والملفات لها اوقات اخرى مادام الضغط الامري - ايراني له وقع السحر ولايزال مفعوله ساري في حل العقد والمشاكل ومادامت الارادات لمعظم المشتركين في العملية السياسية غير جادة في تحقيق الاصلاح المطلوب وتغيير سياسة ولغة المصالح النافذة في العراق الجديد.


ابراهيم الجبوري

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2165 الخميس 28/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم