أقلام حرة

موقع الكورد عند الصراع الروسي الامريكي في هذه المرحلة / عماد علي

منها بشكل خاص والذي يتميز بمحتوى مغاير تماما لما كانت عليه من قبل، يجب ان تكون الوقائع والحالات والظواهر الاقليمية العديدة امام انظارنا، عند توضيح ما نريد الخوض فيه من موقع الكورد وتاثيراته ودوره في ادارة الصراعات والتقاطعات الملحوظة بين الجهات، كي نحلل ونبين بشكل جلي وسليم هذا الموقع ومدى ثقله لبيان كيفية دخوله في الصراعات وكيفية التعامل مع الموجود والمستجد، لاستنتاج ما يفيد ولتجنب السلبيات وما لا يقدم او يؤخر شيئا للمسالة الكوردية المعقدة . وللخروج بنتائج مستوفية في نهاية المعادلات وما تفكر به القوى العظمى وفق مصالحها الاستراتيجية وتكتيكاتها المتبعة في الشرق الاوسط .

اولا : ظهور سياسة مختلفة واشكال جديدة للصراع بين روسيا وامريكا حول العديد من المسائل ونتسلم اشارات عديدة لوجود ملامح في الافق تشير الى نية القوتين في استظهار قوتهم وامكانياتهم للعالم وفق المعايير المختلفة التي يعتقدان بها، وتحاول روسيا بعد ان احست انها لها القدرة على ان تعزم الامر وهي تقوي من اعمدتها التي تبني عليها سياساتها الجديدة واسترخت في مواجهة مشاكلها بعض الشيء داخليا واعادت ترتيب اوراقها خارجيا، فتحاول ان تنطح راسها بالقوى الاخرى الاقليمية والعالمية لاغراض مختلفة وفي مقدمتها اثبات النفس واعلان الوجود في الامور العالمية الهامة. لذا يمكن ان يحس اي منا بوجود بدايات صراع المعسكرين وبعد قراءة موقع الصين ومواقفها .

ثانيا : الاستراتيجية المتنوعة لامريكا ونظرته للاحداث وتعامله مع منطقة الشرق الاوسط من منظورها ونيتها في البناء الجديد للمنطقة وتطبيق الخارطة الجديدة في جميع المجالات الجغرافية والسياسية والثقافية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، واحساسها ببروز سدود قوية امام تحقيق اهدافها، اضافة الى تاثيرات الازمة الاقتصادية العالمية وما تعانية منها .

ثالثا : المشكلة السورية واندلاع الثورة فيها وما احدثته من تقاطع المصالح الكبرى بعد ان استهل الجانبان الدخول في عمق سوريا وعند ابوابها وانبعاث فكر تثبيت الذات كمحاولة بدائية لروسيا للحفاظ على المصالح الخاصة ومنها المصيرية، وكذلك ما تنظر وتعمل وفقه الصين وما يفيد مصالحها ايضا على اختلاف ما تقوم به روسيا في كثير من الجوانب . الا انهما تلاقيا في الصراع مع الغرب في قضية سوريا . وظهر في الساحة لاعبون جدد ليس بالامكان الاستناد على جوهر مبادئهم ونظرتهم للسياسات الغربية وما تريده امريكا من تامين سلامة موقعها وتواجدها وتاثيراتها في المنطقة .

رابعا : بروز الكورد كعامل هام ورقم جدي وموقع ظاهر في المعادلات التي تديرها القوى العالمية، ويستعمل الكورد في بعضها  كعامل مساعد وداعم لتفاعل الاطراف والاهداف ومانع في اخر . ويكون له دوره في تحديد الطريق الرئيسي ويحسب له الحساب الذي لم يشعر من قبل، ويمكن ان يستعمل ويستغل ما يجري لضمان مصالحه، وعلى الرغم من تقاطع بعضها مع القوى الكبرى في المنطقة .

خامسا : عدم وضع الاستراتيجية الامريكية حول المسالة الكوردية بشكل قاطع، عدا بعض التلميحات والاشارات البسيطة من اجل استقراره، ولكن في تكتيكات امريكا اليومية يظهر الكورد كعامل هام وله مساحته كفاعل وطرف رئيسي، والارشادات او التعليمات التي يتلقاها الكورد لم تخرج من حدود مرحلة معينة، لتكون تحركات الكورد مرافقا او مساعدا لتحقيق نجاح سياسات امريكا العلنية والسرية في هذه المرحلة بالذات .

بعد التمعن في القراءات السابقة يمكن العروج على قراءة ما تصر عليه روسيا وامريكا في صراعاتهما لايجاد المباديء الاساسية لكيفية استنتاج وتصوير ما يمكن يفعلانه ويتعاملان به وما ينظران الى الكورد كجهة هامة في المعادلة، بعدئذ يمكن ان نوضح الخطوات وما يجب ان يخطوها الكورد بموازات المصالح المهمة لتلك الاطراف او الابتعاد عن الدخول في المعمات والمتاهات او التريث في ابداء المواقف او اختيار الطرف الاصح والملائم ان كان اجباريا  لبيان المواقف اللازمة للحوادث الكبيرة، والتي لا يمكن ان يقبل التردد باي شكل كان .

لو استوضحنا موقف روسيا بالذات في القضية الكوردية وبيٌنا قراءاتها لما يفعله الكورد وسياساته، اننا متاكدون من انها تفكر بشكل خاص ويمكن ان تكون في حال تصل احيانا الى مستوى الصراع والعداء ان امكن القول، وتحتسبروسيا الكورد ورقة رابحة بيد امريكا  في صراعاتها المتعددة في المنطقة وتظن انها تستخدمه في اية لحظة تحتاجها كما فعل المتحالفون معه تاريخيا، ويقول الاخرون بان الكورد ليسوا ضمن الاستراتيجية النهائية لتطبيق خطط امريكا  على العكس مما تظنه روسيا، هذا ان لم تستمد امريكا سياساتها في المرحلة المقبلة من خططها من ما يملك الكورد من العوامل لتغير خارطة المنطقة وان اجبرت بفعل الاسباب الاخرى  لتراجع عنها وان تريثت بشكل يمكن لتقادم الزمن ان يلغي تلك الاهداف . وان لاقت الضغط المناسب فانها تترك هذه الورقة وبالاخص انها اي امريكا لديها تحالفات عريقة مع جهات اهم في المنطقة والتي يمكن ان تتقاطع مصالح حلفائها ويقطع حبل التواصل والتعاون معها .

ان كانت سياسة امريكا في هذه الاونة، تنطلق من قراءاتها للصراعات المذهبية المسيطرة على المنطقة، فيكون الكورد ضمن تلك الصراعات وليس مستقلا فيها، وعليه يمكن ان يندمج في متطلبات تلك المعركة السياسية الدبلوماسية الخطيرة . ما يدفع الى التفاؤل قليلا، هو العامل الاقتصادي فقط، وهو اقوى عامل للاستناد عليه في الوصول الى المبتغى، اي ثراء كوردستان وما تحوي من النفط والمعادن النفيسة وهو ما يدعمه على عدم تخلي القوى الكبرى المهتمة بها ، وكما هو المعلوم اليوم، يحكم  الاقتصاد السياسة ويديرها في كافة انحاء العالم .

على الرغم من ان نظرة روسيا الى سياسات امركيا حول الكورد مبنية على النظرة القديمة الجديدة، على اعتبار انه تكمن في تلك السياسات  النيات وما تضمن امريكا من الخطط لما تمكنها من السيطرة على المنطقة بشكل حازم وما تفرضه المصالح المختلفة لها، هذه نظرة فيها من الحقيقة لا يمكن انكارها، الا ان متغيرات العصر وما تفرضه الخطط وخاصة السرية  المستقبلية بالاخص وما يفرضه الاقتصاد وما ظهر من العوامل وما برز من الاحداث واخيرا ثورات الشرق الاوسط، كل هذا يدعنا ان نلمس شيئا مغايرا تماما لما تقدم عليه امريكا، وهذا ما يفرض علينا ان نتسائل هل امريكا بحاجة الى اسرائيل اخرى ايضا ولكن اكثر ثراءا وما تملك من الثروات والموقع الاستراتيجي والقدرة المتمكنة المطلوبة لضمان سياساتها لضمان وصول الواردات المصيرية لبناء مستقبل اجيالها، والتي تدعها تحت الانظار دائما .

اذن موقع الكورد شهد تغيرا ملحوظا ويمكنه لاول مرة ان يعتمد على ما يمكنه من تحقيق اهدافه المصيرية ان اعتمد العقلانية والتحليل الصحيح والتعامل الواقعي مع الاحداث وبنى سياساته على ارضية قوية وانشا الاعمدة المطلوبة لرفع صرح كيانه المنتظر في الوقت المناسب، والخطا وان كان صغيرا وان ارتكب من قبل الكورد في اية لحظة لا يغتفر ابدا . 

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2182 الأحد 15/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم