أقلام حرة

اليسار المصرى والثورة / حسام الحداد

لأسباب كثيرة منها واهمها كثرة منظرى اليسار سواء كانوا من شيوخ هذا التيار الذين نكن لهم كل الاحترام والتقدير رغم ان دورهم فى الحياة السياسية فى فترة ما قبل الثورة وما بعدها لم يكن سواء محاولات لقراءة الواقع من خلال ما حفظوه من ثنايا كتب ماركس ولينين وباقى رموز المدرسة الماركسية السوفيتية مما ادى الى تحول هذا الفكر الى فكر سلفى ماضوى قائم على احكام من سبقونا بغض النظر عن الواقع العملى وتحولاته وهذا ما يؤكده تراجع دور الخطاب اليسارى الممنهج فى الشارع وثانى هذه الاسباب وجود كم هائل من الشباب الذى يدعى اليسارية بغض النظر عن مدى وعيه الكامل بهذا التيار ناهيك عن الخبرة المحدودة لهؤلاء الشباب فى قراءة الواقع والتفاعل معه مما ادى الى كثير من التخبط فى الخطاب اليسارى بشكل عام وكانت نتيجته ترك الساحة السياسية للتيار المتأسلم . وما دعانى الان للكتابة هو شعور بالمسؤلية تجاه تيار انتمى اليه منذ الطفوله واثق بأنه الاقدر على قيادة المرحلة وتحقيق العدالة الاجتماعية الهدف الاسمى للثورة المصرية .. ومن هنا لابد ان نتعرف على الواقع وعلى طبيعة المرحلة لوضع آليات اجتيازها .

 

عدو اقتصادى ام عدو ايدولجى

فى فترة حكم مبارك وما قبلها بداية من الانفتاح الاقتصادى 1974 وكان اليسار المصرى يكافح ويناهض الرأسمالية العالمية متمثلة فى نظام رأسمالى تبعى بزعامة السادات ومن بعده مبارك الذى كرث لهذا النظام الرأسمالى التبعى وتخلص من القطاع العام لصالح الرأسمالية الطفيلية التابعه فكان الكفاح مريراً فى بداية حكم مبارك خاصة مع اختيارات مبارك التى ادت فى النهاية الى ان يكون النظام الاقتصادى المصرى فى ذيل الاقتصاد العالمى ويعيش على المنح والقروض وتحويل شركات القطاع العام والاقتصاد المصرى بشكل عام من اقتصاد منتج الى اقتصاد استهلاكى مما ادى الى زيادة معدلات الفقر والبطالة ولم يتعدى دور المعارضة اليسارية لهذا النظام سوى خطاب الشجب والادانة على صفحات الجرائد وفى قليل من الاحيان مقابلات تلفزيونيه مدفوعه الاجر لبعض رموز هذا التيار هذا بجانب تحالف هذا التيار مع النظام السابق فى حربه ضد التيار المتأسلم متجسداً فى حرب ضروس بزعامة رئيس حزب التجمع ضد جماعة الاخوان المسلمين وادى هذا الوضع فى النهاية الى عمليات هجرة منظمة من الاحزاب اليسارية الى حركات احتجاجية فى الشارع كان اهمها حركة كفاية و6 ابريل ومن قاموا بهجرة الاحزاب اليسارية ارتموا فى احضان الجماعة كبديل لاحزابهم وكرفيق معارض لنظام مبارك فى الشارع المصرى وفى نفس الوقت احتياج الجماعة (جماعة الاخوان ) لفصيل ثورى يقف بجوارها ضد نظام مبارك فحدث تحالف كفاية و6 ابريل والاشتراكيين الثوريين مع الجماعة بداية من 2004 وفى هذا التوقيت انسحب اليسار تماماً من المشهد السياسى الا فى الغرف المغلقة والهجوم على جماعة الاخوان تحت شعار ان العدو الايديولجى اكثر شراسة من العدو الاقتصادى

 

اليسار فى المرحلة الانتقالية

على مدار عام ونصف العام من الثورة اتضح ان الثورة لم تصل الى التيار الاشتراكى او اليسارى بعد فمازال الخطاب السياسى كما هو يتميز بالمهادنة والوقوف بجانب النظام السابق ضد الجماعة (جماعة الاخوان) مما ادى الى هجرة ثانية لهذه الاحزاب خاصة حزب التجمع والحزب الشيوعى المصرى ادى فى النهاية الى تأسيس اكثر من ثلاثة احزاب جديدة تنتمى للتيار اليسارى فى محاولة من رموز هذه الاحزاب الى ايجاد دور لها فى مصر بعد الثورة فتشكل حزب التحالف الشعبي الاشتراكى والحزب الاشتراكى المصرى وحزب العمال الديمقراطى فى محاولة من هذه الاحزاب ان تكون الوريث الشرعى للتيار اليسارى فى الشارع السياسى المصرى ورغم تعدد الاحزاب اليسارية لم تستطع ان يكون لها تواجد حقيقى فى الشارع وخير دليل على هذا الانتخابات البرلمانية هذا بجانب عدم امكانية اتفاقها حول مرشح رئاسى واحد فكل حزب قدم مرشح له ولم ينل المرشحين الثلاثة شرف المنافسة فى الانتخابات بل جاء مرشح التيار القومى ( الناصرى) حمدين صباحى  لينافس منافسة شرسة على المركز الثالث وهذا ما يؤكد على عدم وجود قاعدة جماهيرية للأحزاب المنتمية لليسار نتيجة لتعالى الخطاب اليسارى من ناحية وانفصال النخبة عن القاعدة من ناحية اخرى ناهيك عن تشويه كل فصيل للفصيل الاخر وعدم اتفاق هذه الاحزاب او صنع تحالفات فيما بينها لمواجهة تيار معين هذا هو المشهد العام قبل الثورة وفى المرحلة الانتقالية فماذا يفعل اليسار المصرى فى المرحلة القادمة؟

 

سوف نترك اجابة هذا السؤال للمقال القادم بعد ان نفتح حوار حوله وان يكون السؤال الرئيسى فى هذا الحوار ما هو شكل المعارضة اليسارية فى ظل وجود الاخوان على رأس السلطة السياسية فى البلاد

 

بقلــــم / حسام الحداد

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2171 الاربعاء 04/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم