أقلام حرة

كل منهم ملك الأملاك

 الأشم، الأشهم، الأعظم، الأبصر، الأسمع، المبرطم. وربما يضيف لها من شدة جهله وغبائه صفة (الأبتر) باعتبارها على نفس الوزن دون أن يعرف معناها ومقصدها ومغزاها ومبتداها ومنتهاها.

وما من رئيس عربي إلا وله عقل جلمود شق من أخدود، لأنه يحلم بالخلود والعمر المديد والعيش السعيد في أجواء القصعة والثريد وصيحات التمجيد في بلده السعيد. و يتعامل مع شعبه بأسلوب التهديد ولغة الوعيد لكل ناصح منهم  ورشيد.

وما من رئيس عربي إلا ويحلم أن يخلفه ابنه أو حفيده على كرسي الرئاسة ليعيش حياة البذخ والوناسة في دنيا المتع والسياسة فيغرق شعبه بالتعاسة، ويبتليه بالنعاسة، ويحصي عليه أنفاسه ويتحكم في مأكله ولباسه.

ولذا تراهم يعمرون وفي مناصبهم ويخلدون، لا رادع يردعهم ولا مانع يمنعهم، يسخرون خيرات البلاد لصنع الأضداد ومصاريف الدعاية وكل أساليب النكاية لكي لا يزاحمهم مزاحم ولا يهاجمهم مهاجم. ولا يتركون  المناصب، إلا لرعديد غاضب أو بفعل فاعل عنيد أو شيطان مريد أو جيش غاز يأتي من بلد بعيد، يهتدي بالنجوم والقمر ويركب الهمر.

أما بلدانهم التي تسلطوا عليها  فيعشعش فيها الفقر وينخر كيانها الجهل يأخذها المرض بالطول والعرض، ترضى بفتات الموائد وتثقف نفسها بمشاهدة أفلام الكارتون وقراءة أقوال القائد الضرورة في الجرائد ومتابعة حكم  ومواعض موقع صيد الفوائد، أو مشاهدة التلفزيون أو موقع إسلام أون لاين. ولا تحاسب الساسة عن العوائد وكيف يصرفون المليار بغضون ساعات في صالات القمار على الموائد والتباهي أمام حسناوات الغرب بمفتول السواعد.

فالقائد الهمام مشغول بالهيام ولا ينام ، لا يعرف الشخير فرأسه متوسد على صدور ناعمة وروحه وسط الدعارة هائمة .

والقادة طبعا أكثر من شعوبهم غباء وجهلا فكم من مرة قادوها للتهلكة والشعوب يصفقون لأبطال التحرير وكم من مرة ساقوها إلى أرض المعركة وهم يهتفون بالروح والدم للقائد النحر ير .

والقادة في خطبهم يروون لهم قصصا من الخيال تحكي البطولات وعظائم الصولات والجولات في دنيا العنتريات للمصابين بالإدمان،منها حرب ألثمان سنين مع الجارة إيران. وغزو الكويت بلد الأخوان.ومنها تجييش الجيوش لمقاتلة الشعب الحوثي الأعزل المسكين،  ومنها تفجير (لوكربي) وكيف قام القائد الأخضر بتعويض أسر الضحايا بالملايين. ومنها صرف المليارات على بناء المفاعلات النووية وحينما ترفع القوى العظمى حذائها فوق رؤوسهم مهددة يسلمونها لهم هبات سخيات غير آسفين. أو تأتي يد الجيران المتجبرين لتفجرها وتمرغ أنوفهم في الطين، يا لهم من مساكين.

وربما لهذا السبب يعمرون ولا يذهبون أو يتحولون أو يعتزلون أو يتنازلون أو يختفون، فتتجاوز مدد حكمهم من السنين"أربعون" ومع ذلك يبدون شبابا في سن العشرين، ويبدون في الصور فرحين مكشرين، وقاهم الله من الحساد والعيون.

أما نوابه الأمة ومفكريها وعلمائها على قلتهم فلا فرصة لهم للمشاركة في الحياة العملية وقيادة الحركة التربوية وتنظير المسيرة العلمية، ولذا هاجروا إلى باقي البلدان أو شغلوا أنفسهم بالبحث عن معان يصفون بها قادتهم وذي محاور بحثهم.

 فلم يصلوا لحل ليس لجهل، وإنما لأنهم رغم عظيم جهدهم وسعيهم، كلما وجدوا صفة جامعة تنطبق على صاحبهم كالجامعة (  )  يكتشفون بعد هنيهة أنها لا تغطي كل صفاته ولا تشتمل على كل هناته ومهاتراته وعيوبه وسيئاته. ولهذا أعجزهم وأعياهم البحث عن معنى رزين لقب به نفسه أحد الرؤساء المعاصرين وهو النكرة الصعلوك بأنه (ملك الملوك) في مؤتمر القمة الذي عقد "مصالحة" مجاز، في أرض نجد والحجاز بعد أن رما صاحبه الملك الضليل بمهماز يحثه على التصالح بإيجاز وترك الأحاييل ودروب الانحياز . يشير به إلى عظيم قدره وقلة غدره.

ومن خلال البحث الشديد تبين لي بالرأي السديد أن نبينا الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وسلم كفانا مؤنة البحث وتعب السنين عن وصف رزين بقول متين مكين يشرح فيه الصادق الأمين حال هؤلاء الجهلة بجملتين قائلا للعالمين: (أخنع الأسماء عند الله يوم القيامة رجل تسمى  "ملك الأملاك" لا مالك إلا الله) ( )  وأخنع الأسماء هي: أذلها وأضعفها.

 لذا لا تتعجبوا إذا سمعتم غدا أن الرئيس العربي الفلاني ورغبة منه في إكمال عدد أسمائه ليصبح مائة قد أطلق على نفسه صفة (الأبتر) لأنه قد يعتقد أن معناها : عنتر.

وساعد الله صعاليك الأمة على هذه الغمة التي أوهت نفوس العباد وأضاعت البلاد وسلمتها على طبق من ذهب بكل خيراتها وتاريخها وحضارتها للأمريكان والموساد وجيوش الإرهابيين المنتشرين كالجراد !!!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1205 الخميس 22/10/2009)

 

 

 

 

في المثقف اليوم