أقلام حرة

أوغلو في كركوك .. الإدانة هل تكفي؟ / رائد السوداني

والجانب التركي، فأما عن الجانب العراقي فقد برز فيها ضعفها، وتفككها وانعدام القرار السيادي فيها .وضعفها يكمن في تصريحات الإدانة فوق الخجولة بقليل لو صح التعبير التي صدرت من الناطق باسم الحكومة (علي الدباغ) وتصريحات (ياسين مجيد) عضو مجلس النواب والمقرب من رئيس الوزراء، أما تفككها فظهر عندما اجتمع وزير خارجية العراق بوزير الخارجية التركي في الإقليم دون علم مراجعه في بغداد، وبعد ذلك صدور تصريح من وزارة الخارجية العراقية تندد بدخول أوغلو إلى كركوك، أما انعدام القرار السيادي لدى الحكومة العراقية فقد كان الأولى بها منعه من دخول المدينة بكل السبل العسكرية والسياسية فهذا الدخول لا يفرق من الناحية السياسية العملية من وجهة نظري المتواضعة عن أي تدخل عسكري لبلد تجاه بلد آخر، وهنا سؤال عندما حلقت طائرة الوزير التركي في الأجواء العراقية باتجاه كركوك، بعلم من كان هذا الطيران، وسلطة الطيران في العراق بيد من؟ وعند دخوله أراضي كركوك هل علمت الحكومة المركزية أم لا؟ فإن علمت به من اللحظة الأولى ولم تمنع الوزير من دخول المدينة وبكل السبل، يحتاج هذا الأمر ومن كافة القوى السياسية وليست الحكومة إلى وقفة جادة، فهو يخص مستقبل البلد ولا يخص شخصا معينا أو دائرة معينة .أما إذا علمت بدخول الوزير إلى المدينة بعد وصوله إلى مبنى محافظة كركوك، فمالإجراء الذي اتخذته تجاه الوزير وتجاه من استقبله واجتمع به من مسئولي المدينة أو الشخصيات السياسية الأخرى؟ وإذا كان الجواب إن هذا الدخول كان مباغتا وغير متصور ولم يكن في الحسبان، كان على الحكومة وكإجراءات رادعة تحفظ ماء وجهها أن تبادر إلى استدعاء السفير العراقي في أنقرة، واستبعاد السفير التركي من بغداد، ثم وكإجراء عقابي طرد الشركات التركية كافة من الأراضي العراقية ومعاقبة أي جهة عراقية عامة أم خاصة تتعامل مع الجانب التركي على المستوى التجاري والاقتصادي. معاقبة ومحاسبة المسئولين المحليين الذين اجتمعوا مع الوزير.

أما الصورة على الجانب التركي فأظهرت تعاملا إمبراطوريا تجاه إقليم من أقاليمها، الأمر الآخر وهو متعلق بعلاقة تركيا بكرد العراق، فمن المعروف عنها إنها تتعامل بقسوة وبطش شديدين مع كرد تركيا فلماذا هذا العشق الأوردوغاني تجاه كرد العراق لاسيما تجاه أربيل والسيد مسعود البارزاني بالذات؟ إن تركيا تعرف طموحات السيد البارزاني الجامحة في أن يتم التعامل معه كزعيم دولة وليس زعيم محلي وقد استغلت تركيا هذا الهاجس لديه للوصول إلى بوابات بغداد دون اللجوء إلى صدامات عسكرية .وهي تتعامل مع إقليم كردستان على هذا الأساس وعلى أساس التحسبات الدولية والمعطيات المستقبلية التي لديها في إمكانية قيام دولة كردية على أراضي شمال العراق، فعليها أولا منع دولة كردية تركية من خلال السيطرة على كرد العراق، والأمر الآخر والمهم السيطرة على الموصل وكركوك من خلال الدولة الكردية التي ستولد مشوهة ولعدة أسباب ليس هنا مجال الخوض فيها .

أما الأمر الآخر والذي يمثل الأشد خطورة في الجانب التركي هو التعامل القديم الذي كانت تمارسه الدولة العثمانية في العراق والتي كانت تعده منطقة عازلة ومصدا طائفيا تجاه الدولة الصفوية في إيران آنذاك، واليوم يريد الأوردغانيون إعادة نفس اللعبة ولعدة أسباب أهمها بروز قوى شيعية عراقية سيطرت على الساحة السياسية الرسمية والشعبية وتمتلك علاقات وثيقة مع كل من إيران الشيعية القوية ومع المقاومة اللبنانية الشيعية، ومع حكومة بشار الأسد العلوية في سوريا، ولأجل هذا المربع بعضه عن البعض الآخر لابد من دخول تركيا الضد النوعي لهذا المربع الخطير من وجهة نظرها ونظرة حلفائها، قطر – السعودية – إسرائيل، وفوق كل هؤلاء الولايات المتحدة الأمريكية .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2198 الجمعة 3/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم