أقلام حرة

الإحباط .. والديمقراطية / امين يونس

.. كنتَ تعتقد انك ذو شعبية منقطعة النظير وانك محبوبٌ لشخصكَ وليسَ للمنصب الذي تشغله؟ بل كنتَ تتوهم انك مسموع الكلمة، لمنطقك السليم وثقافتك، وليسَ للنفوذ الذي تتمتع بهِ؟ هل إكتشفتَ مُتأخراً ان " التماثيل " التي نَحّتَها، من الممكن ان تنقلبَ عليك؟ طالما قُلتَ، انكَ " صنعتَ " فلان وفلان .. ولولاكَ لِما إستطاعَ سين ان يقف على رجليهِ .. ولا تَمّكنَ صاد أن يحصلَ على شئ ! . يا ما رَدَدتَ في كُل مَكان، أنك انتَ مَنْ خَلقَ هذا الكيان .. صحيح ان بعضهم ساعدك منذ البداية وآخرين ساهموا في إنجاح العمل .. لكنك أنتَ كنتَ دائماً، المايسترو الذي بيدهِ العصا .. الذي يقود .. ويأمر فيُطاع ! . هل حقاً ان حساباتك كلها كانتْ خاطئة ؟ .. هل كنتَ تبني مجدكَ على اُسُسٍ واهية ؟

كنتَ تعتقدُ واهماً .. بأن قلاعكَ مَحمِية جيداً .. وان نِصال السهام لن تصل إليك .. وأن الأسماء الرنانة لأقرباءك المتنفذين .. كافية لِرَدع كُل مَنْ تُسّوِل له نفسه .. النَيل منك .. او الإستيلاء على موقعك . فيا للوهم الذي كنتَ فيه !! . لأن كُل ذلك لم ينفعكَ في النهاية .. بل حتى محاولاتك المُتأخرة والبائسة .. في التراجع ومحاولة التوصل الى حلٍ يحفظ لك بعض ماء الوجه .. باءتْ بالفشل . طبعاً .. كُل ما ذكرتهُ أعلاه : ليسَ القصد من وراءه .. التَشّفي .. لأن بعض رذاذ ما أصابكَ .. أصابني أنا أيضاً كما تعرف .. لا أعني، من الناحية المادية قطعاً .. بل من الناحية المعنوية .. فالكُل كان يعتبرني " محسوباً " عليك .. وأنك تضمني تحت جناحك " ويا للسُخرية، فلقد تَبّينَ ان ذاك الجناح مكسور ! " .

ما أصابكَ يا صاحبي .. دفعني الى مُراجعة جملةٍ من الامور .. التي لم اكن اُفكر بها مَلياً في السابق .. (ليسَ هنالكَ أمان) .. فالصَرح الذي بذلتَ الجهود في بناءه .. سّلَمْتَهُ مُرغَماً الى آخرينَ .. والعشرات الذين كُنتَ تتصوَر أنهم من مُريديك .. وسوف يقفونَ معك .. ذابوا مثل فُصِ ملحٍ في الماء ! .. وبقيتُ انا معك .. ولكنك تعرف جيداً .. أنني في مثل هذه المُناسبات التي تتصارع فيها المصالح والمنافسات على المناصب .. لا أتَقِنُ اللعبة، لأنني بالأساس لم أكن اطمح الى أي مكسبٍ شخصي ومن أي نوعٍ كان . بعكسكُم أنتمْ جميعاً !.

بُتُ أميلُ الى الإعتقاد .. بان الطريق ما زالَ طويلاً وبعيداً .. للوصول الى فهمٍ صحيحٍ للديمقراطية ومُمارستِها .. حتى في محيطنا نحن الذين نعتبرُ أنفسنا نُخبة . فهي ليستْ وصفة تُصرَف بمجرد الذهاب الى صيدلية .. ولا تتحقق بصدور بيانٍ أو قرار فوقي .. انها أعقد وأعمق من ذلك كثيراً .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2233 الاربعاء 03 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم