أقلام حرة

لماذا يتهم الشاب المثقف بالتعقيّد؟ / حيــدر الخضـــر

من الامور وهذا ما جعل أغلب شبابنا يفكر بسطحية باحث عن الشكل تارك المضمون في مختلف المجالات الحياتية، فالشباب اليوم بمختلف طبقاتهم سواء كانوا متعلمين ام اميين بعيدين كل البعد عن الواقع الذي يعيشه العالم وكانما هم في عزلة عن المجتمع بعد ما كان الشباب العراقيّ اسوة حسنة يعتد بهم شباب العالم العربي بفكرهم وثقافتهم ورصانتهم وكان الشباب العراقيّ هم الطلائع بالمجتمع بالحركات الفكرية والثقافية والسياسية وهم من يصنع الحياة حيث كانت الثقافة شيء عام في المجتمع تجدها عند المعلم والدكتور والمهندس والمحامي وحتى الامي فكان مجتمع يزاول الثقافة منذ تاسيس الدولة العراقية 1921 الى حقبة الثمانينيات تقريباً عند ما جاء النظام الصداميّ وغير مجريات الحياة الفكرية والثقافية وهذا النهج بقى حتى يومنا هذا، فاليوم الثقافة اصبحت تشكل شيء إستفزازي لشريحة الشباب فإذا قلت لشاب أنت مثقف كأنما قلت له أنت معقد وهذا يتضح في عيون المجتمع فعندما يحاول شاب الإطلاع على ضروب العلم والمعرفة وكثير من الامور ينعت بهذه التسمية وهذا أدى الى حالة من الانكماش للشريحة الشباب أتجاه الثقافة والفكر وهذا مفهوم خاطيء يعيشه شبابنا ومثقفينا على حد سواء فاغلب المثقفين الذين يدعون الثقافة اليوم هم جهلاء ؛ لأنهم منغلقين بمعرفتهم ويفكرون بمنطقية البرج العاجي والغرور والإستكبار عكس ما تحمله الثقافة من إنسانية وأبعاد للإنفتاح على المجتمع فلو أردنا ان نتعرف على ابسط مفاهيم الثقافة يمكن إن نقول أن الثقافة هي معرفة بعض الشيء عن كل شيء والانفتاح على الاخر واحترامه وتقديس فكره ايً كان، يتصور الكثيرون من الشباب وحتى الأكاديميين للأسف أن الثقافة هي الإرتقاء عن الناس الى مستويات فكرية عالية وتجهيل الأخرين فكثير من الأكاديميين يترفعون عن البشر وينتابهم الغرور نتيجة الرصيد الفكري الذي يمتلكونه في إختصاص ما وهؤلاء هم الجهل بعينه وليس الثقافة، فالثقافة هي الإنفتاح على الاخر وأستيعابه كما أسلفت كما إنها لا تقتصر على معرفة ما فهي لفظة موسوعية فمعرفة كل ما في الكون على بساطته يعد ثقافة ولكن هذا المفهوم لم يصل الى الشباب وانما اخذوا نظرة معقدة على الثقافة متصورين ان الانغلاق الفكري والترفع عن الناس هي الثقافة وهذا المفهوم يناقض الثقافة جملة وتفصيلا فكل شيء في الكون يدخل ضمن موسوعة الثقافة على سبيل المثال أن النكتة المتداولة في اوساط المجتمع هي ثقافة وكذلك (التحشيشات) الشائعة هي ثقافة وكذلك الأمثال ثقافة الخ ... واي شيء مهما كان في نظر المجتمع حتى وأن كان تافه فهو ثقافة ومعرفة، فالشاب العراقيّ اليوم يتخوف من لفظة ثقافة وكانها تهمة بانه معقد ومنغلق على نفسه ويحاول ان يبتعد الشباب عن القراءة والاطلاعات الفكرية حتى لا يصاب بمرض التعقييد، إن الإطلاع لا بد له من تطبيق ونقل كل ما يستفاد منه الفرد لفائدة نفسه والمجتمع أما الإطلاع دون تطبيق فهذا يمثل الجهل بعينه والأنغلاق وعدم الإنفتاح على الأخر وكثير من الناس الذين يدعون الثقافة منغلقين على أنفسهم غير منخرطين بالمجتمع بعيدين عن قضايا الناس وهمومهم فهم يظنون أن المجتمع لم يعد بمستواهم فلابد لهم من الترفع عنه وهذا ما أدى بالشباب إلى الإبتعاد عن الثقافة ؛ لأنهم يتخوفون من التعقييد أو النعت به ولكم هذا شائع في مجتمعنا ! فاذا وجدنا أحد الشباب يقرأ أو يتفوق أو يجتهد في بعض المسائل ينعت بانه معقد ويقال له بالعامية انت (عكرة)، إن القضية ليس عند الشاب وأنما عند المثقفين الذين صوروا هذا النموذج للشباب أما الشباب عليه أن يتحرر من هذا المنطق الجاهل ويواكب العالم المنفتح الحر ويطلع على كل معرفة حتى نرتقي بحياتي شعبنا ووطننا وقبل كل شيء على الشباب أن يتحرر من التعقييد ويأخذ الأمور ببساطة ولا يحمل المسئلة ما لم تحتمل  .

حيــدر الخضـــر

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2175 الأحد 08/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم