أقلام حرة

بين مسبار (كوريوسيتي) ومؤخرة هاري .. وطن يتداعى / رياض محمود الركابي

ولايربط بين هذين الحدثين رابط، سوى اهميتهما البالغة، وتأثيرهما على مستقبل البشرية . فالحدث الاول يعد فتحا جديدا لطموحات الانسان التي لاتقف عند حد، فبعد ان قطع المسبار الامريكي (كوريوسيتي) اكثر من (750) مليون كيلو متر على مدى ثمانية اشهر، هبط اخيرا على سطح المريخ، وبدأ لأول مرة ببث صوره من الكوكب الاحمر، الذي طالما شغل مخيلة الناس، اما الحدث الثاني، والذي شغل الرأي العام العالمي والانكليزي على وجه الخصوص، هو ظهور الامير هاري، المصنّف ثالثا على العرش البريطاني عاريا تماما إلا من قلادته الملكية، حيث تجاهلت صحيفة ال (صن) البريطانية والمملوكة لروبرت مردوخ طلب محامي العائلة المالكة البريطانية، ونشرت على صفحتها الاولى صورة الامير هاري بمؤخرته الحمراء، واحتلت الصورة (الفضيحة) نصف الصفحة تقريبا، ووقفت خلف الامير امرأة عارية مجهولة، وذُهل الناس من منظر الامير وتفاصيل ليلته الحمراء التي قضاها في احد الفنادق بلاس فيغاس .

لم تبق صحيفة بيضاء ولا صفراء إلا واشارت للخبرين، وتفنن محرروها  بذكر ادق التفاصيل التي ربما تكون قد غابت عن بعض زملائهم في المهنة، وخصوصا قضية هاري التي طغت بأهميتها في الايام اللاحقة على قضية الهبوط على الكوكب الاحمر، وباتت الصور التي تتعمّق بخبث في جسد الامير هاري اهم من صور المريخ بصخوره ووديانه، وقد أعجب بعض المخرجين الذين يرون بأعينهم ما لايراه الناس العاديون امكانيات هاري الدفينة جدا، فعرضوا عليه التمثيل في فلم اباحي مقابل عشرة ملايين دولار فقط .

الحمد لله اننا نختلف عن المجتمع البريطاني المحافظ جدا، لذا لم يصل الامر بساستنا الى الظهور مثل هاري، وإلا لحدثت كارثة، خصوصا واننا مقبلون على بناء دولة الديمقراطية، والتي لن تعبر فيها حرية التعبير عن الرأي الخطوط الحمراء لتصل الى (العري) او الى عادات وممارسات شاذة والعياذ بالله طالما سمعنا بها عن افراد العائلة المالكة في بريطانيا العظمى، والتي تتناولها صحافتهم الصفراء كمادة دسمة تقدمها الى القارئ البريطاني المتشدق بافضليته على بقية خلق الله  خصوصا على المواطن الامريكي الارعن . سترنا الله وإياكم، وستر ساستنا من هكذا فضائح تثير المكبوتات، والمندثرات، ونحمد الله كثيرا على نعمته بأننا لا نسمع ما يكدّر ايامنا الجميلة التي نحياها الآن سوى بضعة اخبار بسيطة من هنا وهناك، كقيام وزير في الحكومة الحالية بشراء منزل كبير مساحته (600) متر مربع  وبسعر عشرة ملايين دينار للمتر المربع الواحد في مدينة الكاظمية المقدسة، وان نائبا ينتمي الى كتلة برلمانية كبيرة اشترى قطعة ارضٍ بمساحة (2000) متر مربع  بلغت قيمة المتر الواحد (2000) دولار امريكي في الجادرية، وبالطبع لا تدخل هذه الاخبار ضمن الفضائحيات على الرغم من ازمة السكن الحادة جدا كنصل سيف الذباحين، والتي دفعت بعباد الله الى بناء بيوت الصفيح في المناطق العشوائية الخالية من كل خدمات الآدميين، كما لا تدخل اخبار على شاكلة قيام وزير في الحكومة بنقل تفاصيل اجتماعات مجلس الوزراء بالتفصيل الممل بما فيها الفارزة والنقطة الى احدى دول الجوار (المفعوصة) كل ما ذكرناه لا يعد فضيحة، لأن الفضائح تتعلق فقط بخلع الملابس، وظهور المؤخرات عارية .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2214 الاربعاء 29/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم