أقلام حرة

مُجرد أصفار / أمين يونس

فإذا كنتَ فوقَ ذلك ذو مظهرٍ جميل وشكلٍ أنيق .. تضيف صفراً على اليمين فيصبح الرقم "10" .. أما إذا كنتَ غنياً ذو جاهٍ وثرِياً صاحب سلطة .. فتضيف صفرا آخر ليكون الرقم "100" .. ولو كنتَ من عائلةٍ معروفة او عشيرةٍ كبيرة .. فتزيد صفراً آخر ليصبح رقمك "1000" . ولكنك إذا فقدتَ (الأخلاق والنزاهة والشرف) .. فيزول الرقم "1" وتبقى مُجّرَد أصفارٍ بلا أية قيمة حقيقية] ! .

رغم ان القول أعلاه .. مُستهلكٌ من كُثرة الإستخدام .. لكن لابأس من الإستعانة بهِ عندنا في أقليم كردستان والعراق عموماً في هذا الزمن الردئ .. ففي كثيرٍ من قطاعات الإدارة وفي المجتمعِ أيضاً، هنالك للأسف .. العديد من الأصفار .. والمُصيبة ان هذه الأصفار التي أدّعي بأنها .. لاشئ ولا قيمةَ لها .. إلا ان الواقع يُظهِر خلاف ذلك تماماً .. إذ انها مُتنفِذة .. مُسيطِرة ، كلمتها مسموعة .. مقبولة من المجتمع .. أمامها آفاق مفتوحة .. وفوق ذلك .. مُنهمكة في مشروع .. تكريس مفهوم ان الأصفار هي الأهم وهي التي سوف تُهيمِن نهائياً .. أما المجانين الذين يقولون ان الرقم "1" هو الأصل وهو المَحَك .. فأن مصيرهم البؤس ومكانهم الحضيض والقعر ! .

أعرفُ مهندساً في احدى الدوائر الحكومية .. كانَ حائزاً على الرقم "1" حسب التصنيف أعلاه .. نزيهاً شريفاً عفيفاً .. لايقبل الرشوة ولا تفيد عنده الواسطة إذا كانتْ القضية مخالفة للقانون .. لايرضى ان يكون جزءاً من ماكنة الفساد .. لايستلم لنفسهِ قطعة أرض وهو يعلم انها ستصبح منطقة تجارية وان سعرها سيصعد كالصاروخ .. لايقبل من المقاول هدايا ولا يرضى بأي إلتفافٍ على المواصفات .. كان هذا المهندس مكروهاً من معظم المهندسين في الدائرة ومن المقاولين أيضاً .. لأنه " غشيم " و " يتفلسف " ويسبح عكس التيار .. فكان قرار الإدارة إحالته على التقاعُد .. هو أحسن حَلٍ للجميع !!.

أعرفُ مُدَرِسةً جّادة في عملها تماماً .. تحبُ مهنتها وتأخذها على محمل الجد .. ترعى الطلبة وتراقب مستواهم وتشجعهم على التطور والتقدم .. تتفهم مشاكلهم وتساعدهم على إيجاد الحلول المناسبة .. تشترك طوعاً في الورش لتحديث معلوماتها وتقترح أساليب جديدة لتوصيل المعلومة الى الطلاب .. تعتبر عملها جزءاً من عملية بناء الانسان الجديد .. المتعلم الواعي القادر على تَحّمُل المسؤولية بجدارة وإستحقاق .. هذهِ المُدّرِسة الحاصلة على التصنيف "1" ، لم تكن محبوبةً من الإدارة ومعظم المدرسين .. لأنها تنتقد السلبيات وتُقّدِم عملياً بدائل أفضل ...أتوقَع ان نقلها من المدرسة قريباً ثم إحالتها على التقاعُد .. هو أنسب السُبُل للتخلص منها !!.

أعرف آخرين .. عندهم مجموعةٌ من الأصفار .. يرتدونَ إغلى الملابس ويتزينون بالمجوهرات الغالية ومظهرهم الخارجي خّلابٌ يأخذ بالألباب ! .. أو ينحدرون من عوائل شهيرة وعشائر خطيرة .. او تسبق أسماءهم ألقاب دينية او أكاديمية .. او يتسنمون مناصب كبيرة في الحزب او الدولة .. لكن مُشكلة هؤلاء .. انهم خلال مسيرتهم فقدوا الرقم "1" .. وتحولوا الى .. مُجّرَدِ أصفار .. بلا قيمةٍ حقيقية .. بالنسبةِ لي على الأقل !.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2167 السبت 30/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم