أقلام حرة

كَفـــى .. لُطفاً / إشـــراف شيـــراز

والشعب في عالمنا لا يلعب البطولة المطلقة ولا يحظى بدور شبه ثانوي مناسب ... فقط هو أداة تمرير يصنع سياسة بصوت جريح بمقايضة الزيت والسكر وحفنة صدقة... هكذا المواطنون ينخرطون مُرغمين في اللعبة بتلقيهم السلبي و الإيجابي .. أو ربما على مقدار وهمهم وأمنياتهم  ... والفقير الذي تغرقه الحاجة في الطين  تتبعه لعنة السياسة حتى الرغيف ... ويشيخ شبابها وهم على دكة  الاحتياط وفي كل شوط تُنصب لهم خيبة...  ليس أمامهم سوى انتظار مستقبل مبني للمجهول وأنظارهم تحمل شقاء العالم ترفل بالترقب حتى آخر صافرة تلوح لهم في النهاية باليأس...  صافرة تصفع أيامهم وتُجهز على ما تبقى من أحلامهم بمكنسة... و ليس لهم من منفذ حينذاك إلا الاصطدام بصخرة.

 الأحداث تؤكد للمرة الألف أنها أحزابا موسمية... تراها تنتشر فجأة  كإشاعة ... بعضها كجملة اعتراضية... وبعض آخر محض وصفة سحرية لا تدوم حتى الضحى... وآخرون طغت عليهم لعنة القشور  يعيشون في البارحة خارج السيطرة... وبعضها قصيرة النفس تريد الموت غرقا....ولا نستثني من يمارس القفز على الحواجز وهو مقبل على مطبات هوائية ....  جميع الأحزاب  بلا استثناء تحمل قفافَ وعودٍ  ورذاذ كلام... تتناطح أكتافهم... والحملات تكسر معايير الالتزام باقية على سيولتها تسجل الأهداف والمرمى بلا حارس... تتزاحم القوائم والأفراد...على برلمان نائمٍ ... وحكومة  تأتي بوجهٍ ملامحه تحمل أكثر من خجل ... حكومة محمولة على النعش قبل ولادتها...

 الانتخابات ... مسرحية من عدة فصول... زوبعة في فنجان مُر ...لا تشكل الحقيقة من ألفها إلى يائها ... والثورة ما زالت  مدججة بالغضب...  يعتليها التذمر لا تنوي إغلاق أزرار عنادها ... وفي احتدام الأحداث باتت البلاد في قلب العاصفة كائـنا ناريا يلهج ...لتصبح في اليوم التالي  متورطة في الانفلات  تتقافز في الشغب... حبلى بأكثر من كارثة وأزمة وعاهة ومشكلة تثير حمقها. وتفجر براكينها .. كلما هدأت قليلا ثارت على نفسها.

 ليست الثورة وعد للدخول إلى الجنة و لا الانتخابات الطريق السريع للعروج إليها كما تروج لها بعض الحناجر... كما أن تحقيق الديمقراطية ليست في حكم المؤكد ولا تلمسها السهولة بأية حالة...  لكن يكفينا أن نعبر نهرا حتى ندرك قوة الماء... ونكتب صفحة ميلاد.

الثورة كموجة خلف موجة تدك صخرة ...هي مشروع جاهز  تريد أن تنهي مهمتها و تضع أوزارها في أقصر وقت ممكن..  لكنها ما زالت لا تتقن خطوتها و لا تملك قوانين الحسم حتى اللحظة فالواقع البطيء يؤجلها ...ليس أمامها وهي المنذورة للمقاومة إلا هذه الآلية تنهي ارتباكها...هذه التجربة  الخصبة رغم حلكة سوادها لا يمكن أن تمر مطفأة...

 المشهد السياسي رغم رحابته يشكو من الضيق... كان الزيف عادة لا تغير طقوسها وكان تزويرالإرادة  تكرارا تكرارا تكرارا.. كأنه قضاء لا يتوقف  ندعو له أن يُرفع... أو كأنها لازمة ينبغي وجوبا أن تُقال ... فرجاءا  ثم رجاءا... يكفي المتاجرة بأحلامنا... لا تسرقوا مستقبلنا...لا تروجوا بضاعتكم الكاسدة.... تقاسموا المسافة ... وقولوا مرة واحدة للظلام لا... للضباب لا ... للبديل السيء لا... لا تجعلوا  حظ الشعوب كحظ الطيور في قفص.... هزوا أسوأ التوقعات  لطفا ... اجعلوا التغيير الإيجابي حقيقة شاهقة ... فالوطن يستحق التضحية...

 أعلن أن بي بعض تفاؤل شاحب  كجفاف يرحب بكل قطرة ماء....  وأني ... متشائمة قليلا  من مصادر الإحباط والوضع المستغرق في التمويه بكل تعقيده  يكرس التداخل وأن أفكاري شوارع فوضى  في متناول الشرود......و إنني صابرة كظهر جبل ...في صحاري الترقب أنصب خياما من قلقل... و هذا بضعه... أتساءل عما سيحدث تاليا.

 

إشـــراف شيـــراز

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2225 الثلاثاء 25/ 09 / 2012)

في المثقف اليوم