أقلام حرة

الرد الوافي على من أفتى باحتقار المغربي / محمد بن امحمد العلوي

أبدع في إخراجها،و أقول لا يوجد أي مبرر لعدم الشعور بالأمان والإعتزاز بالذات على الجزء الخاص بحياة المغربي، وليس هناك عذر لعدم إحساسه بالحب بكل تجلياته، وليس هناك عذر لموقفك يا أستاذ عبد الصمد الديالمي إلا أنك كسول في انتقاء المصطلح واللعب عليه ! وأنا لا أحبذ ذلك فعملك بجد على موضوع الأخلاق والبحث في سيكولوجية الحب لدى المغاربة،  تدفعني إلى القول بأن أطروحتك اقتربت من الهذيان الذي ساقك إلى السب والإهانة وعرض طوفان من الإختراعات ما لها من وجود الا في ذهنيتك،وهذا يدل على تبرؤك من تاريخك الذي لم تقرأه أو كانت قراءتك مبتورة إلى درجة لم يسبق لها مثيل .

     فمن خلال العمل الجاد والمعيشة الفاضلة يمكن إلقاء نظرة على ما تركه الأولون كرجال محترمون وناجحون في السلوك والأخلاق وكذا السياسة دون الارتقاء بهم إلى مصاف الملائكة طبعا.فالإنسان المغربي قديمًا عاش كغيره من الكائنات البشرية ضمن إطار معطيات بيئته السياسية والاجتماعية وكذا الطبيعية وقام بكلِّ ما تقوم به فوضع القيود، وأوجد المحرمات، وحدد ما هو مسموح به، وطالب بما هو ضروري،ليصون وجوده الإجتماعي والحضاري.وليتشكل ما نسميه الضمير الشخصي والجمعي النابع من الداخل وليس كمجرَّد شيء مفروض عليه من الخارج.

    فالنفاق والفساد والكذب وتلك السلوكيات المنحرفة لازمت الإنسان منذ القديم وليست خاصية تطبع الشخص المغربي كما صرح به الأستاذ الديالمي،  فعبر تاريخه الطويل كان المغربي ولازال يقوم بعملية تبنِّي الضرورات والمحظورات، وامتصاصها والتكيُّف معها. وفي الوقت الذي تنعدم فيه عملية التكيف بشكل كاف ومناسب تطفو إلى السطح تلك الشرور والأعطاب النفسية التي نعتبرها في جوهرها مشكلة حضارية ولها أسبابها الحضارية أيضًا.ولابد من التحرك بهذه الطريقة أو تلك حتى نصل إلى الفسيفساء التي نود من أجلها الإصلاح وتدبير المشكل على اساس التجليات الحضارية المميزة لطبيعة المغربي الاصيلة وبيئته.  

   إن التعميم آفة وقع فيها الأستاذ عندما وضع المغاربة كلهم في سلة اللاحب مع ذواتهم بسبب الطبيعة السياسية وهنا لم يوضح كيف وبأي شكل؟ فهذا ضرب من الضحك على الذقون بأسلوب ساخر والذي ينحو منحى الإحتقار،فالخير بكل أشكاله يثير الإحساس بالمتعة والرضا لدى البشر بدون استثناء وبلا مرجعية مذهبية أو إيديولوجية أو عرقية إنه نداء الفطرة السليمة يا سيدي . وأعتقد حقا أن هذه الرؤية ينبغي أن تكون أيضا مسلكا لإيجاد الجدوى من الخير التي يمكن أن تدرس على أنها ما يعود بالسعادة الكبرى على الناس.

 

   لقد كانت المبادئ والقواعد والقيم الأخلاقية نبراسا للإنسان في التقويم والهداية من أجل نهج متزن من التصرفات السليمة في ممارسة الحياة .فهناك من لا يلتزمون بها كما أن هناك من يبجلونها بِنَهم،و الفيصل هنا لصالح من ترجح الكفة لديه في النهاية فالحقيقة المطلقة هي سلعة نادرة جدا وخطيرة في سياق تفشي قاعدة أنا أو لا أحد. فمع القليل من الحظ  ستكون أطروحة الأستاذ الديالمي بدون شك أقل بكثير من قراءة مملة، ومليئة بالمتناقضات السافرة وربما أكثر من ذلك بقليل فالديمقراطية أسلوب عيش قبل أن تكون نظام حكم واختيار سياسي، بالتالي الأنانية والنرجسية هما العقبة الكؤود دون انفتاح الفرد في اطار من التعامل البناء مع الآخرين وضرب القيم الأخلاقية ومدى تطوُّرها في الصميم.فعالم الأخلاق هو خندق خدمات إعادة إعمار المجتمع ولا يهم المصدر بقدر ما يهم المحتوى ومدى الفائدة التي يجنيها المجتمع المغربي من استقرار ورفاهية تعنى بكرامته وأصالته وهويته .

   مادامت الأخلاق والمبادئ والقيم ضرورة لابد من الالتزام بها وتنفيذها حتى تستمر الحياة بشكل سلس،فلابدَّ من وجود قوة أو سلطة تدعمها وتضرب بيد من حديد المتمرِّدين عليها والعابثين بها . هنا يمكن أن تدير ظهرك على شخص  ولكن لا يمكنك أن تدير ظهرك لتاريخ تليد لبلد اسمه المغرب، وتدعي بكل قسوة وفجاجة بأن نضال أبنائه من اجل حياة كريمة واستقلال إرادة لن يسوغها إلا بتخليه عن مقومات وجوده من دين وعفة . فرواق الديمقراطية طويل حيث اللصوص والبلهاء يشتغلون ليل نهار من أجل تسفيه أحلام أمة تتوق إلى تدمير كل أشكال الإستعباد والإستبلاه، ورجال المغرب يموتون من أجل عرضهم وترابهم ولم يلتفتوا إلى المتسكعين الواقفين على الباب الوهمى المزعوم والمثير للاشمئزاز فهنا فوق هذه الأرض العميقة ما يكفي من خصوبة وعطاء.  

   لقد كانت لديك الجرأة لتقول ما قلته أستاذ الديالمي ولن أبخسك حقك بأن أرد عليك بكون مقياس احترام الشعوب لنفسها ليس فقط في صندوق الإنتخاب، لأنه دائما ما كان صندوق العجب هذا يخرج منه كل عجيب وغريب حتى في الدول الأكثر عراقة في تعاملها معه .فالعبرة بالتاريخ والهوية والتعليم الجيد والحفاظ على مقومات وجود مجتمعك وتطويرها بدل محاربتها بشكل مجاني وعصبي، فمكافأة هذا المسلك من لدنك هو التسبب في انتحار أخلاقي وقيمي وتدمير لافت لمكونات اندمجت مع هذا الشعب منذ زمن بعيد .و نقول بأنه من المستحيل وضع خطط للمستقبل دون أن تكون متأكدا من أنك  ستغدو وفيا لما يحمله تاريخ بلادك أليس كذلك ؟ 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2220 الثلاثاء 04/ 09 / 2012)

في المثقف اليوم