أقلام حرة

محاولة تمرير قانون العفو عن السجناء .. ان أحد أهداف مؤامرة طارق الهاشمي / حسين حامد

مدمر ظل متربصا في كل زاوية من شارع وزقاق، لتمزيق مزيدا من أجساد ضحايا شعبنا الابرياء. وأمام هذا الواقع الدامي، ظلت الكتل البرلمانية وفي كلا الدورتين،2005 و 2010، تحرصان على تأكيد عدم ولائهما لشعبنا من خلال ضلوعها في نشرالفساد ودعم الارهاب وتبني المواقف الخيانية والتأليب ضد الحكومة والوقوف بوجه التحالف الوطني – كتلة عراق القانون بزعامة الاخ المالكي، بغية افشال تمرير المشاريع والقوانين التي تهدف الى وضع حد لمعانات شعبنا، والتي كان اخرها مشروع قانون البنى التحتية، حيث وقفت هذه الكتل وكالعادة، عارية من شرفها، ضد تمريره. والامر الذي أصبح لا شك فيه، أن هذه الكتل في البرلمان تسير وفق سياسة أملتها عليها أنظمة خارجية، وتم رسم خططها بحذر ودقة قد لا تخلوا من دهاء. فالكتل البرلمانية في هذه الدورة الثانية، يبدوا انها قد استفادت كثيرا من خبرات من سبقها، وخصوصا فيما يتعلق بتحركاتها المقترنة بالحرية والثقة من خلال ما سمي (بحكومة الشراكة)، واستيعابها لوسائل وطرق تفكيرالحكومة وتأشير نقاط ضعفها، ومن ثم التحرك لتدمير فرص استباب الامن والاستقراروتعطيل مقتضيات البناء والاعماروالتطور.

وان كانت علاقة هذه الكتل بالانظمة الخارجية ليست أمرا جديدا، فان العملية السياسية ومنذ بدايات النظام الجديد، شهدت وقائع ومواقف وسياسات تبناها بعض زعماء هذه الكتل، لا انتماء لها للشرف والوطنية والكرامة في شيئ، فأنهم أثبتوا أنفسهم من خلالها كمطية لانظمة الجوار التي تحاول تحطيم العراق.

والذي يؤكد عمالة هذه الكتل، وهو أمر جدير بالوقوف عنده والتمعن به كظاهرة ملفتة للنظر، هو أنه ليس من الممكن ان يكون حراك مثل هذه الكتل، في تحدياتها للحكومة وبالسطوة التي تقدم نفسها فيه في البرلمان، من خلال تنفيذها لخططها وانسجامها و تنسيقها في مواقفها مع بعضها البعض، لم تكن لتستطيع كل ذلك مالم يكن ورائها مؤسسات محترفة وحكومات خارجية تمنحها كل هذا الزخم من صلافة وعهر!!!!. فهذه الكتل وحدها لا تستطيع أختراق الاجهزة الأمنية أو تنجح في التنسيق مع منظمة القاعدة الارهابية وجعل التفجيرات تندلع كما نراها، إن لم يكن ورائها تلك المؤسسات والحكومات التي ترتبط مع زعماء تنظيم القاعدة؟  ثم، يأتي سؤال بسيط ليفرض نفسه: كيف استطاعت هذه الكتل من تنظيم نفسها لتصبح أكثر تلاحما وانسجاما، وتبدوا بما عليها من دهاء وذكاء وخبرات ووعي سياسي، وهي كتل، شبه أمية (بعد افتضاح مستوياتهم الدراسية، وجرائمهم في تزوير شهاداتهم؟). 

فهذه الكتل ومن خلال ما مرسوم لها من ادوار تخريبية، قد سعت ولا تزال تسعى لتحقيق هدفين اساسيين:

 ألاول، اثبات قدرتها على ترهيب شعبنا من خلال اظهارعلاقاتها بتنظيم القاعدة،والاعتماد على تكرر الارهاب واندلاع التفجيرات متى شائت واين ما شائت من ارض الوطن، جاعلة من تلك التفجيرات كردود افعال غاضبة ضد مواقف الحكومة إن (تجرأت) وحاولت تمرير منجز ما تهدف من خلاله توفير نوعا من الطمأنة لشعبنا واستمرارالعلاقة بينه وبين حكومته.

وثانيا، من اجل تأكيد هذه الكتل لعدم تهيبها ولامبالاتها، بغية زيادة ضغوط ألتحديات لارباك الاوضاع والتأليب ضد الحكومة من خلال خلق وافتعال ألازمات والمشاكل، لزيادة نقمة الشعب على تقصير الحكومة في جانب عدم توفير الخدمات. ولكن تبقى هذه الكتل، تسعى ماضية من اجل تحقيق هدفها الاستراتيجي الاهم، وهو خطة العودة التدريجية للنظام البعثي بهدوء من خلال تحشيد البعثيين في مرافق الجيش والسلطة والمجتمع.

فالكتل البرلمانية تدرك جيدا أن عودة البعث وبالشكل التي عاد فيه في تموز1968، أمرلا يمكن تحقيقه بسهولة، بسبب ما يتوقعونه من ردود الافعال الشعبية وما سيخلقه من كوارث كبرى لهذه الكتل نفسها ولفئات الشعب على حد سواء. ولكن تبقى خشيتهم الكبرى من التدخل الايراني ان هم اختاروا طريق الانقلاب العسكري. ومن اجل ذلك الهدف، فقد تبنوا ومنذ البدايات، هدفا يسيرا للتمهيد لهدفهم النهائي، هو الوقوف بوجه كل قانون او مشروع او منجز من شأنه دعم واصلاح حياة شعبنا، وخصوصا اذا كان ذلك يمنح المالكي شعبية أكبر. فهذه الكتل تدرك جيدا ان شعبية المالكي هي التهديد الحقيقي لها ولاهدافها.

وقد يتذكر الجميع، أن هذه الكتل البرلمانية وقبل حوالي عامين تقريبا، بدأت باطلاق حملة اعلامية تخللها صراخ وضجيج عالي في الدفاع عن قتلة شعبنا من الارهابيين في السجون، مصرة على وجوب اصدار قانون للعفو من اجل اطلاق سراح هؤلاء القتلة، بحجة انهم مواطنين وقع عليهم (الظلم) !! بينما هؤلاء القي القبض عليهم واعترفوا في ضلوعهم في الارهاب وقتلهم مواطنين ابرياء. كما ورافق ضجيج تلك الكتل في ذلك الحين، زيارات مريبة ومتكررة لعراب الارهاب طارق الهاشمي الى السجون، وكان لها مغزى غامضا. وقد كتبنا في وقتها الكثير من المقالات عن تلك الزيارات، حاولنا فيها لفت الانتباه لما يجري، وتسائلنا عن أسباب واهداف وفحوى تلك الزيارات، ولماذا يزور طارق الهاشمي الارهابيين في السجون بينما يمتنع عن زيارة ألايتام أوالمرضى الراقدين في المستشفيات أوجرحى غدر الارهاب ؟؟ ولكن كتاباتنا كانت هواء في شبك. حتى وصل الحال ان المجرم طارق الهاشمي، كان قد حاول اطلاق سراح السجناء الارهابيين بدون اصدار قانون!! لما كان يتمتع به من وسائل وامكانيات وعلاقات وطيدة مع مسؤولين حكوميين كبار كانوا يمدونه بالدعم ويسارعون الى تبرير مساعيه الاجرامية.

كما المجرم طارق الهاشمي، كان يقوم بزيارات مريبة للسعودية والاردن وتركيا وقطر والى الولايات المتحدة وغيرها، بحرية وبلا قيود وبدون مسائلة من أحد!!!  فضلا عن الدعم اللامحدود وبمليارات الدولارات التي وضعت تحت تصرفه من النظام السعودي (والذي كشفه النائب حسن العلوي). لكنها كانت رحمة البارئ تعالى وحدها التي كشفت اجرام ارهابه صدفة. فقد كان ألاخطر بين جميع (رجال) الارهاب ممن لا يزالون في البرلمان والسلطة!! وكانت اهداف طارق الهاشمي الرئيسية تتركز على تشكيل مليشيات سرية بإمرته من هؤلاء الارهابيين بعد اصدار قانون العفو واطلاق سراحهم، ليكون هذه المليشيات دورها في الاحداث القادمة المرسومة.  حينذاك، ستكتمل خطة الكتل البرلمانية،  وتصبح مستعدة لاسقاط النظام الديمقراطي واعادة النظام البعثي، وكما اسلفنا بدعم من تركيا وقطر والسعودية. ولا يزال ذلك الهدف قائما، على الرغم من تأجيل وتحوير الخطة بعد انكشاف جرائم طارق الهاشمي.  

وباعتقادي أيضا، ومن خلال متابعة الاحداث، أن الخطط المرسومة لهذه الكتل البرلمانية، تفرض عليها عدم التجاوز لاسقاط الحكومة فعليا، إلا بعد اتمام حلقات خطتها التئامرية و لعدة اسباب. من بين تلك الاسباب، أن اسقاط حكومة المالكي ليس في صالح أهداف هذه الكتل ولم تصل بعد الى مراحل مؤامرتها، حتى وان تظاهرت بتبني ذلك الهدف. ذلك أنه من خلال الاستراتيجية التي تم وضعها لها، فهذه الكتل عمليا ما تزال تعتقد أنها قادرة على تحقيق معظم اهدافها من خلال تحركات مختلفة، فتارة من خلال المناورات والضغوط، وتارة اخرى بواسطة التهديدات بازاحة المالكي والذهاب الى اربيل والنجف وغيرها، واخرى من خلال اندلاع التفجيرات، ولكن يبقى هدفها الحقيقي غير ذلك . فازاحة المالكي في هذه المراحل، سيخلق لها أوضاعا في غير صالحها، لانها تتوقع أنها من الممكن أن تتعرض الى القمع من قبل من يتبؤا مكان المالكي، مما قد يعرضها الى الفشل وانكشاف خططها ونواياها. كما وأن هذه الكتل تتوقع أن رئيس الحكومة الجديد سيقوم بفرض سياسات تتسم بالشدة من خلال اصدار قوانين تعرقل مسعى تحقيق أهداف خططهم بينما تكون في مراحلها الاخيرة. فعلى افتراض ان رئيس الوزراء الجديد (وهو من الشيعة أيضا)، سيتحاشى اتباع سياسة المالكي في التزام الصمت أمام تحديات تلك الكتل أو غيرها، بعدما يكون قد تعلم (الدرس)، وينبغي عليه النجاح في مهمته الجديدة كرئيس للوزراء وبأي ثمن، ربما حتى من خلال تعليق الدستور وفرض خطة الطوارئ . فكحقيقة، أن شعبنا لا يعلم وبشكل قاطع من الذي يؤمن في الديمقراطية من قيادات الائتلاف الوطني ومن هو لا يؤمن بها. ولربما أن الاخ المالكي، هو وحده من يطمح في جعل عراقنا ديمقراطيا، ولهذا السبب نجده يتحمل الكثير من اجل ذلك. وشخصيا لا أستطيع وللحظة واحدة مثلا، تصور، أن العراق يمكن أن يستمر في نظامه الديمقراطي حينما يقدر للسيد مقتدى الصدر او للسيد عمار الحكيم أن يصبحا رئيسا للوزراء؟؟؟ . ولهذا، كان من الافضل لهذه الكتل، أن تختار ألاستمراربتعزيز اهدافها والتركيز على جانب التأثيرعلى الرأي العام في نزاعها مع الحكومة واستغلال وسائل اعلامها لاضعاف صوت الحكومة وتحقيق اكبر قدر ممكن من مكاسب في جولات المساومات مع الحكومة نفسها. 

وختاما، نرجوا أن يتوصل ألاخ المالكي سريعا الى قرار تشكيل حكومة الاغلبية، فذلك هو الحل الوحيد لوقف النزيف، وخصوصا ان المؤتمر الوطني لم يعد له معنى في التصالح مع كتل ارهابية. حيث كان من المفترض من الاخ المالكي ان يكون قد قام بتشكيل حكومة الاغلبية منذ زمن بعيد . فهذه الكتل ستستمر في مساعيها الاجرامية في الوقوف ضد المشاريع الوطنية التي من شأنها تقديم الخدمات لشعبنا وبناء العراق . في نفس الوقت لن تتوانى عن استباحت دماء شعبنا. ويبقى حال العراق والعراقيين بعيدا عن الاستقرار من خلال استمرار الارهاب .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2233 الاربعاء 03 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم