أقلام حرة

ما بعد مرحلة الطالباني / أمين يونس

منهمكة منذ مُدة، بالتهيؤ لمرحلة [ما بعد جلال الطالباني] . فالرجُل كما يبدو .. يستطيع بالكاد إنهاء فترة رئاسته للبلد، والتي لم يبقَ منها إلا أقل من سنتَين . وإستناداً الى وضعه الصحي الحالي .. فليسَ من المُتوّقع ان يكون بإمكانه بعد سنتَين، مواصلة قيادته للإتحاد الوطني الكردستاني .. لذا فمن المُرّجح ان " يتقاعد " الطالباني ويترك مناصبه . ولعلَ مُقررات المؤتمر الأخير الذي عقده الإتحاد الوطني .. أفرزتْ بعض المؤشرات التي كشفتْ عن ملامح " خُلفاء " الطالباني .. وفي مُقدمتهم : برهم صالح وكوسرت رسول . علماً انه يجب عدم التسرُع في إصدار الاحكام حول مَنْ سيكون الرجل القوي بعد الطالباني .. ففي مقارنة سريعة مع " الحزب الديمقراطي الكردستاني " .. نكتشف بسهولة الفرق بين التنظيمَين في هذا المجال .. حيث ان الأخير أي الديمقراطي، قد نجحَ في حَصر كُل السُلطة " الفعلية " في هَرمٍ صغير من المكتب السياسي .. يتربع فوقه الرئيس نفسه وتتكون أضلاعه من أقرباءه المُقرَبين .. في حين ان الاتحاد الوطني " رغم سيطرة الطالباني الواضحة " على المكتب السياسي .. ولكن ليس بالدرجة التي موجودة في الحزب الديمقراطي ولا بالشكل نفسه .. والدليل على ذلك .. هو الإنشقاق الناجح، لأبرَز قيادات الاتحاد .. ألا وهو " نوشيروان مصطفى " وتشكيله حركة سياسية مُنافسة بِجدية لتنظيمه السابق . ولا أحد يتصور ان يحدث شئ مُشابِه داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني .. فحتى إذا خرجَ أحد القيادات من الحزب .. فأنه لن يستطيع مزاولة " المُعارضة " في نفس منطقة نفوذ حزبه القديم ! .

وينبغي الإشارة الى وجود ما يُمكن تشبيهه ب " مراكز قوى " داخل الإتحاد الوطني الكردستاني .. ليست بعيدة عن " المناطقية " وليس من السهل، القفز فوق حقيقة، وجود تنافس خفي بين مجموعة السليمانية ومجموعة أربيل .. إذا جازَ القول .." حيث ان تطعيم قيادة الإتحاد في العقدَين الاخيرَين، ببعض الوجوه من منطقة بهدينان، لم يؤدي الى خلق توازن حقيقي، ولم ينجح في إلغاء الإنطباع السائد، حول " سورانية " الإتحاد ! " .

وفي صدد موضوعة خلافة الطالباني .. لايمكن " تجاهُل "، قُوة السيدة ( هيرو ابراهيم احمد ) حرم الطالباني ومَيلها الى الإنخراط في الشأن العام  . علماً ان " معظَم " قيادات الاتحاد الوطني الكردستاني الفاعلة .. مُرتبطين إرتباطاً وثيقاُ، بمصالح إقتصادية مُتشابكة كبيرة .. لن تكون بعيدة، عن اجواء إختيار الطاقم الذي سيقود الإتحاد بعد الطالباني .

.......................................

كُل ما ورد أعلاه .. يُشكِل في رأيي جانباً من المشهد .. اما الجانب الآخر .. فيتمثل في : العلاقة المستقبلية بين الإتحاد الوطني الكردستاني وحركة " كوران " . فمع الإعتراف بكاريزما جلال الطالباني وكونه القائد الكبير وأبرز مؤسسي الإتحاد الوطني .. فلا أحد يختلف، بأن الذي يليه في هذه الصفات .. إن لم يوازيه .. هو " نوشيروان مصطفى " .

هنالك العديد من العقبات، في طريق تقارب جدي بين " كوران " والإتحاد .. وهنالك صعوبات كثيرة، تقف في سبيل إندماجهما مع بعض ثانيةَ .. لكن في السياسة ولا سيما في العراق واقليم كردستان .. لاشئ مُستبعَد ! . ففي الستة أشهُر الأخيرة فقط .. صعدتْ أسهم حركة كوران وزعيمه نوشيروان، بشكلٍ جَلي .. كردستانياً وعراقياً وحتى أقليمياً .فتتالتْ زيارات قيادات الحزب الديمقراطي والاتحاد الى " تَل " كوران .. وأرسلت بغداد وفودا من المالكي وغيره للقاء نوشيروان .. حتى السفارات الاجنبية ومن ضمنها الامريكية والبريطانية، سارعتْ بإرسال مندوبيها الى هناك .. بل ان القيادة الايرانية دَعتْ نوشيروان لزيارة ايران رسمياً .

أعتقد ان التحالف الاستراتيجي بين الديمقراطي والاتحاد .. في طريقه الى الإضمحلال .. وإذا قبل الإتحاد الوطني .. في مرحلة التحضير لِما بعد الطالباني .. إذا قبلَ بالتضحية ببعض قياداته التي تقف حجر عثرة، في طريق التصالح مع " كوران " وإذا رضى بتقاسم الثروة والنفوذ مع نوشيروان .. وإذا سّلمَ " الخلافة " والقيادة لنوشيروان .. فان هذا التنظيم : أي الاتحاد زائداً كوران .. سيكون قوياً الى درجة تؤهله للعب أبرز الأدوار في المرحلة القادمة .

أرى انه لو غاب الطالباني عن الساحة السياسية .. ولم ينجح الإتحاد الوطني، في التفاهُم الكامل مع حركة كوران .. فأن إنقسامات درامتيكية تنتظر الإتحاد !.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2175 الأحد 08/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم