أقلام حرة

من المستفيد من التفرقة بين السنة الشيعة؟؟ / قاسم خضير عباس

يعد قدوة لنا في حياتنا المعاصرة ؛ ونحن ندعو للعداله الاجتماعية، ولذا كنت من المنتقدين للاسلاميين العراقيين في العراق ، لأنهم قد ابتعدوا كثيرا عن منهج الإمام علي بن أبي طالب في الحكم والسياسة ومعاملة الناس. فقد كان عليه السلام نموذجا رائعا للتسامح، واحترام الآخر، وحل مشاكل الناس والتعايش السلمي بين الناس جميعاً مسلمين وغير مسلمين.

لقد اتفقت الروايات من الفريقين سنة وشيعة على فضائله عليه السلام، وعلو شأنه، وعظمة شخصيته التي تؤهله أن يكون في القمة. ولذا يمكن أن نتخذه مرتكزاً لوحدة المسلمين، لا مجالاً للفرقة والتناحر.

ومن المعروف أنَّ أعداء الإسلام قد استغلوا الفرقة بين المسلمين لتمرير مؤامراتهم الدنيئة، ويُذكر أنَّ الصهاينة في فلسطين قد تبنوا مشروعاً لتفتيت العالم الإسلامي، من خلال بث الفرقة بين السنة والشيعة، وإغراء الأقليات على الانفصال.

ولهذا فإنَّ مجلة (معاريف) اليهودية قد نشرت في 18 ديسمبر 1981 مقالاً لـ(آريل شارون) قال فيه : (إنَّ سياسة التفتيت يمكن لإسرائيل من الوصول بمجالها الحيوي إلى أطراف الاتحاد السوفيتي شمالاً، والصين شرقاً، وأفريقيا الوسطى جنوباً، والمغرب العربي غرباً، فهذا المجال عبارة عن مجموعات قومية وأثنية ومذهبية متناحر .إنَّ التعددية في المجتمع الإسلامي، وتنوع الفكر والفقه، شيء ايجابي، إذا تخلصنا من تراكمات التاريخ المليء بالمعاداة للاخرين، وتركنا فتاوى التكفير للاخر، ووصفه بأشنع الأوصاف.

التعددية في المجتمع لا بد أن تكون في إطار جامع، ضمن منهج يستوعب الجميع، وإلا ستكون تشرذماً وتفتتاً يستغلها أعداء العراق . وهنا تبرز مسألة الخصوصية والتميّز في إطار الإسلام لفرق يجمعهم مبادئ القرآن العامة ، وهذا هو التنوع لمذاهب وتيارات تظللها مرجعية التصور الإسلامي الجامع، وخصوصيات متعددة في إطار ثوابت الوحدة الإسلامية. وجامع الإسلام هذا لا يقف عند دائرة الاعتقاد الديني وحدها، فيكون مانعاً لغير المسلمين من الوجود والتميّز في إطاره، وإنما هو شامل لدوائر الحضارة والثقافة ومنظومة القيم الإيمانية التي تجمع غير المسلمين في هذه الدوائر المتعددة والمترامية الأطراف لجامع الإسلام، الأمر الذي يجعل هذه التعددية نمواً وتنمية للخصوصيات، مع احتفاظ كل فرقائها، وأطراف الخصوصيات، وأفراد التنوع بالروح الإسلامية، والمزاج الإسلام  .
ولذا فإنَّ الشهيد المفكر الإسلامي المبدع محمد باقر الصدر قد خاطب الجميع سنة وشيعة بقوله: (وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حيث دافعت عن الرسالة التي توحدهم جميعاً، وعن العقيدة التي تضمهم جميعاً، ولم أعش بفكري وكياني إلا للإسلام: طريق الخلاص، وهدف الجميع) .

الواقع أننا بحاجة إلى منهجية جديدة لقراءة التاريخ لا تهادن الحكام الظلمة، وبحاجة إلى فتح الحوار مع جميع المذاهب وفق أسس أدب الحوار، وبحاجة إلى أسلوب ناهض في العمل الإجتماعي والسياسي يجمع الجميع سنة وشيعة مسلمين وغير مسلمين في عملية التغيير المطلوبة لمواجهة مؤامرات  النظام الدولي الجديد، وبحاجة إلى جرأة فقهية من العلماء الشرفاء من الفريقين للوقوف بوجه الفتاوى التكفيرية، لأنها وسيلة المتخلفين والجهلة،
فالمبادرة للتكفير (إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل) كما قال العلامة أبو حامد الغزالي في كتابه فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة.  

إنَّ الاجتهاد واختلافه من مذهب إلى آخر، لا يعد خروجاً عن الدين، ومبرراً لتكفير الآخر، لأنَّ الجميع يستند ويرجع إلى قواعد إسلامية عامة، لا تجيز الاجتهاد في القضايا المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، لأنه لا يجوز الاجتهاد قبال النص.

 وعليه فإنَّ الترابط الحي بين العام والخاص؛ بين النص الشرعي العام والفتوى؛ بين المبادئ العامة والفكر الإسلامي الإنساني الخاص هو شيء طبيعي، طالما انطلق الجميع من الحرص على الإسلام والمسلمين، ومن فهم الدليل الشرعي. وضمن هذا المجال تتلا قح الأفكار وتتحاور، دون تكفير للآخر، ومصادرة أفكاره، وممارسة عملية إقصاء، وتعصب غير مبرر يفتقد للحجج الشرعية

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2172 الخميس 05/ 07 / 2012)


في المثقف اليوم