أقلام حرة

موجة كواتم ومفخخات تضفي على الازمة احتقانا / منير حداد

لا تبلغ متنا، وتظل مجرد عَرَضاً دائرا في فلك فارغ، عاجزة عن النفاذ الى الجوهر، اذا ما قيست بالتباين الايديولوجي والتفاوت بين الغرماء السياسيين، وهم يدقون اسفينا يفصل العراق الجديد عن شعبه، عداءً وتوجساً وريبةً ومشاطرةً (مغالب) أشد ضراوةً والعنَ، من الهوة التي فصلت العراقي عن وطنه وفصمت عرى انتمائه، ابان عهد الطاغية المقبور.. صدام حسين.

لذا يشهد الانسان العراقي، جثثا تتساقط في الشوارع والساحات العامة، من فترة الى أخرى، في سلسلة موجات تشغل الام عن رضيعها وتشتت كل ذات حمل عما يدخر رحمها من نطفة حياة ستنبثق الى الوجود من بين الصلب والترائب، ولا يعلم عما يجري له شيئا.. انه مغيب عن قدره.

اذن ثمة مخربون يتربصون بالعراق، يلحقون به الدواهي، وهم ينوعون تغييرا في وسائلهم واساليبهم وبرامج اشتغالهم؛ فهم فايروسات، لان الفايروسات، بعد كل جرعة من مضاد حيوي ما، تستحضر مناعتها تجددا، وهذا ما يفعله فايروس الارهاب في العراق؛ اذ كلما انتهجت الحكومة سبيلا، للحد من الارهاب، جدد الارهابيون حواضنهم الداخلية، ومنطلقاتهم الخارجية، لاحتواء وسائل الوقاية التي انتهجتها الدولة.

وكلما جددت الدولة في اساليب التصدي، دفاعا عن العراق الديمقراطي الجديد، ومكتسباته، في التحرر من الطاغية وتحقيق رفاه وطني لكل انسان على ارض الرافدين، اكد الارهابيون حضورهم في المشهد، يملون شروطهم على العراق ممثلا بحكومته الوطنية، عبر سلسلة تفجيرات تجري برعاية شخصيات وجهات معلومة، تبعث رسالةمكتوبة بدم الابرياء، الى الحكومة، تحثها على الاستجابة لبشاعتها، بعد ان رست سفينة العراق التي تجاذبتها الاهواء وكادت تميل.

رسو سفينة العراق الحديث، على بر الامان والرفاه الاقتصادي الذي بدأ المواطن يتلمسه، منجز حكومي ينبغي ان تتضافر جهود الجميع في الحفاظ عليه؛ اذ يقول الرسول (ع): كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فاختلفوا في الارض انتشارا، ولسوف تعلمون اي منقلب ينقلب الخارجون عن هذا المنطق العملي الجاد.

درجات الضررتتفاوت، شدا وارتخاء.. تبسطا وتوترا، يدفع فاتورتيهما المواطن، الذي انهصر تحت ضغط ارادات تتناجز، فيجر تناجزها، القتل بالمسدسات الكاتمة وانفجار السيارات المفخخة، حيثما ولى العراقي وجهه.

المواطن يتحمل عبء انتشار ظاهرة القتل بالكواتم وتفخيخ السيارات. أؤكد: اشد درجات الضررالفعلي من شيوع ظاهرة المفخخات، هي تلك التي تلحق بالمواطن على ارض الرافدين؛ اذ يوقت المخربون لنشر ارهابهم ملء بغداد في يوم مهم من تاريخهم، بتوقيتات واماكن تنفذ كما محدد لها؛ ما يعني انهم مروا من السيطرات التي تستخدم جهازا غير  فعال او معدوم الثقة، لكن (الغرقان يتمسك بقشة).

نرى جهات من داخل العملية السياسية تحول لي ذراع الدولة باتجاه مصالحها على حساب حق المواطن، لكننا لم نرَ السلطة التنفيذية تخضع لارادة تضر المواطن.. ما يعزز ثقتنا بالحكومة، ويحثنا على مؤازرتها في تخطي المحنة.

هؤلاء المخربون، يحتفظون بحقهم الشيطاني في التخريب من خلال تحويل القرارات التي ارادوا تمريرها من مجلس النواب، الى كواتم تقتل بخفاء خفاشي فظيع، وسيارات مفخخة تطيش بلب القاصي والداني، فهم يحرقون بغداد بنار كلما طرحت لهم قضايا على طاولة السياسة او القضاء او الحق الشرعي للمدعي ازاء المدعى عليه.

اما من هم المخربون، فلكل قضية فصلها المتربص خوارا في قوى المواجهة، لتنبري تلك الجهات معلنة مسؤوليتها عن الرسالة التي بعثتها على جناح مسدس كاتم للصوت او سيارة مفخخة، ومنها قضايا لا يملك ابن انثى حولا ولا قوة فيها، سوى الاحتكام الى الدستور.

المهم هو ان الجهات المخربة تشخص من قبل رجال عمليات بغداد، من خلال اقتران التفجيرات بمطالب يحاولون ربط العراق بها الى منافعهم الشخصية.

اصعب ما في فقرات هذا الرأي اظل مصرا عليه، هو ضعف الاجراءات التحرزية، ووسائل التصدي للمخربين، الذين يعيثون فسادا من خلال التنفيذ الدقيق لمهماتهم الاجرامية، من دون ان تتوفر لنا ملاكات لمواجهتها باجهزة حقيقية وليست (فالصو) او (اونطة) او (كلاوات) نحتاج ملاكاتٍ مدربةً على كيفية احباط فاعلية المخربين. والمعالجات كثيرة (بس اشتغلوا). 

 

القاضي منير حداد

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2232 الثلاثاء 02 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم