أقلام حرة

المالكي والهروب الى الأمام / امين يونس

تصدير النفط بِحُرية ولا أن يستورد البضائع التي يريدها .. فأن النظام أوجَد منافذ يستطيع من خلالها، الإلتفاف على العقوبات " عبر الحدود مع الاردن واقليم كردستان ومن ثم تركيا، لاسيما في تهريب النفط وإستيراد مختلف البضائع الممنوعة " .. وبالتأكيد لم تكن هذه الخروقات، خافية على الامم المتحدة او الولايات المتحدة .. لكنهما كانتا تتجاهلان الأمر وتتعاميان عنه ! .. ومن نافلة القول، ان تلك العقوبات والحصار الظالم المفروض على العراق حينها، لم يُؤثِر مُطلقاً على [النظام] .. بل ان الذي عانى في الحقيقة، هو الشعب فقط ... حيث انه في سنوات الحصار تلك، قام صدام ببناء قصوره الضخمة الباذخة وأقام إحتفالات أعياد ميلاده الخُرافية في بذخها .. في حين كان الأطفال يموتون يوميا من شحة الدواء والغذاء . 

واليوم هنالك عقوبات دولية مفروضة على كُل من ايران وسوريا .. واليوم تتكرر الصورة، ويترسخ نفاق وكذب المؤسسات الدولية والولايات المتحدة الامريكية .. فالحصار والعقوبات، لاتؤثر كثيراً في انظمة الحكم المستبدة في ايران وسوريا .. بل ان الشعبَين الجارَين .. هما مَنْ يدفع الثمن الفعلي . وهاهو النظام الإيراني يخرق الحصار ويتجاوز العقوبات، كما فعل صدام قبل ذلك .. ومن سوء حظنا .. اننا في العراق، في موقعٍ جغرافي بالغ الحساسية، يتأثر بمحيطه سلباً وإيجاباً .. بل على الاغلب سلباً ! . فرغم التعتيم واللاشفافية، فهنالك الكثير من التسريبات حول تهريب كميات ضخمة من العملة الصعبة، والدولار الامريكي خصوصاً، من العراق الى ايران .. وكذلك التعامل التجاري والنفطي والغازي، حيث أمكن بين البلدَين .. وحتى هنالك انباء غير مؤكدة، عن تحويل أسلحة وعتاد من ايران الى سوريا، عبر الاراضي العراقية .. بل وحتى تهريب اموال كبيرة من العراق وتسليمها الى حزب الله في لبنان .. رُبما تكون هذه الإخبار، مُجرد إشاعات أو فيها الكثير من المُبالغة .. لكن هنالك إحتمالات أيضاً، ان تكون صحيحة جزئياً . وفي هذه الحالة .. لا اتصور، ان الولايات المتحدة الامريكية، بسفارتها العملاقة الأكبر في العالم وآلاف العاملين فيها، ومُخابراتها وأذرعها المبثوثة على طول الحدود مع ايران وسوريا .. ان تكون غافلة عّما يجري أو ماذا يعبر من هذا الإتجاه او ذاك .. ولكن سياستها الخبيثة والمواربة، هي التي تُشّجِع كما في السابق، على الفساد وخلق المشاكل وتأزيم الأوضاع .

من ناحيةٍ اُخرى، فان " نوري المالكي " الطامح بوضوح، ليسَ الى الإستمرار في الحكم لأطول مدة، فقط .. بل الى لعب دَورٍ أقليمي في المرحلة القادمة .. والحصول على [إعترافٍ] ضمني لهذا الدَور، من الولايات المتحدة الامريكية والغرب وكذلك من دول الجوار . والأدلة على ذلك كثيرة : فمن تهالكه على عقد القمة العربية العرجاء في بغداد .. الى إستضافته لإجتماع خمسة زائد واحد الخاص بالملف النووي الايراني .. الى إستعداده للوساطة في الأزمة السورية المتفاقمة . كُل ذلك يشير الى إهتمام المالكي، بصورةٍ كبيرة، بالوضع الأقليمي، ولاسيما .. إيجاد موطأ قدم لِدَورٍ له بالذات في المشهد . انه نوعٌ من " الهروب " من الأزمة الداخلية العراقية وإستحقاقاتها.. هذه الأزمة المتصاعدة، التي هو .. أي المالكي أحد أهم أسبابها !.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2181 السبت 14/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم