أقلام حرة

فقط حاسة الشمّ تشتغل عند الحكومة / ابراهيم الخياط

وحتى تواصلا صار أصحاب الظلال الخفيفة يسمون يوم 4 أيلول 2012 بأنه (الثلاثاء الدامي) ولكن بالعكس، وقالوا انه يشبه الاغنية العراقية الشهيرة (رسالة للولف) في مقطعها: (مكتوبة وفه واخلاص ... وفه واخلاص مكتوبة) فهذا الثلاثاء مثل هذا البيت، أي انه دام بفعل من يفترض أن يمنعون الانتهاك والدم.

وحتى أن قيادة عمليات بغداد وجهاز المخابرات ووزارتي الدفاع والداخلية والقيادة العامة للقوات المسلحة ومكتب السيد رئيس الوزراء باتوا لا يعرفون لعبة تشغل الشعب الصابر عن تقصيرهم واهمالهم وعدم آهليتهم الحكومية وعقمهم المحاصصاتي سوى النوادي الاجتماعية والثقافية ومواطن الترفيه الشحيحة أصلا، في حين أنهم لا يعرفون ولا أقول يغضون النظر بل لا يعرفون أن حيّا ارستقراطيا في بغداد اسمه (العامرية) يضم ـ الآن ـ بين جوانحه مضمارا فسيحا وما هو الا مقبرة لجيوب وقلوب الكادحين والجاهلين، ومحطة لخراب البيوت وبيع البيوت أيضا، انه (الريسيز)، ولا نذيع سرّا هنا، فبغدادنا ومحافظاتنا القريبة كلها وكذلك التاكسيات بألوانها تعرف أن الخيول المسوّمة تنطلق في الساعة الحادية عشرة من صباح يومي الثلاثاء والخميس من كل اسبوع في ذلك المضمار المحمي والمصان والذي لا يأتيه الجند ولا الهند ولا السند ولا الدعاوى ولا الفتاوى من قريب أو من بعيد، لان (الريسيز) العتيد غير ذي رائحة.

طبعا لا يمكن النظر الى الحريات باعتبارها قنينة خمر ليس الا، كلا فالامر أدهى لان بلدا عظيما مثل الاتحاد السوفياتي حين حلل الباحثون الاستراتيجيون أسباب انهياره ذكروا من جملة ماذكروا من الاسباب إهمال وتجاهل دور العوامل غير الاقتصادية في حركة التطور في المجتمع وعلى هامشه، والتي اصطلح على تسميتها بالعوامل الروحية، فضلا عن تأكيدهم على ضعف المكوِّن الديمقراطي في النظام الاشتراكي السابق، وطبعا تقع الحريات في لب هذا المكوّن، ومن هنا نرى ان أي خطأ يؤدي الى خطيئة وربما الى جريمة، لان حملة اغلاق النوادي بالشكل الذي حدث هو تنفيذ لارادة فرد أو أفراد ضد حقوق الانسان التي هي ـ من المفروض ـ خط أحمر في العراق الجديد، وهو تمرين تعبوي على القمع المبرمج والمخطط له، وعلى انماط غير مسبوقة من رشق الاهانات الفردية والجماعية، وعلى الاعتداء العلني وبالملابس الرسمية على الاموال والاعراض بما يشبه حملات صبغ سيقان الفتيات أوائل السبعينات.

وهذا التمرين التعبوي البائس ولكن الخطر في الوقت نفسه هو مايجب أن تقف أصواتنا وكتاباتنا واحتجاجاتنا السلمية الدستورية أمامه، فغفلة يوم قد يؤدي الى خراب سنين، ولا نحتاج لعرض تجارب الاخرين فالحمد لله وللطغاة الكثر أن لنا منها ما للدرس وما للحفظ وما للتقليد.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2226 الاربعاء 26/ 09 / 2012)


في المثقف اليوم