أقلام حرة

هل من مجادل باستتباب الأمن في العراق؟! / عدي فاضل شفيق

بمختلف مسمياتها منذ الاحتلال لغاية يومنا هذا، وكل الذين صرّحوا ولازالوا يصرّحون يتكلمون بنفس الوتيرة مع خفّتها وتصاعدها من تصريح لآخر وحسب الوضع الميداني ولكن كل التصريحات تجمع على أن القوات الأمنية مسيطرة على الشارع تماما !!!!!! ولكي نكون منصفين لهؤلاء السادة المسؤولين في تصريحاتهم فإننا سنأخذ بعضا من الشواهد الميدانية التي تعكس استتباب الأمن في العراق وبشكل كبير !!!!

منذ استلامه لرئاسة الوزراء لم يقوم دولة الرئيس المالكي بأية زيارة ميدانية لأية قرية أو مدينة أو ناحية ولا حتى لزقاق ضيق أو أي مرفق آخر يمس حياة المواطن بشكل مباشر، ولم يلتقِ بعامة الناس ليسمع منهم ويسمعون منه وليعطي انطباعا بان الأمن في العراق بخير وسلام رغم فيلق الحماية التي تحميه ومليارات الدولارات التي صرفت على بناء الأجهزة الأمنية !!!

لم تتوقف آلة القتل والدمار التي تستهدف عامة العراقيين بل بالعكس أصبح اختيار الهدف والمكان أسهل بكثير مما سبق ورؤوس الإرهاب هي من تتحكم بمكان وزمان العمل الإرهابي وسط تغافل الحكومة عن فساد القادة الأمنيين وتواطئهم مع الإرهابيين الذين يدفعون بسخاء عشرات (الدفاتر) فئة المئة دولار لهؤلاء القادة مقابل تسهيل عملهم.

تحول الاستهداف من الاستهداف الكمّي إلى الاستهداف النوعي، فكل يوم نسمع بان هنالك مواطنا أو مسؤولا أو موظفا قد اغتيل وقتل إما بكاتم للصوت أو بعبوة لاصقة أو بعبوة ناسفة، والغريب في ذلك بان استهداف هؤلاء يكون وسط بغداد أو مراكز المحافظات التي من المفروض أن تكون القوات الأمنية قد أحكمت قبضتها عليها امنيا !!!

لم يتوقف مسلسل هروب السجناء من كل سجون العراق وفي كل مرة تكون الطريقة أما استهداف مدخل السجن أو حفر نفق أو تواطؤ المسؤولين عن السجن !!! ولا نعرف كيف لهذا السيناريو أن يتكرر كل فترة ومن سجن لآخر !!! ألا يفترض بالسادة المسؤولين أن يتعلموا من الأسلوب والطريقة وإيجاد البدائل والحلول لهكذا اختراقات أمنية !!!!

لا تزال أجهزتنا الأمنية ورغم إنفاقها لمليارات الدولارات تتعامل بنظرية الدفاع السلبي وانتظار المهاجمين لينفذوا عملهم وبعدها تجري عمليات التمشيط والبحث والمداهمات والاعتقالات وحظر التجوال كمن يبحث عن إبرة وسط كومة من القش!!! كان الأجدر بهذه القوات أن تتعامل بنظرية معرفة ومتابعة منابع الإرهاب وتجفيفها.

لا تزال بغداد وأحياءها محاصرة بأسوار من الكتل الكونكريتية التي تقطّع أوصالها وتستبيح جمالها وتنتهك مكانتها ولا نعرف كيف لهم أن يصرحوا بان الأمن مستتب وهم أنفسهم يحتمون بتلك الكتل الكونكريتية !!!!

لم تجري أية فعالية فنية أو اجتماعية أو رياضية في العراق مهما كانت صغيرة إلا وخصّصت لها قوات أمنية لحمايتها ميدانيا !!! ووصل الحال إلى أن ترافق دوريات من الجيش والشرطة لمقدم برامج ترفيهية يزور بعضا من الأحياء الفقيرة لتوزيع بعض المساعدات عليهم وكذلك لايمكن لثلاثة فنانين أن يمثلوا مشهدا تمثيليا في شوارع بغداد إلا وكانت أفراد حمايتهم أكثر عددا منهم بأضعاف!!!! والأغرب من ذلك أن هذه البرامج والفعاليات تصوّر على بعد أمتار من مقر الحكومة في قلاع المنطقة الخضراء !!!!

لا يزال المسؤول العراق بدءا من السيد الوزير وحمايته ومرافقية ومدير مكتبه ووكيلة والمدير العام وحاشيته يتمتعون بحماية شخصية دقيقة، ولا يمكنهم السير بمفردهم تحت أي ظرف وفي أي مكان !! بل أن السخرية وصلت إلى أن يكون لمدير مركز شرطة حمايته الخاصة !!! وسؤالنا هو إن كان مدير مركز الشرطة وهو جزء من المنظومة الأمنية لا يمكنه حماية نفسه إلا بحماية شخصية فكيف سيحمي عامة الناس ويحقق الأمن المزعوم!!!

لا تزال المناصب الأمنية تباع بعشرات الألوف من الدولارات بل بمئاتها ولا نعرف كيف للسيد المسؤول الأمني أن يعمل بمهنية ومصداقية وهو قد دفع (سرقفلية) على منصبة في دولة ترفع القانون شعارا لها !!! وهل سيعمل هذا المسؤول بما يرضي الله وذمته وضميرة بعد أن باعهم مقابل حصولة على هذا المنصب أو ذاك؟؟؟ وبالتأكيد فان عملية استرجاع المبلغ المدفوع والثراء من بعده ستتم من (جلد) المواطن المسكين !!! والعملية برمتها عملية تجارية وليست أمنية !!!

وبعد كل هذا ... هل سيخرج علينا بعضهم ليقول بان الأمن مستتب في العراق ؟؟؟!!!! سؤال بريء نوجه للسادة المسؤولين أصحاب الشأن.

 

عدي فاضل شفيق

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2231 الأثنين 01 / 10 / 2012)


 

في المثقف اليوم