أقلام حرة

حديث من فوهة فرن ! / زيد الحلي

 ومخابز المعجنات، صنوان، لايفترقان وحبيببان لا انفصال بينهما من شدة الحرارة ولهيبها!!

 

وحكاية هذا الصيف وحرارته غير المعتادة  ، طال الحديث عنه وكثر، وعند العجز عن إيجاد الحلول لتجاوزآثاره او تقليل وطأته، سارع المسؤولون الى إلقاء تبعة ذلك على الطبيعة .. اليس جو العراق حار، جاف صيفا والأتربة والعواصف الرملية هي أحدى سماته منذ القدم كما تؤكد كتب الجغرافية والتاريخ ؟

 

في الإطار العام، يمكن لعباد الله البسطاء ان يقتنعوا بمثل هذه التبريرات، لكن حقائق الأشياء هي بالعكس تماما .. كيف ؟

 

في عراقنا رافدان عملاقان هما " دجلة والفرات " بمائهما العذب، وجريانهما الآخاذ، ولو كانت هناك خطط لوضع مصدات طبيعية حول المحافظات، تتمثل بالغابات وزراعة الاشجار، واكساء الأرض بالمساحات الخضراء وزراعة المحاصيل الصيفية وتشكيل النافورات الكبيرة، فأن الحال سينعكس لا محال، ولنا في العديد من الدول الصحراوية أسوة حسنة في الشروع بمثل هذه الخطط .. وأنظروا الى دول الخليج العربي، لتعلّم الدرس !

 

ان العائلة العراقية، رفرفت عليها في هذا الصيف علامات الحزن والقرف وبدأ الصراع المصحوب بالنرفزة بين أفراد الاسرة، بسبب الحر الشديد وفقدان الطاقة الكهربائية وزيادة اسعار أمبيرات المولدات الأهلية، وقد حدثني أحد الأصدقاء، وهو أستاذ جامعي في علم النفس، وقد ظننته هازلا، بأن قاض من معارفه أخبره بأن حالات الطلاق ارتفعت في هذه الايام، نتيجة المزاج غير المريح الذي يلف مشاعر المواطن العراقي، زوجاً كان او زوجة، كما ان معدلات الشجار بين المواطنين ازدادت ايضا وكثرت حالات المرض عند الأطفال، فالحرارة العالية التي وصلت في آحايين كثيرة لحد الستين درجة فهرنهايت، وهي حرارة تذيب لوح الثلج الكبير في دقائق، جعلت من المستحيل ان يتقبل المرء انساناً آخر في مشواره اليومي المجتمعي، ويكون المشهد واضحاً في الدوائر عند الشروع بالمعاملات الرسمية، وفي حافلات النقل حين يضطر المواطن الى التدافع للحصول على مكان او يضطر للإنتظار طويلاً حتى يكتمل عدد الركاب، او في التسوق من المحال او من العلاوي الشعبية التي تتحول الى مرتع لا يطاق للذباب ومختلف الحشرات   و.. و.. الخ و

 

وفي الوسط الطلابي، لاحظنا في ايام الامتحانات ان الجميع كان شارد الذهن، فمن المعروف علمياً ان الحرارة العالية تؤثر سلباً على الإستيعاب وتخلق التذمر والتوتر، لاسيّما عند الطلبة الذين يعيشون في المناطق المكتظة بالسكان، وذات البيوت الصغيرة المتلاصقة، وهي السواد الأعظم في العراق .. وايضا لاحظنا إنفلات الكثير من مفاصل الدولة، حيث انفرط عقد المتابعة، ولعل في مشاهد خلو الشوارع من رجال المرور في ساعات الظهيرة، وألتحاق عشرات المسؤولين بعوائلهم في الدول الأوربية، خير مثال ..!

 

ان على الحكومة التوجه الجاد لحل هذا المشكل في لاحق السنين، قبل ان يتحول الأمرالى معضلة عصية على الحل، وهي ربما حالياّ في طريقها لأن تصبح كذلك، فصبر المواطن نفد .

 

فهل ندرك ذلك ؟

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2196 الثلاثاء 31/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم