أقلام حرة

البرزاني واردوغان .. من يخدع من؟ / عبد الجبار منديل

وبانها قادرة على مد نفوذها الى تلك المناطق التي غادرتها بعد الحرب العالمية الاولى لذلك فانها تسعى الان الى التغلغل وبسط النفوذ على تلك المناطق الرخوة ولا سيما في سوريا والعراق وحسبما تسمح به الظروف الدولية لذلك فان استراتيجيتها قائمة على التحفز والصبر وانتظار الفرصة المواتية لتنفيذ ذلك . وبالطبع تشمل الاستراتيجية اعادة النفوذ والهيمنة منطقة كردستان العراق التي ضمت الى العراق ضمن ولاية الموصل بعد الاستفتاء في العشرينات .

 

اما استراتيجية البرزاني فانها قائمة على اساس ترصين القاعدة المتينة لكردستان الكبرى عن طريق ترسيخ الوضع الانفصالي للاقليم ثم محاولة ضم اكبر قدر من المناطق العراقية التي اطلقوا عليها المتنازع عليها واصبح المصطلح متداولا حتى من قبل عرب العراق انفسهم وبعد ذلك انتظار الفرصة لضم المناطق الكردية في كل من سوريا وتركيا وايران .

 

لا شك ان هذه الاستراتيجية تتعارض تماما مع استراتيجية الدولة التركية الحالية ولكن بالصبر الطويل وعدم الاحتكاك او الاصطدام المباشر مع تركيا ومحاولة توجيه اندفاعاتها باتجاه سوريا والعراق الضعيفتين في الوقت الراهن يمكن ان تعمل على اضعاف هاتين الدولتين كما يمكن ان تحافظ على التحالف الخطر مع الشقيق الاكبر والمتهور اردوغان بانتظار مرحلة مرحلة اخرى قد تتاكل فيها تركيا نفسها من الداخل . وفي هذا التحالف الغريب والقائم على المصالح التكتيكية المؤقتة يحاول كلا الطرفين الاستفادة اكبر فائدة من الطرف الاخر.

 

تركيا دولة قوية عسكريا واقتصاديا وهي عضو في الحلف الاطلسي وتمتلك جيش من اكبر الجيوش في الحلف والغرب يحاول الاستفادة منها في عدة اتجاهات

1 فرض الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط في ظل الحراك الشعبي غير المسبوق والذي قد يؤدي الى الفوضى .

2 الوقوف في وجه ايران الشيعية وقنبلتها الذرية وارتداء رداء الدولة العثمانية حامية المذهب السني .

3 ان تكون شوكة في خاصرة روسيا التي تسعى الى استعادة دور الاتحاد السوفيتي .

 

ان الدور الخطر الذي يلعبه الطرفان في لعبة الامم هذه والطموح الى التلاعب في مصائر الدولة والشعوب في المنطقة هو دور يشكل خطرا على كلا الطرفين . ان مثل هذا الدور لعبته الكثير من الاطراف خلال القرنين الماضيين . فنابليون عبر معاركه غير خارطة اوروبا اكثر من مرة .

 

وعندما راقته اللعبه راح يتوسع في هذا الدور حتى قضى عليه وكبد الشعب الفرنسي الكثير من التضحيات . وهذا ما قامت به امبراطورية ال هابسبرغ خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين فتكبد الشعب النمساوي والمجري وشعوب البلقان الكثير من الدماء. ثم عاود هتلر القيام بهذا الدور خلال الحرب العالمية الثانية باسم الامة الالمانية .

 

بل وحاول القيام به جمال عبد الناصر في منتصف القرن العشرين باسم القومية العربية فكبد العرب والمصريين الكثير من الويلات والتضحيات .

 

ان اردوغان والبرزاني كلاهما يتصور انه يستغفل الاخر وينفذ استراتيجيته على حساب جهود ودماء الاخر ولكن كلاهما سوف يخسر . فمن يريد ان يخدم شعبه ليس امامه الا ترسيخ الاستقرار وتامين عملية البناء والسلام . اما عن احلام الضم وبسط النفوذ والهيمنة فمالها الفشل حتما . هكذا تقول تجارب الشعوب.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2209 الجمعة 24/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم