أقلام حرة

قراءة في استطلاعات المثقف (2): زيارة داوود اوغلو إلى كركوك / مصطفى الأدهم

 

حيث شارك قراء وكاتبات وكتاب "المثقف" في الإجابة على السؤال المطورح، وكانت المشاركة بواقع (49) تعليقا.

 

افتتحت المشاركات بتعليق السيدة حذام يوسف طاهر التي حملت الحكومة الإتحادية "المسؤولية" بسبب ما وصفته "عدم جديتها في حسم كثير من المواقف مع دول الجوار ومع حكومة اقليم كوردستان"، الأمر الذي جعل "الدول تستخف بسيادة العراق وحكومته"، وختمت مداخلتها بمطالبة الحكومة الإتحادية بأتخاذ "خطوة جادة وجريئة تجاه الاقليم" - الذي وصفته "بعبور الخطوط الحمراء في تعامله مع الحكومة الإتحادية وتجاه تركيا أيضا".

 

السيد علي جابر الفتلاوي، من جانبه حمل ما أسماه "الإرباك الكبير في العملية السياسية" إلى "مخلفات الإحتلال الأمريكي" معتبرا زيارة اغلو "استفزازية وخارج السياقات الديبلوماسية تجري تحت انظار أمريكا التي تدعي حرصها على العراق".  أما السيد سامي العامري فوصف الزيارة بـ "السخف والإستهانة بالشعب العراقي وحكومته المنتخبة رغم كل سلبياتها"، معاتبا كل من؛ حكومة الإقليم "التي لا تترك فرصة إلا وتستغلها في التعبير عن الرغبة في الإنفصال عن المركز"، وحكومة المالكي "لردة فعلها المائعة وأكتفائها بالأستنكار"، مطالبا برفع الأمر إلى "مجلس الأمن الدولي". 

 

من جانبه، اعتبر السيد سلام كاظم فرج، الزيارة "استهانة بالمواثيق الدولية، ومؤشر على وجود خلل كبير"، مطالبا الحكومة التركية بتقديم "اعتذار" إلى حكومة العراق. لكن، السيد باقو بلو، يخالفه الرأي، بل يخالف رأي "الغالبية" في الإستطلاع فكتب متسائلا "السيد اوغلو زار كركوك، ما هو المثير في الأمر؟". 

أما السيد صائب خليل، فتسأل هو الأخر، لكن، عن عدم الحصول على "رد حول ادعاء حكومة اقليم كوردستان بأن الوزير حصل على تأشيرة من السفارة العراقية في أنقرة؟".

والسيد قاسم الخفاجي، كتب "لو أن اغلو مثلا دخل بلا تأشيرة فيكون من حق الحكومة العراقية وسلطاتها اعتقاله وعرقلة موكبه واعادته إلى بلده"، مضيفا "لكن الحكومة العراقية تكذب كثيرا وتحاول أن التماهي مع الإعلام ومع الزوبعة التي سرعان ما تتلاشى وتموت". 

 

بدوره كتب السيد شوقي مسلماني "أن زيارة اوغلو إلى كركوك رسالة نعوة ثانية وعاشرة والف للعراقيين "سابقا" أن العراق مات ولم يولد عراق".

وهنا، لا بد لي من وقفة مع السيد مسلماني، فما كتبه تجاه العراق وشعبه فيه من الإهانة والإستهانة الكثير، ولا يمكن والحال هذه تجاوزه بلا رد يوضح له عدم صحة ما ذهب اليه. العراق لم يمت يوما في السابق حتى يموت الأن بزيارة الوزير التركي أحمد داوود اغلو - القجق والمدانة، كما لم يمت العراق بأعدام الطاغية صدام حسين، عليه، فأن العراق الذي ولد قبل التاريخ، ومن رحمه ولد التاريخ، وولدت والحضارة، لا داعي أن يولد من جديد. كما أن "العراقيين سابقا" - هم نفسهم أهل العراق لاحقا. كل ما بالأمر، أن الصورة تغيرت، فلم تعد صورة الطاغية المقبور صدام حسين تحتل الأجواء والأضواء الكذابة، وحلت محلها صورة شعب العراق أهل العراق سابقا ولاحقا، رغم الإرهاب التكفيري المدعوم من الحركة الوهابية وبقايا البعثية والصدامية، ومن لف لفهم من الطائفية والقومجية الذين تدعمهم دول الجوار لغايات طائفية في نفوسهم. فلا داعي لهذا التشائم الذي يوصل صاحبه لشتم شعب كامل واهانته. 

 

من جهته، كتب السيد بوعبدالله فلاح على ذات النسق تقريبا، لكن بوضوح أكثر، مستنكرا الزيارة التي وصفها ب"اللاعفوية"، واعتبرها حلقة من مسلسل "الهيمنة التركية على البقاع العربية"، مضيفا أن "النظام العراقي الأني أسوأ من سابقه، ولو وجد الحال شبيها بأول عهد صدام حسين بالحكم لكان تصرفه مطابقا أو أسوأ مما ينسب إلى صدام من ارهاب داخلي".

هنا أيضا، لا بد من وقفة صريحة مع السيد فلاح، فلا يمكن الإختباء خلف "الحيادية التي اتبعها في كتابة هذه القراءة" وتجاهل عراقيتي، خصوصا عندما يصل الأمر إلى الإهانة.. اهانة وطني، اهانة شعبي، اهانة أهلي، ما يعني اهانتي أيضا. لا يمكن بأي حال المقارنة بين النظام الأني في العراق الجديد الذي هو ديمقراطي قائم على دستور دائم منتخب من الغالبية الشعبية، رغم سلبيات كل من الدستور والنظام وشخوص النظام، الذين جاؤا عبر صناديق الإقتراع الحرة، وبارادة شعبية، حيث يمكن لنا ولأول مرة كشعب عراقي أن ننتخب أو لا ننتخب فلان أو علان للمنصب الفلاني، ولنا الحرية بانتقاده.. هذه الحرية التي وصلت حد التجريح بحق الساسة. وان حاول بعضهم ونجح نسبيا في زمان معين ومكان معين بالتجاوز على حقوق الأنسان أو حق الرأي المكفول دستوريا، فيوجد قضاء مستقل يمكن اللجوء اليه، كما توجد حرية اعلامية مفقود في المنطقة كلها، بل قل انفلات اعلامي، حيث القنوات والصحف تشن الحملات الحقيقية والمصطنعة ضد هذا المسؤول أو ذاك. وتجاوز المسوؤل الاني يمكن ادانته، ولا يمكن أيضا أن نقارنه بتجاوز المسؤول أيام نظام الطاغية المقبور صدام حسين، حيث المسؤول أو الضابط أو حتى الأمي الذي ينحدر من عشيرة صدام بمثابة هبل صغير يفعل ما يشاء بالبلاد والعباد، بلا أدنى احترام للكرامات والأعراض.

صدام حسين، نكرة، أتى من المجهول، بسلسلة من الإنقلابات والمذابح واغتصب السلطة بنظام ديكتاتوري فردي طائفي وشوفيني، كانت نتيجته أن سلم العراق إلى أميركا، مهلكا الحرث والنسل في سنوات حكمه، وعبدته ما زالوا يمارسون الإرهاب بحق العراق الجديد مهلكين الحرث والنسل. ارهاب صدام الداخلي حقائق، لا تحتمل الرأي والرأي الأخر، لأن الرأي الأخر هنا يعني الدفاع عن الإرهاب الصدامي في ابادته للشعب العراقي. وما ينسب له من ارهاب داخلي وقائع وليست من صنع الخيال، ولا هي مؤامرة من قوى خارجية أو طابور خامس داخلي. 

 

المحزن فعلا، الإصرار على اختزال العراق بأرعن مثل صدام، في تجاوز سافر على كرامة ومشاعر الشعب العراقي والعراق. أنها عنصرية بكل معنى الكلمة، والعنصرية مدانة، لا رأي أخر فيها. 

 

 

ختاما، ننهي هذه القراءة بمداخلة السيد يحيى السماوي، الذي أوجز الأمر بوصفه "لا عيب في السفينة، انما في ربابنة السفينة". 

 

هذا ويذكر أن نسبة المشاركات الرافضة لزيارة الوزير اغلو إلى كركوك جاءت نسبة (96 %).

ونسبة من قبل بها كانت (2%).

أما نسبة المشاركات التي لم تجب على السؤال موضوع الإستطلاع فكانت (2%)، وهي نسبة مفلتة، لأنها شهدت انخفاضها دراماتيكا عن النسبة السابقة في الإستطلاع السابق الذي نشرته "المثقف"، حيث كانت نسبة المشاركات التي لم تجب على السؤال المطروح تقترب من نصف اجمالي المشاركات. الأمر الذي يعد خطوة ايجابية ونقلة مثير للإهتمام تمت بظرف شهر واحد، نأمل أن تستمر. 

 

عليه، تكون النتيجة لهذه القراءة، رفض غالبية قراء صحيفة "المثقف" لزيارة وزير الخارجية التركي البروفسور أحمد داوود اغلو إلى محافظة كركوك. ولا يفوت التنويه إلى أن هذه النتيجة تعبر عن واقع مشاركة قراء "المثقف" في استطلاعها، ولا يمكن تعميمها، كما لا يمكن تجاوزها لأنها تحتوي على أراء نخبة لها دورها في مجال الكفر والثقافة والكلمة في العراق. 

 

خاص بالمثقف 

 

مصطفى الأدهم 

22.08.2012

......................

للإطلاع

استطلاع: كيف تقرأ الرسالة التركية من خلال زيارة أوغلو الى كركوك؟

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2209 الجمعة 24/ 08 / 2012)


في المثقف اليوم