أقلام حرة

في كُلٍ مِنّا .. شئٌ من صَدام / أمين يونس

!. ويتراوحَ هذا " الشئ " بينَ نزوعٍ للتسلُط ، ونهمٍ للإستحواذ ، وجشعٍ للسيطرة والتفرُد ، وتَحّكُمٍ بمصائر الناس . وليسَ جميع المسؤولين سواسية في ذلك .. فقسمٌ منهم ..  يكتفي بنهب وسرقة الأموال العامة بِكافة الوسائل المُتاحة .. وقسمٌ آخر ، يميلُ الى إمتهان كرامات الناس وإذلالهم .. وآخرينَ ، يضيفون الى ما سبق ، تلبية غرائزهم الحيوانية ومحاولة إشباعها .. ومنهم مَنْ يستهتر بصرف الأموال وتبذيرها .. وقسمٌ آخر ، هّمَه المحافظة على المنصب والكرسي ، مُحتَكِراً كُل شئ .. ضارباً بعرض الحائط .. القِيَم والمبادئ والعهود والوعود . أي .. بالمُجمَل .. فأن الغالبية العظمى من الطبقةِ الحاكمة .. يمتلكون عوامل مُكتسبة من نفس البيئة التي ظهرَ فيها صدام على الساحة العراقية ثم تَحّكمَ وتجّبر . فكما يبدو فأن " البيئة الاجتماعية " بإمكانها إعادة إنتاج شروط مُشابهة للشروط التي أدتْ بالأنظمة السابقة ان تكون ديكتاتورية وغير عادلة ... ومن الطبيعي : [اننا .. اي الناس العاديين .. اي الكُتلة الرئيسية من الشعب .. جوهر هذه البيئة الاجتماعية .. ونحنُ بِقلة وعينا وعاطفتنا الساذجة وعدم إستخدامنا للعقل والمنطق ، وسلبيتنا وخوفنا .. وّفرْنا الظروف الملائمة والفُرص المناسبة .. لكي يعتلي صدام وأشباهه السلطة ، والبقاء فيها لسنين طويلة .. ونحن ايضاً اليوم .. بإهمالنا وسلبيتنا ، وخضوعنا للطبقة الحاكمة الفاسدة ، وإنجرارنا خلف شعاراتهم الزائفة المُخادِعة.. نُقدِم لهم الذريعة ، لِممارسة كافة انواع التسلُط على رقابنا والتحكم باموالنا ومُستقبل الاجيال القادمة !] .

لم يبقَ أحدٌ هنا في الأقليم .. لم ينتقِد " إحتلال " صدام لأحسن المناطق السياحية وقِمم الجبال ، ليبني عليها قصوره الفخمة ومنشآته المختلفة ، ولم يتوانى " السياسيون " في إبداء رفضهم وإمتعاضهم بعد إنتفاضة 1991... من إستغلال صدام وبطانته ، لِكل هذه المناطق .. وحرمان الشعب من حقوقه العامة فيها .. وكَرَدِ فعلٍ أحمق .. قامتْ مجاميع فوضوية مختلفة ، بالتواطؤ مع الاحزاب الحاكمة في الاقليم .. بتدمير جميع القصور في جبل كَارة واينشكي وغيرها ، وسرقة جميع المحتويات .. وإمتدتْ موجة النهب والتحطيم ، لتشمل محتويات سد بيخمة الكبير ، ومعظم الدوائر الحكومية .. وفُسِرَ الأمر حينها .. بأنهُ تَصّرفٌ عفوي من الجماهير ، للتعبير عن حقدها على صدام ونظامه الفاشي !! . [لو قامتْ الاحزاب الحاكمة بحماية المنشآت والقصور فقط ، لكانت اليوم معلماً سياحيا مهما ، وعامل جذب للسياح ، يدرُ الكثير من الموارد] .

عموماً .. وبدلاً من ان تستفيد الاحزاب الحاكمة ، من الدَرس .. وعوضاً عن القيام بتخطيطٍ سليم ، من أجل إستثمار أفضل لل " أرض " المملوكة للدولة ، وتحويلها الى مشاريع مُربِحة للإقتصاد الوطني في المجالات السياحية والزراعية والصناعية ، وقاعدة أكيدة لتأمين مستقبل الأجيال القادمة ... فأنها بدلاً من ذلك كله .. إبتدعتْ مُسميات ، من قبيل " المُساطحة " او الإستثمار من ناحية ، ومن ناحيةٍ اُخرى .. تركتْ لمؤيديها ومؤازيها .. المجال واسعاً ، من اجل الإستيلاء على الأراضي .. وتسييجها وبناء الفلل والقصور فيها .. واليوم بات امراً شائعاً ان تجد (القصور) على كُل تَلِ او رابية او جبل .. فهذا التل للمسؤول الفلاني .. وذاك السفح للمسؤول العلاني .. وهكذا .. وصارت كلها " ممتلكات خاصة " يأمها أصحابها لأيامٍ معدودة كل شهر .. وتبقى فارغة بعد ذلك ! ... بحيث ان المواطن العادي او السائح .. باتَ يحتار اينَ يستطيع الوقوف او التخييم ، بعد ان سُيِجتْ كل الأراضي .. حتى الملاصقة للشوارع العامة !.

 

..............................

ألم أقُل لكم .. ان في كُل مسؤولٍ عندنا [شئ] من طبيعة صدام ؟

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2166 الجمعة 29/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم