أقلام حرة

العمل الإعلامي في العراق .. التحديات والضغوط / علي شايع

وكانت وزراة الداخلية العراقية قد استصدرت قراراً بناء على بيانات قدمتها هيئة الإعلام والاتصالات شمل محطات فضائيات إذاعات قال إنها تعمل دون ترخيصات وافية أو إنها تخالف قواعد البث المتعارف عليها قانونياً.


ويواجه العمل الإعلامي في العراق تحديات كثيرة، حيث يعد من أخطر المهن وأكثرها صعوبة من خلال التماس مع واقع سياسي وإداري متداخل. وتبقى الأسئلة متواصلة عن حجم الضغوط التي يكابدها الصحفيون والإعلاميون في عملهم، والتي حجّمت العمل الصحفي في فترات سابقة، مثل الضغط الأكبر للقوى الإرهابية، وآثار العنف، إضافة الى الضغوط الحكومية.


 في استطلاع للرأي توجهت بأسئلة حول هذا الموضوع لبعض الكتاب والمهتمين لاستبيان حجم تلك الضغوط وطبيعة ما يواجهه العمل الصحفي بصورة عامة.


إعلام ممنوع

الكاتب والإعلامي محمد غازي الأخرس رأى في قضية منع بعض وسائل الإعلام من ممارسة عملها إن “هناك مؤسسات مختصة بهذا الشأن وإغلاق بعض الفضائيات يأتي أحيانا كردة فعل على تغطياتها (غير المهنية) حسب معايير المؤسسات المعنية، لكن عموما ثمة مخاوف كثيرة تنتاب الوسط الإعلامي من ان تتسع الظاهرة، وتتحول الى تكميم للأفواه”. وبحسب رأيه ” يجب ان تعمد المؤسسات التابعة للدولة المختصة بتنظيم عمل الفضائيات ووسائل الاعلام الى معايير عالمية متفق عليها وتتعامل بحيادية مع الجميع ولا تعكس رأي الحكومة او تكون قراراتها ردات فعل على توجهات القنوات المعنية بالغلق او التضييق”.



وأكد الكاتب والصحفي علي السومري بفعل تجربته الفاعلة ومتابعاته الإخبارية وصول أنباء جديدة، اذ يقول:”آخر خبر ان اللجنة الثقافية والإعلامية في مجلس النواب، تريثت بشأن إغلاق هذه القنوات الإعلامية، ونحن نأمل أن لا يكون القرار سياسي، لأنه مؤشر خطير على التوجه للإعلام الأحادي الجانب”.


ووجد الكاتب والإعلامي علي رستم ان سوءاً في فهم الحريات وهو السبب” سوء فهم الديمقراطية وهي تجربة سياسية واجتماعية حديثة العهد في مجتمع لم يعرف سوى مفهموم واحد هو السلطة وبالتالي اغلب وسائل الاعلام تمارس رد فعل سياسي وليس اعلامي”. ويؤكد الكاتب على ضرورة الإلتزام ب”لوائح هيئة البث والارسال وهي الجهة المسؤولة عن البث العام والتردد معايرها المهنية تبدو فقط للردع” ويرى الكاتب في  المقابل ما يستوجب ذلك حيث يقول:”توجد فضائيات تمارس عمل تسقيط وتشويه ورد فعل لجهة سياسية على اخرى. ( الشرقية . البغدادية . الرافدين .نموذجا ) مايزال الحوار مقطوعا بين الهيئة والمؤسسات الإعلامية ودائما مايتررد على لسان وسائل الاعلام من ان الاطراف السياسية و الحكومية لا ترغب بحرية صحافة في العراق لان ذلك سيقوض من نفوذها وهي وراء تكبيل وعرقلة نشاط الصحفيين لكن في المقابل هناك جهات معارضة للحكومة لها وسائل اعلام تمارس ذات النفوذ والسيطرة وادارة اعلام موجه”.


ولا يعتبر الكاتب الأخرس ان للضغوط الحكومية أثرها السلبي الكبير”ليست هناك ضغوط حكومية بالحجم الخطير برأيي لكن الجهل بطبيعة العمل الصحفي وأحيانا الفهم الخاطئ لمهمتنا وضغط الاجندة السياسية في بعض المؤسسات تؤدي الى مشكلات معينة وهي عموما مشكلات تنتبه لها الحكومة أحيانا وفي أحيان أخرى تصر على ارتكابها”.


ويشير الكاتب لسومري الى مكامن التحدي في الضغوط الحكومية الممارسة بطريقتين:” ترغيب وترهيب، الأولى تلوح بالجزرة والثانية بالعصا، من لا يقبل بالجزرة سيكون مصيره مثل مصير يوسف في البئر، مغضوباً عليه بلا سبب، الحكومة يا صديقي نجحت بكسب أبواق لها بأسعار بخسة، حتى ان البعض من هؤلاء المرتزقة (الصحفيون) احترفوا إسقاط كُل من يقف بوجههم أو وجه سيد نعمتهم، ولكن مع هذا يوجد الآن صحفيون كُثر ما زالوا يراهنون على صحافة حرة في عراق جديد طالما حلموا به، لا ترعبهم العصا، بل أنهم وظفوها للسخرية من حاملها”.

في حين شدد الكاتب علي رستم بالقول على ما واجهه العمل الصحفي بعد التغيير وقبله :” ما يزال التضييق على الصحفيين يشكل ضغطا جهات عديدة (اذن للمؤوسسة العسكرية وحسب قناعة الجهات السياسي . وجهات التمويل والدعم تسعى للسيطرة مهنية الصحفي بل ظهرت صحافة توجه خطابها العقائدي والاديلوجي وهناك جهات تمثل موقف الحكومة مثل نقاية الصحفيين تبدوا واجهة حكومية اكثر منها نقابة مهنية لايعنيها الراي الاخر بل عادت الى سابق عهدها تحضر مراسم الحكومة وتعلن لها.لاتوجد ثقافة

”.

وأعتبر الكاتب الأخرس إن الإرهاب والعنف المسلح احد اهم المخاطر المحدقة بالعمل الصحفي الحر :” القوى الارهابية والمليشيات هي الخطر الأكبر الذي يواجه الصحفيين منذ سنوات خصوصا حين يتعامل الصحفي مع ملفات حساسة تخص التدخلات الاجنبية او التيارات الدينية المتشددة وليس سيرا ان العديد من زملائنا اما تعرضوا لتهديدات جدية بالقتل او قتلوا فعلا” . وهذا الأمر أثر في نشاط الصحفيين وحجم من دورهم كثيرا”.

وفي إتجاه مقارب يرى الكاتب رستم إن الكثير من الأطراف المتصارعة والمتنفذة تفرض سيادتها بشكل خطير:”الجهات الرسمية والحزبية والجماعات المتطرفه تجد انها فوق القانون بل هي القانون من الصعب العمل والتنقل بين الجهات المختلفة طائفيا بالتالي لم يتعامل معك كصحفي بل تمثل طائفة أخرى”. ويضيف الكاتب بخصوص المقياس في العمل المهني قائلاً:” توجد صحافة حزبية وليس بمعايير المهنية المعروفة غاب عن الصحافة العراقية صناعة الخبر والحدث والوثيقة لهذا خسرت نسبة التوزيع وافضل صحيفة لاتطبع اكثر من 5000 نسخة العمل في حيادية الصحفي احد السبل لتغيير شكل الصحافة. معتبرا ايضا ان من اسباب تدني العمل في الاعلام هو تراجع اجور الصحفي الاقل في الواقع المعاشي ولاتتماشى مع الجهد والتفرغ والابتكار، لذا حسب رأيه تجد الصحفي يعمل في اكثر من وسيلة اعلامية.


العمل الأخطر عالمياً

وفي ضوء ما أوردته جهات عالمية من تقارير خطورة العمل الإعلامي يشير الكاتب الأخرس الى صحة هذه التقارير الى حد كبير، معتقداً إن المقصود لها ليس مخاطر المليشيات فقط بل ان الصحفيين مستهدفون شأنهم شأن المواطنين العاديين ويتضاعف الخطر عادة من الصحفيين كونهم يتواجدون دائما في أماكن مستهدفة فهم دائبو العمل في هذه الأماكن ولا يتوقفون عن تغطيتها وهذا ما يجعلهم عرضة للموت في اية لحظة.

ويؤكد الكاتب علي السومري على الفعل الشرير لقوى الارهاب، حيث يوجز بالقول:”لا بد ان تحجم هذه القوى عمل الصحفيين هنا، اقصد في العراق، وبالأخص لو عرفنا بأن لبعض هذه القوى امتداد في الجسد الصحفي، يراقب كُل حرف يكتب ضدهم، كتبة تقارير كانوا يرتدون (الزيتوني) زمن الطاغية، والآن أصبحوا يرتدون زي أصنامهم الجدد”. معتقداً ان السبيل للمواجهة، هو “ببناء جسد صحفي حر قادر على مواجهة كُل التهديدات، أقول هذا وأنا أعرف جيداً بأني أراهن على الفرس الخاسر”. وبخصوص الإنتهاكات المتواصلة والاعتداءات على الصحفيين يبن الكاتب حجم المشكلة بدقة وموضوعية، قائلاً:”ليس بجديد، الصحافة زمن الديكتاتورية كانت صحافة السلطة آنذاك، ومن تجرأ على كتابة اي كلمة تختلف مع نهج (القائد الضرورة) يجد نفسه في حفرة عميقة مع أجساد أخرى كوليمة للدود في مقبرة مجهولة، ولهذا أقول بأن هذه المخاطر ليست بجديدة، الجديد هو تسليط الضوء عليها بعد زوال الديكتاتورية، لتصبح الجرائم المرتكبة ضد الإعلاميين والصحفيين واضحة للعيان. هذا لا يعني بأني لم أصب بنوبة كآبة متوقعة عند سماعي التقرير العالمي عن العمل الصحفي في العراق، حد كآبة لم يفقها سوى احساس بالخجل من الآخرين الذين اتخمناهم بالحديث عن حرية العراق الجديد، وأيضاً هنا عليّ أن أنوه لوجود صحفيين مجانين أدمنوا العبث بحياتهم، اعتادوا الكتابة بشكل واضح، ولو كانت السلطة ذكية لمنحتهم المزيد من الحرية، علها تنجح بتغيير الصورة السيئة التي رسمت لهم – السلطة – امام العالم، لكي تحاجج الآخرين بالحرية في العراق بهؤلاء”.

وينبه الكاتب علي رستم الى وجود انتهاكات متواصلة للعمل الاعلامي من قبل ادارات المؤوسات التي تعمل في هذا الحقل، سببها غياب ثقافة الحقوق والدفاع عن الراي العام لضمان الحماية المناسبة للصحفيين”. داعياً الجهات المسؤولة” الى اعادة النظر في قانون حماية الصحفيين والذي شرعه البرلمان، وهناك قانون جديد رفعته الحكومة الى البرلمان توجد فيه لوائح تكبل حرية التعبير عبر وسائل الاعلام تتنافى مع الدستور و الحقوق المدنية”.


الإستطلاع مفتوح لمزيد من الآراء


 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2165 الخميس 28/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم