أقلام حرة

اي موقف للمهتمين يقع لصالح الثورة السورية / عماد علي

رغم امتدادها غير المرغوب به من قبل اي طرف كان، الا تعنت السلطة القابعة الجاثمة على صدور المواطنين هو السبب . وتكشف لنا التغعييرات الجارية والمواقف المتعددة مدى التدخلات المؤثرة المفيدة هنا والمضرة هناك في ذات الوقت  في مسار الثورة ومجرياتها ووقائعها .

عندما ثار الشعب السوري بكافة مكوناته تطلع الى تحقيق امانيه التي انتظرها لسنين طويلة كي يحققها في اسرع وقت ممكن، ولم يكن يطلب او يظن هذا التدخل الخارجي الفضيح من قبل العدد الغفير من الجهات التي لم تتدخل بعض منها في الثورات السابقة  بهذة القوة والشكل رغم مصالحهم العديدة فيها، وكانت البدايات واضحة المعالم شيئاما ولم تكن الصحوة والثورة الا نتيجة القهر والظلم الذي لم يحتمل بحق الشعب السوري طوال العقود ولتوفر فرصة امكانية كسر القيد بعدما انتظر طويلا عندما ازيح حاجز الخوف المسيطر عليه لمدة غير معقولة وما تحمله بالصبر للاستبداد والكبت الذي عاش فيه في العقود المنصرمة . ذاق الشعب الامرين خلال محاولاته المستميتة للانتفاضات والثورات والاحتجاجات منذ مدة طويلة وقبل ان تندلع ثورات الربيع في الشرق الاوسط، وقدم الكثير في سبيل  الديموقراطية والتحرر من ربق الدكتاتورية البغيضة ولانقاذ الاجيال من ظلم الحلقة الصغيرة ومن يلف لفهم وبدعم ما يسمونه بحزبهم القائد الاوحد كما كان في العراق المسيطرايضا على زمام الحكم بالحديد والنار . كان بالامكان اتقاء لهيب نار الثورة وقطع دابر اي سلبيات تنتج عنها منذ البداية وكما قلنا في المقالات عند بداية الثورة، كان يمكن ان ان يعتبر من الثورات التي اندلعت من قبل وامكن الاعتبار منها ويخرج من الحال باقل خسائر ممكنة لو فكر النظام بعقلية منفتحة وكان يهمه الشباب ومستقبل البلد، ولم يفعل !! هكذا اصبحت الساحة السورية ساحة لكل من هب ودب  من القوى المختلفة خارجيا وضحى المواطن النقي من اجل اهداف حقيقية جميلة بعيدة عن المصالح المتنوعة والمتطلبات الخبيثة للسياسة والصراعات التي تعتمدها الاطراف العديدة الان في هذه الحرب الدائرة، والتي يستغلها المتصارعون الكبار والموالين لهم من اجل تصفية الحسابات العالمية والاقليمية الكبرى والاهداف المتنوعة والمختلفة الاشكال  والنوايا السرية . اصبحت الثورة السورية بحد ذاتها ساحة وعملية جارية للصراعات السياسية العالمية والمذهبية الاقليمية، وتكونت جراءها المحاور الجديدة  وانبثقت تحالفات، وكل طرف يغني على ليلاه ويشارك بكل ما يمكنه وما لديه من اجل تحقيق ما يهمه فقط، من خلال ما توفره له الثورة ويسهل من وصوله الى مبتغاه الاقليمي والعالمي . وللاسف تقاطعت المعادلات والاهداف العديدة واستجدت الكثير منها، مما ادى ذلك الى استطالة امد الثورة وتاجيل سقوط النظام الذي يعتبر انعطافة كبيرة في المنطقة بشكل كامل، وكما يغير حدوثها من وجه وسياسات البلدان الاقليمية العديدة من كا فة النواحي وبشكل ملفت.

ان القينا نظرة على مواقف المهتمين، فاقليميا هناك الجوار السوري ومواقف البعض المستمدة من نظرة بعضهم الى المنطقة من منظور ما يتمناه من اعادة التاريخ والادوار والهيمنة، واخرى من اجل الصراع السياسي والمصالح الاجتماعية الاقتصادية، وهناك المواقف القوية المستندة على الصراع المذهبي الدائر في المنطقة ومحاولة كل طرف اتساع المساحة السياسيية الجغرافية التابعة له وكسب الاطراف الجديدة والتاثير على مكونات وتركيب الاخر المختل لكل منهما اصلا، هذا اضافة الى مواقف من اجل تثبيت الذات واعادة الهيبة والمكانة العالمية مقابل تنفيذ الاجندات والخطط الاستراتيجية واعادة تنظيم وترسيم المنطقة من كافة النواحي .

و كما يعلم الشعب السوري ومكوناته المختلفة بانفسهم، ليس هناك شيء يدعه ان يعتقد بان اي موقف سواء كان داعما للثورة او مانعا لها او واقفا بكل قوة ضدها ان يكون من نتاج العقلية والنظرة والفكر الانساني الذي يقع لصالح الشعب السوري . اي المواقف السياسية كافة كيفما كانت باتت خارج نطاق ما يخدم الثورة ومستقبلها ونهايتها سواء ما كانت تساندها ميدانيا او تقف حجرة عثرة امامها . لذلك نسمع ونلمس  الاحساس الصادق من المواطن البسيط الذي لا يثق باي طرف ويرى نفسه وحيدا دون مسند امام الحديد والنار الذي يواجهه من قبل النظام الساقط بكل المقاييس، اليوم كان ام غدا . وهذا ما يدعنا ان نعتقد وبكل قوة مدى ارادة الشعب السوري وقدرته على التغيير وايمانه بالحياة رغم الصعاب . وهذا ايضا ما يدفع الى الاعتقاد بان ابناء الثورة هم من يجب ان يكون زمام الامور بايديهم دون ان يدعو اي طرف يستغل ما يجري لهم من اجل الاهداف الخاصة به دون اي رادع يمنعه، ويمنعوا اي تدخل مهما كانت قدرة الجهة المتدخلة . بعد ان فرط النظام المستبد بالفرصة الذهبية امامه للانتقال السلمي السلس للسلطة والبقاء على الطريق الضيق الوحيد الباقي لحد اليوم وغير المفيد للمواطن، وهو التنازل الطوعي لارادة الشعب، اليوم لابد من ايجاد منفذ للخروج من عنق الزجاجة للجميع بعيدا عن الويلات التي يمكن ان تحصل اكثر فاكثر فيما بعد . وان كان النظام لديه شيء من اللباقة السياسية وعزة نفس وكبرياء وذرة من الحرص على البلد لابد ان يعيد التفكير في نهاية الامر ويخرج  الناس من التعقيدات التي وقعت فيها دون رجعة، والاختيار الخاطيء للنظام هو الذي اوصل الحال الى ما يحدث وفرش الطريق امام القوى المناصرة له عند دعمهو ادى الى تعقيد المعادلات وكما مهد الارضية لتدخل من يعاديه من جانب اخر بالسلوك والاسلوب ذاته في نفس الوقت. فاليوم امامه الفرصة الاخيرة لقطع دابر التدخلات اكثر فاكثر غير المخلصة للشعب السوري للخروج من الازمة والحرب الطاحنة وانقاذ الشعب من الويلات الاكبر، فعلى النظام السوري  ان يفكر في الاختيار بين السيء والاسوء لنفسه وكلا الخيارين مر وان يتنحى، وبين الحياة والموت للشعب الذي ليس بينهما الحل الوسط بل حد فاصل قوي .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2193 الخميس 26/ 07 / 2012)


في المثقف اليوم