أقلام حرة

للمتفرغين ... فقط / ماجد العاتي

منزل طالما حلمت به، سقف يحفظ اطفالي من تجرع لوعة البيوت المؤجره،وذلة السكن في بيوت (الحسوام) بعد أن عجزت كل الحكومات السابقة والحالية عن توفير أبسط حقوقي ألا وهو (السكن ألملائم) كما ورد في دستورهم (الديناميكي) الذي لا أحترمه أبدا، وكلمة ألاحترام هنا لاتعني عدم احترام الكلمات التي صيغ منها الدستور، فهي مجرد كلمات، لم تحفظ حق أحد ولم توفر ابسط الوعود الكاذبة التي جاءت في بنوده، ببساطة أنني لا أحترم هذا الدستور لان من كتبه لا يحترمه، وها هم قرود السياسة يتقافزون على هذا الدستور وفقا لما تشهيه مصالحهم ورغبات أسيادهم .

ألكلام كثير لكني أعدكم بأني سأدخل بألموضوع

لملمت ما معي من مال  مضاف لها حصتي من دار أهلي واشتريت لي قطعة أرض في بستان غير أخضر  يملكه  أحد أصدقائي،  أشتريت كل مستلزمات ألبناء ووضعتها قرب أرض ألمنزل أستعدادا لمعركة البناء، معركة صعبة سأقوم بها وحدي  بمعونة الله وبدون تدخل من الحكومة او من دول الجوار  وهذا شرف كبير أعتز به.

وبما أن مواد البناء مرمية في ألعراء لذا توجب علي  أن أبحث عن حارس يحرسها من أللصوص

ووجدت ألحارس، رجل عجوز صلب ألعود وألرأي، وياليتني لم أجده فهو ألسبب بما حصل لي، وهو ألسبب بتغيير أفكاري، وسأقول لكم السبب

أين سأضع ألباب الرئيسي؟ سألت نفسي بصوت مسموع، فأجابني ألحارس ألعجوز ألذي لم أنتبه لوجوده قربي :-

ياولدي أنت لا تملك جارا حول منزلك، وهذا يعطيك اربعة خيارات بواجهة المنزل

أجبته بألايجاب لان كلامه صحيح جدا وسألته :-

مارأيك بجهة ألشمال سأضع واجهة البيت بأتجاه ألشمال مارأيك ياعم؟

رفع ألحارس كوفيته(غترته)الى اعلى جبهته وقال لي:-

ياولدي أنت حر بأختيار ما تريد فهذا منزلك لكن ان كنت تريد رأيي فأنا أقول لك أن جهة الشمال لا تفيدك ابدا فرياح السموم الحارة والغبار الاتية من جهة الشمال ستجعل بيتك جحيما في الصيف، اما في الشتاء فسيكون بيتك شديد البرودة، ياولدي كل شيء يأتي من جهة الشمال هو مؤذي هذا من جهة اما من جهة اخرى فكل السخافات وقرارات شن الحروب والغزوات، واوامر الموت جاءتنا من جهة الشمال، فأذا قالت (النجف) أجابت البصرة( سمعا وطاعة )وبدون تفكير، واذا قالت (بغداد) وجب على البصرة (الخضوع) اختيارا او كرها .

وها هي البصرة كبقرة عجفاء يحلبونها بأستغلال ولم يفكروا يوما بأطعامها، والله انه من العيب علينا أن نترك غيرنا يتحكم بمواردنا ولا يلقي الينا سوى الفتات ها نحن عبيد للشمال ومنذ الازل قل لي بربك ماذا حصلنا من هذه العبودية؟

سيخدعوك بأسم الوطنيه ما ان يسمعوك وانت تتكلم عن الانفصال وسيقولون لك بأنك تريد تمزيق الوطن، وأنا اقول لهم أن وطنا لايوفر كوخا لفقرائه لايستحق ان نسميه وطن، وهذا الوطن الذي يتحدثون عنه هو وطن ممزق اصلا فأذا كنت لا تصدق فأذهب الى اربيل وسترى أن هناك نكتة اسمها (العراق) والامور واضحة جدا للعيان فأذا كانت البصره تملك هذه الخيرات وهم يهملوها بهذا الشكل  فما بالك لو كانت بدون خيرات ؟، دع الحديث عن الوطن والمواطنه فأنها أكذوبة يستفيد منها من يسرق خيرات البصره كي يعمر بها بغداد واربيل وباقي مدن هذا الوطن الجاحد، هذا الوطن الذي جعل من البصرة شمعة تنير العراق وأبناء البصرة يعيشون في الظلمة، أي عدل هذا؟وأي وطنية هذه ؟

ياولدي اغلق باب الشمال،باب( الشر) الذي لا ينتهي طالما بقينا عبيدا له.

نعطيهم النفط وخيراته وهم يرسلون  لنا هدية هي عبارة عن (بولهم وغائطهم) يطفوا فوق سطح دجلة والفرات كي نشربه من شط العرب، نرسل لهم الخير ويرسلون لنا (البول).بئسا لك ياوطن

 

أصبحت قدماي كخشبتين  جافتين وأنا أستمع لكلام ألحارس العجوز،كلام صادق جعل قلبي يرتجف من( رهبة ألصدق)، افترشت الارض بذلة (بصراوية) كي استمع للمزيد من كلامه وعاد يقول:-

يا ولدي هذه خيرات البصرة مليارات الدولارات يتمتع بها سبعة او ثمانية أشخاص فقط مع أتباعهم، فهل قاموا ببناء كوخا واحدا لفقير من فقراء البصرة وهم كثر؟

ياولدي أغلق باب جهة الشمال فلن تحصد منه شيئا سوى الكذب والفقر والاستغلال.وها هم يتناطحون في ما بينهم هل تعرف السبب ؟ هو نفس السبب الذي يجعل من الذئاب تتقاتل في ما بينها من اجل فريسة ’ نحن فريسة يا ولدي . أغلق باب( مصاصي الدماء) سوف تنال الراحة للابد.

رحت أستمتع بكلامه ومشورته وسألته:-

وما رأيك لو جعلت واجهة بيتي نحو ألشرق؟

فأجابني:-

وهل ستتحمل حرارة شمس ألصباح في الصيف؟ طبعا لا، ثم أن بيتك سوف لا يتحرك به تيار هواء ابدا، سيكون جو بيتك راكدا خانقا  وستبقى رهن ما يأتي أليك من الشرق من (جهل) ومنتوجات (الحلال والحرام )الكاذبه وستبقى تدرأ عن نفسك الفتن الاتية من الشرق، ورياح الشرق لا تأتيك الا بالتوجس وعدم ألطمأنينه وعدم الاستقرار.

ولا أنصحك كذلك  بأن تجعل واجهة منزلك نحو الغرب ابدا .

فسألته عن السبب فقال:-

سيكون بيتك عبارة عن فرن لشوي البشر بفعل حرارة شمس الظهيرة وبفعل الافكار المسمومة من تلك الصحراء افكار لا تؤمن الا بقتل الآخر، افكار لا توحي الآ بالفتن الطائفية المسمومه،

عقول سخرت الدين للقتل والتدمير فقط، صحراء لا ترسل لنا اللا الارهاب، أغلق باب الغرب فليس لك به نفع ابدا.

ياولدي اغلق ابواب الشمال والشرق والغرب واجعل واجهة بيتك نحو الجنوب بأتجاه البحر ستضمن أن يبقى بيتك دافئا في الشتاء اما في الصيف فستأمن رياح السموم والغبار،وسيهب عليك نسيم البحر حتى لو كان حارا ورطبا فهو ارحم من كل استغلال كريه واهون من كل حقد اهوج، لا تستغرب قولي فأنت تسألني عن واجهة بيت وأنا اجيبك عن واجهة وطن وأرجو ان تعلم بأن ألاوطان ألمحترمه تبدأ ببيوت صغيرة محترمة.

 

ماجد العاتي

ألبصرة 5/7/2012

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2174 السبت 07/ 07 / 2012)


في المثقف اليوم