أقلام حرة

فوز المرشح الأخواني لرئاسة مصر هو بداية النهاية للإسلام السياسي / عبد الجبار منديل

نعتقد انه لأول مرة سوف يوضع الإسلام السياسي على المحك وسوف يفشل في معالجة مشكلات مصر المعقدة كما فشلت لحد الآن كل النظريات الرأسمالية والقومية والاشتراكية وبهذا سوف تكون نهاية الإسلام السياسي

 

الأحزاب السياسية الأسلاموية تجهر منذ عدة عقود بان الإسلام هو الحل في بلدان مشكلاتها معقدة واعقد من إن يحلها نظام سياسي او اقتصادي بعينه لأنها مشكلات هيكلية تتعلق بطبيعة المجتمع وبنيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وهؤلاء الذين يصرخون بالشعارات الدينية الرنانة وخلفهم الجماهير الساذجة يتصورون بان الحاكم الذي يحمل الشعار الديني سوف يحل المشكلات المتراكمة بطلاسم سحرية وبسرعة خاطفة وانه سوف يخترع المعجزات بتعويذاته المقدسة . ولكننا نعتقد انه ليس بمقدور أي حاكم حل مشكلات مصر في ظل الظروف الحالية وذلك للأسباب التالية:

 

أولا – لدى الجماهير (المليونية) صورة مبالغ فيها عن إمكانيات مصر الاقتصادية وهي إمكانيات محدودة كما هو معروف ولا تتناسب مع حجم السكان أو مع حجم رغباتهم. هذه الرغبات التي تغذيها صورة دول الخليج النفطية بأفكار مضخمة ومبالغ فيها عن قدرة الحاكم على تغيير الواقع وتطويره بدون الحاجة إلى جهود الشعب ومشاركته الفاعلة.

 

ثانيا – أصبح المجتمع المصري مجتمعا طبقيا شديد التفاوت في الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء وهو أيضا شديد التفاوت في الوعي الثقافي والحضاري ، فهناك فئات تعيش عصر التكنولوجيا المتطورة جدا وفئة أخرى مازالت تعيش على الخرافات والأساطير القديمة وليس بينها أي رابط فكري مشترك ومن اجل التقريب بينها يتطلب أعواما طويلة .

 

ثالثا – إن مظاهرات ومليونيات ميدان التحرير أصبحت أدمانا لفئات المتعطلين والمهشمين والعاطلين عن العمل والمتمردين والمراهقين وهي شريحة واسعة في المجتمع المصري وليس من السهولة ثنيهم عن إدمانهم الذي بالإضافة إلى انه تنفيس عن مشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية هو أيضا نوع من الطقوس التي لها جانبها الاحتفالي المهرجاني الذي يجذب الشباب .

 

رابعا – كثرة الممنوعات والتابوهات لدى الأخوان المسلمين في بلد مورده الرئيس هو السياحة وله حدود ملغومة مع إسرائيل التي له معها تاريخ طويل من الصراعات مع أهمية إسرائيل للغرب الذي تحتاجه مصر ولا يمكنها الاستغناء لا عن العلاقات معه ولا عن مساعداته. فالأخوان عندما كانوا في المعارضة كانوا ضد إسرائيل والغرب على طول الخط ولكنهم ألان في السلطة التي تتطلب منهم تحسين علاقاتهم مع الجميع فهم غير قادرين على الحرب مع إسرائيل وغير قادرين على معاداة الغرب الذي بيده كل مفاتيح التطور الاقتصادي .

 

إن أمام الإسلام السياسي تجربة مريرة سوف يخوضها حتى النهاية وسوف تمزق هذه التجربة كل شعاراته الطنانة الواحدة اثر  الأخرى وسوف يتمزق الأخوان بين ضخامة هذه الشعارات التي كانوا يطلقونها في الصفوف الخلفية المريحة للمعارضة غير المسئولة وبين مطالب الاقتصاد الملحة التي تواجهها سلطتهم المسئولة والتي تتطلب المزيد من النظرة البراغماتية للسياسة والاقتصاد لمن هم في السلطة

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2168 الأحد 01/ 07 / 2012)


في المثقف اليوم