أقلام حرة

المرحلة الإنتقالية / امين يونس

.. فأنتَ في وضعٍ لا تُحسدُ عليهِ ! . في هكذا حالات، رُبما تكثر الأخطاء وتتوالى العثرات .. ومن الأرجح ان تطول المدة وتمتد .. وبعدَ تفكيرٍ وتمحيص .. تبتدع تسمية لهذه الظروف، وتقول انها (مرحلة إنتقالية) . وهكذا كانتْ بدايات التحولات الاجتماعية على مَر التأريخ .. وتدريجياً تراكمتْ التجارب، سواء تجارب الآخرين او الذاتية منها .. وأصبح بالإمكان، إجراء " المُقارنات " وإكتشاف نقاط الإلتقاء ومكامن الإختلاف .. بين تلك الحالات وحالتنا نحنُ .. والإستفادة من هذه الخبرات السابقة، وتطويعها بحيث تُلائم ظروفنا الخاصة .. وبهذه الطريقة، إستطاع الإنسان ان يُقّلِل من الخسائر تدريجياً ويحقن الكثير من الدماء ويُحافظ على الثروات .. وكذلك " يُقّلِص " الفترة الإنتقالية، ويُقّصِر المُدة المطلوبة، للعبور من نفق المرحلة الإنتقالية .. والوصول الى ضفافٍ أكثر رحابة .

ما يعنينا هُنا في العراق .. هو المدى الذي سوف تستغرقه [ المرحلة الإنتقالية ] التي نَمُر بها حالياً .. فبعد إنهيار الدولة بِكُل مؤسساتها في 2003 .. صارَ لِزاماً علينا إعادة البناء من جديد .. علماً انه مَرتْ أكثر من تسعة سنوات، ولا زُلنا نتخبط .. وما زال الأُفق غامضاً والمًستقبل ضبابياً .. ولا ندري، كَم من السنوات نحتاج بعد .. لإجتياز هذه المرحلة ؟ لاسيما إذا عرفنا، ان بُلداناً قد تَدّمرتْ بِشكلٍ كامل تقريباً، خلال الحرب العالمية الثانية، مثل المانيا وروسيا واليابان والعديد من الدول الأخرى .. إستطاعتْ في عشرة سنين، ان تنفخ الروح في البُنية التحتية وتعيد بناء الكثير من منشآتها ومدنها وحتى بطريقةٍ أفضل من السابق .. وإذا كانتْ الحجة، ان الغرب ولا سيما الولايات المتحدة الامريكية، من خلال " مشروع مارشال " العملاق، قد كان له الدَور الكبير في المساعدة والدعم، وكذلك الاتحاد السوفييتي بالنسبة لدول شرق أوربا .. فأن نفس الولايات المتحدة الامريكية التي إحتلتْ العراق في 2003، هي التي تعهدتْ بإعادة بناء العراق، خصوصاً وان العراق يمتلك ثروة نفطية كبيرة، يستطيع من خلالها، تسديد أية ديون قد تترتب عليه . لكن الفرق بيننا وبين تلك الدول التي تدمرتْ خلال الحرب العالمية .. ان الأوضاع الامنية في تلك البلدان، بعد ان وضعتْ الحرب أوزارها .. كانتْ مستتبة الى درجةٍ مقبولة .. وتشكلتْ حكومات " مُستقرة " إلتفتتْ الى البناء بصورةٍ كُلية .. بينما نحن في العراق .. وبعد الإحتلال مباشرة .. دخلنا في دوامة الصراعات والتناحرات الطائفية والمذهبية، وسّهلنا الامر على دُول الجوار، كي تتدخل في شؤوننا بصورةس سافرة . الفرق بين الحالتَين .. هو ان الولايات المتحدة، وبالتنسيق الكامل مع حكومات تلك البُلدان، قامت بحماية حدودها وقدمتْ الدعم الكامل المادي والمعنوي لكي تقف هذا البلدان ثانيةً، على اُسُسٍ راسخة .. بينما، الأمر كان مختلفا عندنا في العراق .. فالولايات المتحدة الامريكية، لم تعتنِ كفاية بإختيار العناصر الجيدة والنزيهة من العراقيين، لكي تُدير المرحلة الإنتقالية .. ولا حرصتْ على ان يكون الامريكيين المسؤولين مباشرة عن الملف العراقي، من ذوي السمعة الحسنة والاكفاء والنزيهين .. وأنما بدلا من ذلك .. فأنها أسستْ لأسوأ أمرَين على الإطلاق : المحاصصة والفساد ! . هاتَين الآفتَين الللتَين، ما زُلنا نُعاني منهما لحد الآن .. حيث تَوَلدتْ منهما .. طبقة سياسية طفيلية، جشعة وبلا أخلاق ولا مبادئ .. هذه الطبقة المتسلطة على الحكم منذ الإحتلال .. من مصلحتها .. ان تمتد [ المرحلة الإنتقالية ] الى ما لا نهاية، حسب الشروط الحالية المناسبة لإحتكارها للسلطة والمال والنفوذ .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2226 الاربعاء 26/ 09 / 2012)

في المثقف اليوم