أقلام حرة

الجمعية العامة للأمم المتحدة ومصافحة المرأة. / أحمد إبراهيم

بإستعراضيات (رئيسنا صافح المرأة، ورئيسنا لم يصافحها) في قاعة الأمم المتحدة! .. فإنّ دوىّ ذلك الضجيج في الشبكة العنكوتية الغوغائية، أحرجت بعض المجانين، مجنون فيسبوك المنشغل عادة بليلاه بما هو أكثر من مصافحة ومعانقة.! كيف يُبرئ نفسه الآن، وهو الفيلسوف الأفلاطوني الخجول في الميدان، والشيطان الشهواني الجسور خلف الشاشات.!؟ ..

 معليش يا روميوباشا، عليك بترنيمة: (مالي بمرسي ونجاد إن صافح أو لم يصافح! لمّة حبّيتك ما خذتي رأي الناس.!).

 أولا نسأله نجاد: (إن كانت المصافحة حراما، فهل الإحتفاظ بالجزر الإماراتية المحتلّة عُنوة بسلاح الشاه حلال.؟)

 والجواب قد يكون مخجلا وضعيفا، لأنه يعلم وقد يشهد بنفسه على أن الحلال أقوى، قوة الحلال تُعلّمنا كيف نقبل الهزيمة، نعترف بها لاننكرها، نُظهرها لانُبطنها، نستفيد منها ولانخجل منها، وبالعقل وردّ الحلال لأهله قد نردّ الإعتبار ذلك الذي إفتقدناه، فتولد علاقات جديدة متجددة بالمنطقة، ودون تجديد لتلك التجاعيد القديمة.!

 وأما القاهرة التي ألبسوها يوما الحجاب والنقاب باسم (المقاطعة)، فتخلّينا عن مصافحتها ولم تعُد لنا القاهرة إلى ان عُدنا لها بالمعانقة قبل المصافحة .. هي ذاتها اليوم ولأول مرة منذ 1989 بحجم رئيس جمهورية مصرالعربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، وهى ذاتها التي كان قد وصلها قبل أيام من واشنطن (ابن الحسين/باراك أوباما)، الرئيس الأمريكي بُعيد فوزه الإنتخابات الرئاسية الأولى، وصلها سندبادا بحريا، ليخاطب العالم الإسلامي من ميكروفونات القاهرة (عاصمة المليون مئذنة) ..

 القاهرة حيرتني اليوم، ولعلها هى المحتارة أكثر في مصافحة المرأة من عدمها، أتحافظ القاهرة بالأفندي الناصري وقد أحيت ذكرى وفاة جمال عبدالناصر وبطربوش البشوات؟ .. ام ستُلبسه جُبّة الأزهري بلحية الدراويش؟!

 إن خيرما فعلتها جارة بنغازي الليبي (القاهرة)، أنها لم تتشنّج، لم تُعبّأ الشارع المصري بالجماهير الغاضبة (على الفيلم المسيئ لذات الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم)، لم تُحرّض على الهدم والتخريب، كما فعلتها صنعاء وتونس، والسودان وباكستان ودمشق، وعواصم أخرى قد تكون متأهبة لغد مجهول. برُبّ ضارّ غيرنافع.!

 شعرتُ وكأن الأرض ابتعلتني والقاهرة تنشغل في مثل هذا الوقت بفبركة (هل صافح الرئيس المصري النساء في نيويورك أم لم يصافح.؟!) .. وبيروت قبلها بتجميل أنف برلماني سابق! .. وقبلهما عواصم أخرى بفبركة الفيلم المدسوس المتزامن بالجمعية العامة للأمم المتحدة.!  .. القاهرة نريدها قوية في وجه لغة القوة، تعرف من يُشغل عواصمنا ببعضها يوما بعد يوم؟ وتعرف من هو ذلك المجهول الذي يقوى عادة على حسابنا يوما بعد يوم..!

 تكذب القاهرة إن أعتقدت أنها تنجح لوحدها، وتكذب دمشق وطهران وأنقرة إن اعتقدن أنهن جئن القاهرة لإبراز قوة فردية ونفود سيادي على كل العرب.! هذا المثلث الثالوثي الأخير (إيران تركيا ومصر) بغياب السعودية، لن تمتد لهم يدٌ من السماء لتساعد سوريا من قاعة الأمم المتحدة، إن لم تنضمّ الأيادي كلها، وبينها اليد الدموي السوري بكل أطرافها إلى اليد الوحدة العليا بكل العواصم، ليست بقاهرة وطهران وأنقرة فحسب، بل وبالرياض وأبوظبي وخرطوم والجزائر وتونس والرباط، وكل العواصم الحبيبة الى قلوبنا.

 والعواصم الحبيبة، هى العواصم الإسلامية كلها، معظمها بثمانين ومئة ومئتين مليون على التوالي من أمّة محمد، ويعني عاصمة المليار ونصف المليار مسلم في وجه 14 مليون يهودي يعاكسونا تارة بالفلم الحارق المسيئ وتارة أخرى بالرصاصة المسيئة الحارقة.!

 المسلمون على وجه الأرض 1.7 مليار، فقط في آسيا مليار، وبأفريقيا 400 مليون، و44 مليون في أوروبا، 10 ملايين في الأميركيتين، يعني ربع الكون مسلمون.! إذن لماذا المسلمون دائما ضعفاء في العالم وهم السواد الأعظم من العالم.؟! .. والجواب طُرفة وهزارا: (ذلك لأننا نصافح النساء.!) وفي الحقيقة (لكثرة الشوشرة والضجيج الاستعراضي في الأضواء من جانب، وكثرة التعليم ودقة التنفيذ في الخفاء من الجانب الآخر..!)

 إذن، فلنعُد للجمعية العامة المقبلة بجميع تلك العواصم وليست بالقاهرة وحدها، ولندخلها القاعة برؤساء ربع الكون1.7 مليار بشر، ولكن .. وياحبذا لو كنا دخلناها هذه المرة وكل من محمود عباس بخيشة طحين بلا طحين.! ودخلها مندوب سوريا بسلندر غاز بلا غاز.! ومندوب العراق بمولد كهرباء بلا كهرباء.! ومندوب اليمن بشباك أسماك بلا سمك..!

 وذلك ليتفقوا فيما بينهم على العاصمة المليارية المقبلة طحينها من حبوب عواصمها، أسماكها من بحارها، والغاز والكهرباء وكل الطاقات مصادرها عواصمها .. وليتفقواعلى أن لايعودوا مرة أخرى إلى تلك القاعة المغلقة في نيويورك بشين (الشيخوخة) وجيم (الجُبن).. طالما نحن بشين (الشجاعة والشفافية) وبفضاءات تلك العواصم، لأن شعوبها اليوم تُفضّل الهواء الطلق على الغرف المغلقة..

  

*كاتب إماراتي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2229 السبت 29/ 09 / 2012)


في المثقف اليوم