أقلام حرة

علاقة إسرائيل المتطورة باليمين الأوربي الجديد / جعفر هادي حسن

بل إن علاقتها كانت سلبية وغير ودية، لأسباب أيدلوجية وتاريخية فهذه الأحزاب (التي تسمى اليمين الجديد) تحمل أفكارا مرفوضة من قبل اليهود،مثل العداء لهم، وانكار المحرقة اليهودية، أو التشكيك في حدوثها، وأن من أعضائها من يمجد هتلر ويعظمه . ولكن الأمر تغير في السنوات القليلة الماضية، حيث أخذت إسرائيل تتبع سياسة جديدة نحو هؤلاء، فهي اليوم ترحب بهم عندما يطلبون زيارتها، أو مقابلة مسؤوليها، بل انها نفسها أخذت توجه الدعوات لهم وتستقبلهم، وعندما يأتي هؤلاء إلى إسرائيل يكثرون من التصريحات التي تدخل المسرة على قلوب المسؤولين فيها، كنقدهم للإسلام ومايسمونهم الجهاديين،وتاييدهم احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية .وكان من أوائل من قام بزيارة إسرائيل غيريت ويلدرز وهو رئيس حزب الحرية، ثاني أكبر حزب في هولندا،وقد تكررت زياراته لها، حتى قالت عنه صحيفة هاآرتس إنه زائر شبه دائم لإسرائيل، وهوقد اشتهر بالفلم الذي أنتجه بعنوان "فتنة"، الذي عرض عام 2008 والذي شاهده الملايين من الناس، وهو أيضا معروف بآرائه في نقد الإسلام والمسلمين، وهو يربط بين القرآن وما يسميه الإرهاب الإسلامي،ويقول إنه ليس هناك شيئ اسمه الإسلام المعتدل، وأن افسلام معاد للسامية وهو مايعرضه في الفلم. وهو كذلك يدعو إلى فرض ضريبة على لبس الملابس الإسلامية،والتي قال عنها إنها تفسد منظر البلد .

.ويطالب بمنح المهاجرين مالا لمغادرة هولندا. وويلدرز معروف أيضا بارائه المتطرفة التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، مثل أن الأردن هي فلسطين، وان إسرائيل يجب أن تحتفظ بالضفة الغربية من أجل أن تحتفظ بالقدس.وأن إسرائيل تقف في وجه التطرف الإسلامي، ولذلك يجب على الغرب الوقوف إلى جانبها، "واذا سقطت اورشليم فإن نيويورك وامستردام ستسقطان". وهو يمدح أفغدور ليبرمان رئيس حزب "إسرائيل بيتينو" ويقول "إن حزبينا متشابهان" . وقام هؤلاء اليمينيون بزيارة جماعية لإسرائيل، ضمت أكبر مجموعة منهم في عام 2010 مكونة من أكثر من خمسة وثلاثين شخصا من عدد من الأحزاب الأوربية .وقد جاءوا من إيطاليا ومن ألمانيا وبلجيكا وهولندا والسويد والنمسا،وسويسرا وبريطانيا،وكان من بينهم رؤساء أحزاب ورؤساء لجان في برلمانتهم، ونواب فيها أو أصحاب مسؤوليات أخرى، وكان ويلدرز من ضمنهم.

وكان من هؤلاء أيضا السياسي البلجيكي فليب دوينتر، وهو زعيم حزب متطرف يسمى فلامس بلانغ، الذي ورث الحركة القومية الفلامنية والتي ذكر أن بعض أعضائها كانوا قد تعاونوا مع الحركة النازية، وفي أعضاء حزبه مجموعة معروفة بإنكارها للمحرقة اليهودية .ودوينتر له علاقة بأحزاب النازيين الجدد، وكذلك مع المجموعات المعادية لليهود.وهو يزور مقابر الجنود النازيين الذين دفنوا في بلجيكا،وكان في إحدى المرات قد بدأ خطابه بقسم الأس أس، وهو لايخفي عداءه للإسلام ولا للفلسطينيين.فهو يقول عن الإسلام "إنه العدو رقم واحد للعالم الحر، وإن إسرائيل تواجه تهديدا إرهابيا إسلاميا موجها إلى قلب مجتمعنا"، ويقول إن الصراع العربي الإسرائيلي يمثل الصراع بين الحضارة الغربية والإسلام المتطرف، وأن المستوطنات ليست ظاهرة موقتة بل هي مهمة لإسرائيل لسبب جيوسياسي وامني.                            

وكان من هؤلاء رئيس حزب الحرية النمساوي هينس كريستيان سترخه، الذي يتنبأ له المراقبون في أن يكون المستشار القادم في النمسا، وهو كان قد ورث زعامة الحزب من يورغ هيدر. وقالت "هاآرتس" "إذا كان هيدر هو الحفيد الروحي لهتلر، فإن سترخه هو الحفيد اللاشرعي المتطرف لهتلر". وهو عندما كان طالبا عمل مع الحركات الطلابية النازية المتطرفة،التي كانت تمنع اليهود من الإنضمام إليها.وهو يعتبر نفسه الصديق رقم واحد لإسرائيل، كما أنه يدعو إلى إتحاد بين أوربا وإسرائيل، وقال عند زيارته لإسرائيل في مؤتمر في عسقلان، "إن الإرهاب الإسلامي موجه إلى قلب مجتمعاتنا" وإنه يريد أن يتخلص من المسلمين بكل طريقة.

ومن الذين كانوا في المجموعة المذكوررة رينيه ستادكويتز، وهو رئيس حزب الحرية الألماني الذي أسسه في عام 2010 بعد ما كان قد طرد من الحزب الديمقراطي المسيحي، بسبب علاقته بغيريت ويلدرز الذي ذكرناه.ولم يحضر اجتماع تأسيس حزبه، من غيرأعضائه سوى دانيال بايبس الصحفي الأمريكي، الذي له موقع مشهور باسمه على الإنترنت مخصص لنقد الإسلام. وكان ستادكويتز السياسي الألماني الوحيد، الذي دعي لإلقاء كلمة في الذكرى العاشرة لأحداث الحادي عشر من سبتمر، وكانت قد دعدته باميلا غلر مؤسسة "منظمة أوقفوا أسلمة امريكا"، والتي ألفت كتابا بالإسم نفسه.

وقد وصف بعض أعضاء الكنيست هؤلاء يأنهم محبو إسرائيل "الذين يجب أن نقويهم".

ويبدو أن من أسباب تغيير سياسة إسرائيل واتخاذها الموقف الحالي من هذه الأحزاب، على الرغم من أفكارها المعروفة، هو المشتركات التي تجمعها معها، كالموقف من الإسلام والمسلمين، ومن الصراع مع الفلسطينيين، حيث ينشط هؤلاء في بلدانهم نيابة عن إسرائيل في هذين المجالين، وبذلك تحقق إسرائيل ما تريده بأقل كلفة .وربما كان من الأسباب، هو أنها أخذت تشعر بالعزلة في السنوات القليلة الماضيةعلى أصعدة مختلفة، وهي تعمل جاهدة على التقليل منها أو فكها، ورأت على مايبدو أن علاقة وطيدة مع هذه الأحزاب، التي لبعضها حضور رسمي وشعبي مهم في بلدانها، تفتح لها منافذ مهمة وآفاقا جديدة، تقلل من آثارها وتخفف من أضرارها . وقد توثقت علاقتها أكثر بهذه الأحزاب بعد "الربيع العربي"لأن ماتمخض عنه حتى اليوم، لاتراه في صالحها .وقبل هذا وذاك فإن هذه الاستراتيجية، لاتختلف عن تلك التي تتبعها مع المسيحيين الصهيونيين، الذين من معتقداتهم بعد ظهور عيسى الثاني، قتل نصف اليهود، وتحول النصف الآخر إلى المسيحية،وهو مايراه اليهود إهانة لهم وازدراء لدينهم وتحقيرا لعقيدتهم، ومع ذلك فإنهم غضوا النظر عن ذلك، وتحالفوا مع هؤلاء منذ فترة طويلة، حيث حصلوا على المكاسب السياسية والمادية الهائلة منهم وعن طريقهم ومازالوا،بخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية كما هو معروف . وهم أغدقوا ويغدقون على إسرائيل البلايين من الدولارات في مجال بناء المستوطنات وتوسيعها،ومساعدة المؤسسات ونشاطاتها،كما أنهم يقومون بالدعاية لصالح إسرائيل على المستوى الشعبى والرسمي .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2198 الجمعة 3/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم