أقلام حرة

أحاديث رمضانية: حكاية كتاب / سردار محمد سعيد

كنت حينها صغيرا ًولم أعرف عناوينها أو مضامينها، وبعد أن كبرت عرفت أنها فقدت أو ضاعت فسألت أحد أعمامي عنها فأخبرني أنه يمتلك واحدا ًوقدّمه لي هدية .

الكتاب سميك الأوراق المنفردة والتي جمعت معا بخيط متين ولا يضمه غلاف والصفحات الأولى ممزقة فلم أعرف اسمه أو اسم مؤلفه ومع ذلك فرحت به كثيرا ً

ولهذا الكتاب عدة حكايات أسردها لكم :

الحكاية الأولى

في دراستي في إعدادية الاعظمية للبنين في ستينيات القرن الماضي كان الوساطة التي تعرفت بها على أحد أساتذة الإعدادية وصار يعاملني كصديق

هو الأديب المصري (محمد خليفة التونسي) الذي يفخر بأنه أحد تلاميذ الأديب المعروف عباس محمود العقـّاد وكتب فيه قصيدة طويلة جداً سماها العملاقة في العملاق .

على كل حال طلب الإطلاع على الكتاب وبقي أسابيعا ًيبحث فلم يعثر لا على اسمه ولا إسم مؤلفه، وبقيت صديقا ً له حتى مغادرته العراق وقيل لي أنه رحل إلى المملكة العربية السعودية فانقطت أخبارة، فشكرت الكتاب لأنه كان سبباً في معرفتي بالاستاذ محمد خليفة التونسي .

 

الحكاية الثانية

في العام 1965 دخلت كلية التربية وتعرفت على بعض الطلبة المولعين بالكتب وذكرت أمره  فاقترح عليّ أحدهم عرضه على العلامة الدكتور مصطفى جواد وفي اليوم الثاني حملته وقابلت المرحوم مصطفى جواد عارضا ًالكتاب عليه فطلب مني مراجعته بعد ثلاثة أيام وأبقيت الكتاب عنده، وفي اليوم الثالث التقيته فاعطانيه  وكان قد كتب على الورقة الأولى بخط رقعة جميل بحبر أخضر ما نصه :

(هذا كتاب أخبار الدول وآثار الأول لأحمد القرماني وهو مطبوع طبعة حجرية يظن أنها مخطوطة) .

موقـّعا ً في نهاية العبارة .

تضاعف حبي واعجابي بالكتاب لأنه حمل نص وخط وتوقيع العلامة مصطفى جواد رحمه الله .

 

الحكاية الثالثة

 في العام 1981 غادرت إلى الجزائر للمرة الثانية وكان الكتاب حينه في بيت أهل زوجتي وكنت حرصت على إعادته لمكتبتي المتواضعة قبيل السفر ولكنني نسيته

وفي الجزائر تذكّرته، فقالت زوجتي (إقرأ عليه الفاتحة) لمعرفتها أن أختها لا تكره الكتب فقط وإنما تسميها (وعث) فتسلل الحزن إلىّ، ورحت ألوم نفسي على تفريطي به وفي العام 1984 عدت إلى العراق وزارت زوجتي أهلها وبقيت عندهم أياما ًوفي اليوم الرابع لزيارتها رن جرس الهاتف فإذا بزوجتي تقول:

لك عندي مفاجأة ستفرحك

ماهي

لقد وجدت الكتاب

بالله كيف فسارعت إلى بيت أهل زوجتي وأعطتني الكتاب وأخبرتني أنها وجدته مع مجموعة من كتب القران الكريم فلقد ظنت أختها أنه من كتب الأحاديث النبوية الشريفة فخافت من رميه كعادتها، ومن كرهها للكتب لم تكلّف نفسها بالإطلاع عليه فشكرت الجهل وشكرت الكتب الدينية التي اشتركت في الحفاظ عليه .

 

الحكاية الرابعة

في العام 2005 تعرض داري للسرقة ومن جملة ماسرق مكتبتي التي كبرت على مدى ثلاثين عاما ً وصارت تضم  شتى الكتب علمية وفنية وأدبية ودينية

وجدتها قد سرقت كلها عدا أحد الرفوف العليا والذي يضم نسخا ًمن القرآن الكريم وتفاسيره وكتب الأحاديث وكتبا ً عن الأئمة الأطهار ونسختين من الكتاب المقدس ونسخة من كتاب (كنزا ربّا)، ولخشيتي على الكتاب الذي أحدثكم عنه من عبث الزائرين والأطفال كنت قد وضعته في ذلك الرف العلوي، ويبدو أن السارق كان يخاف الله كثيرا ً فخاف من سرقة هذا الرفّ، وهكذا عاد لي مرة أخرى، فقررت أن يكون رفيقي أينما حللت .

مازلت أحتفظ به وما زلت أشكره فمن خلاله تعرفت على أستاذ جليل وعلامة ونابغة كبير وتعرفت على جهل كارهي الكتاب والناقمين عليه .

 

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها:  (العدد :2183 الاثنين 16/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم