أقلام حرة

قراءة في خطاب الرئيس المصري محمد مرسي / عفيف شليوط

في انتخابات الرئاسة المصرية للعام 2012،  وهي أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير . وفور وقبل اعلان الفوز، أبدت بعض الأوساط قلقها من خطر سيطرة الاخوان المسلمين على السلطة في مصر، معللين ذلك بحجج مختلفة، وعلى رأسها الدول الكبرى التي تقرر السياسات الدولية، وتفرض قراراتها بالقوة العسكرية اذا لزم الأمر. وهنالك قوى من داخل مصر، مثل المجلس العسكري الذي لم يكتف بالتعبير عن قلقه فقط، بل قام بخطوات فعلية لتحجيم الرئيس المصري المنتخب،فقاموا بالحد من صلاحيات الرئيس وبالتالي منح صلاحيات واسعة للجيش، هذا بالاضافة الى حل مجلس الشعب المنتخب. فهنا عملياً بدأ الصراع على الصلاحيات بين الجيش والرئيس المنتخب، تماماً كما هو الوضع عليه في تركيا، منذ أن غيّر نظام الحكم فيها كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، حيث منح صلاحيات واسعة للجيش.  

حاول الرئيس المصري المنتخب، محمد مرسي، في خطابه أن يطمئن كافة الأطراف من داخل مصر وخارجها من خلال تصريحاته : " إنني اليوم رئيس لكل المصريين"، و " إنني عازم معكم وبكم على بناء مصر الجديدة والدولة المدنية الدستورية الديمقراطية الحديثة"، " مصر للمصريين، جميعا  متساوون في الحقوق والواجبات تجاه هذا  الوطن"، "سنحافظ على التعاهدات والمواثيق الدولية فقد جئنا الى العالم برسالة سلام وعلى الاتفاقيات مع العالم كله"، " سنؤسس لعلاقات متوازنة مع كل المجتمع الدولي تقوم على المصالح المشتركة والإحترام المتبادل والمنافع بين الأطراف المتساوية المتكافئة بين كل الاطراف".

ولكن خطابه وضّح موقف الرئيس المنتخب من بعض القضايا مثل الصراع على السلطة والصلاحيات وإن اتهمه البعض بالضبابية، حيث قال :" لقد صبر الشعب المصري كثيرا وعانى من الظلم والقهر ومن التهميش و تزوير الإرادة والإنتخابات. ننظر حولنا ونقول متى تصبح مصر وشعبها مصدر السلطات؟ اليوم أنتم مصدر السلطة". وسبق الخطاب ما أعلنه ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم حملة محمد مرسي، ان مرسي سيؤدي اليمين امام مجلس الشعب وليس امام المحكمة الدستورية، لأن مجلس الشعب هو الجهة الشرعية الوحيدة المنتخبة من قبل الشعب المصري،  وبهذا وجه الرئيس المصري المنتخب رسالة واضحة للمجلس العسكري، الذي حدد له أن يؤدي يمين الولاء أمام المحكمة الدستورية، وهنا نقطة خلاف واضحة بين الرئيس المنتخب والمجلس العسكري حول صلاحيات الرئيس مقابل المجلس العسكري .

حاول الرئيس المصري الجديد في خطابه استقطاب كافة القوى السياسية في مصر، حاول أن يعرّف نفسه بأنه رئيس للجميع،  فركّز في خطابه بشكل ملفت للنظر على الطبقات الفقيرة التي كان يتجاهلها الرؤساء السابقون . فعملياً الخطاب كان تصالحياً، مريحاً، مطمئناً لكل فئات المجتمع المصرى، ودعا فيه الى أهمية وحدة الشعب المصري وضرورة لم الشمل لجميع فئات المجتمع المصرى.

من الملفت للنظر في خطاب الرئيس المصري المنتخب أنه لم يتم ذكر القضية الفلسطينية، علماً أنه أكّد على التزامه باتفاقية "كامب ديفيد" عندما أعلن التزامه بالاتفاقيات التي وقعتها مصر خلال المرحلة السابقة، والسؤال الذي يتم طرحه، بما أنه ذكر الاتفاقيات لماذا لم يحدد موقفه، موقف مصر الجديدة برئاسته، من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني؟  

الكثير من التساؤلات ستظل تطرح لكثير من الوقت، والوقت كفيل بأن تتضح الأمور أكثر فأكثر، ولكن ما لم يمكن أن يختلف عليه اثنان، أن الشعب المصري أثبت رقيه ووعيه السياسي من خلال أرقى ثورة، وأرقى عملية تغيير لنظام حاكم في العالم العربي، في ظل أحداث الربيع العربي التي هزّت العروش وقلبت الموازين رأساً على عقب. ومع تراجع المخاوف بشأن استقرار الدولة المصرية بعد الثورة، تبدأ مرحلة جديدة من التناقضات والصراعات .

مصر اختارت رئيسها، وبهذا تدخل مصر مرحلة تاريخية جديدة، مليئة بالترقب والتوقعات ونحن بانتظار الأيام القادمة،  ومهما كان ومهما سيحدث ستبقى مصر، هي مصر التي يصنع الشعب مستقبلها.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2167 السبت 30/ 06 / 2012)

في المثقف اليوم