أقلام حرة

الدمكرادتيسيه وئدت الديمقراطيه في العراق

من صياغة القواعد العامه التي يعيشون في ظلها او تعديلها او المحافظة عليها بالاضافة لوضع الخطط المستقبلية الثابتة والبديلة لكل ميادين الحياة لضمان أستمرار الحياة وازدهارها. وترتبط بظاهرتي الصراع السلمي والتعاون. وعليه فالسياسة فن وعلم لصياغة قوانين وخطط تخدم المجتمع بصورة عامة. الا اني لست شغوفة بالعملية السياسة العراقية بحد ذاتها على الاطلاق لما جلبته لنا من ويلات بأسمها وضاعت اجيال بالكامل بسبب عدم نضجها كمصطلح. ولكن منذ سقوط الصنم وانا اتابع كل مايجري على الساحة العالمية والعراقية بصورة خاصة ولا يعني هذا اني متعصبة للعراق. ولكن اقولها بصدق اني افرح لفرحه واحزن لحزنه واتلهف لمعرفة نجاحاته وتقدمه وامتلئ بفخر عارم واحاسيس لا توصف وانا اقرء كل كلمة تكتب فيه وتحسب له ولشعبة ومها حصلت وتحصل من اخفاقات لايعني هذا نهاية المطاف المهم ان نستفيد من اخطائنا لتصحيح المسير لان الابداع العراقي ليس له حدود. ولكن ما شدني هذه المرة الفهم العجيب الغريب لمفهوم الديمقراطية كمفردة في العملية السياسية، وكيفية تداولها من قبل القوى السياسية على الساحة العراقية. فكلنا يعرف ان الديمقراطية هي حكم الشعب كما توضحه اصل الكلمة اليونانية. والديمقراطية تستند على ركنيين اساسيين في الحكم هما: حكم الاكثرية وحماية حقوق الاقليات والافراد من خلال تنظيم مفاهيمها ومبادئها التي لا يمكن تجاهلها. كتداول السلطات سلميا، و المحافظة على حكم الاغلبية، ومبدء التمثيل والانتخاب، والمساوات بين ابناء الشعب، ومفهوم المعارضة الوفية، وسيادة القانون، واللامركزية. وتطبيق هذه المبادئ طبعا نسبية ونسبيتها تتعلق بالبلد المطبق لها لما يمتلكه شعبه وسياسيه من ثقافة وادراك لمفهوم الديمقراطية ومبادئها والعملية السياسية برمتها. اما على الساحة العراقية فالمطبق حاليا مفهوم الدمكرادتيسية ومعني هذه (الدمكرادتيسيه) يعني بمفهوم سياسي العراق ترتكز على ثلاث اركان اساسية هي :الدم، والاكراد، والتيسيه (التيوس). فالدم حل محل حكم الاغلبية فأصبحت الاولوية للاقرباء من نفس العائلة والعشيرة، الدم القبلي الواحد. فالمسؤول والوزير والرئيس والحزبي يفضل الاقرباء من الدرجة الاولى. فعمت المؤسسات والوزارات ومختلف الدوائر وتوشحت برابطة الدم التي جلبت الويلات على الشعب العراقي هذا اولا. وثانيا كثر الدم العراقي المراق على الساحه العراقيه. و هذا ما رصدته لجنه الدفاع عن حقوق الانسان في بريطانيا حيث ذكر تقريرها بأن عدد القتلى في العراق للفترة مابين 2004 - 2008 والمعتمد على شهادات الوفاة الصادرة من وزارة الصحة العراقية هو مابين 85 الى 100 الف شخصا. وتضمن التقرير ايضا 15 الف جثه لم يتعرف عليهم. ومن بين القتلى 1279 طفل و2334 سيدة و263 استاذا جامعيا و21 قاضيا 95 محاميا و269 صحفيا وهذا فقط نتيجة العنف. اما الوفيات الناتجة عن عوامل اخرى مثل الدمار الذي اصاب البنية التحتية والخدمات الصحية والضغوط النفسية التي ادت الى مزيد من الوفيات فهي غير مرصودة. ووفقا لاحصائيات هذا التقرير اصيب 148 الف شخصا خلال نفس الفترة اصابات مختلفة. اما اخر احصائية عن هيئة الاحصاء بالعراق وهي جهة غير حكومية قد وضعت عدد القتلى لنفس الفترة بنحو 93540 شخصا. ومن المفارقات المضحكه المبكية تم احصاء الحيوانات والشجر وتجاهلو احصاء البشر في العراق لغاية في قلب يعقوب السياسي. اذن اصبح واضح لنا الركن الاول من الدمكرادتيسية في العراق هواذن حكم الدم واراقة الدماء. اما الركن الثاني هو الاكراد وهنا ينطبق عليهم المثل العراقي (مهروش ووكع بكروش). فما نراه من تصرفات للحزبيين الرئيسين لا يصدق فتهديداتهم مستمرة بضم المناطق المتنازع عليها بعد ان احدثو هذا المصطلح السياسي الجديد (المناطق المتنازع عليها) وكأن الحديث يدور حول مناطق بين دولة واخرى. وزياراتهم المتكرره لدول الخليج وايران وتصريحاتهم التي لا تعرف الحدود السياسية والاجراءات المعقدة من قبل سلطات الاقليم حيال دخول العراقيين واقامتهم في المنطقة الشمالية وكأننا نزور بلد الصين مثلا، بالرغم من ان الرئيس ونائبه وبعض الوزراء وعدد من البرلمانيين والادارات العامة والجيش وغيرها من المواقع يترأسها اكراد ناهيك عن نصف مليون كردي يسكن بغداد، وتصدرهم التمثيل الدبلوماسي للعراق. ولم يكتفو بهذا فأقرارهم دستور الاقليم الذي يعتبر مناطق حوض نينوى ومناطق في ديالي وبدره وجصان في محافظة واسط الواقعة في وسط العراق وكركوك مناطق تابعة لكردستان ورفعهم العلم الكردي (اللهم صلي على محمد وال محمد) وجيشهم الباشمركي، وتمنعهم المستمر من الحوار لحل بعض القضايا مع السلطة المركزية والاستهانة بكل ما تتخذه الحكومة المركزية وفتحهم الحدود لكل من يعادي العراق من اشخاص وشركات واجهزة استخبارات ناهيك عن الصفقات التجارية المشبوهة والعقود النفطية الغير معتمده من حكومة المركز واستحواذهم على كل خيرات شمال العراق والمراكز الادارية والتمتع بها بأسم رابطة الدم واهمال الشعب الكردي الغارق في الخوف من الاقصاء والفقر، كل هذا يجسده الركن الثاني من الدمكرادتيسية بأمتياز. اما الركن الثالث هو (تيوس) العملية السياسية وممثلي الدمكرادتيسية الجديدة الذين سرقوا العراق وهربوا ولا تزال ملاحقتهم مستمرة، وداعمي الارهاب والتفجيرات والمعطلي كل قرارات البرلمان و المعلن انتمائهم الى دول الجوار التي لا تريد للعراق خيرا، وهم كثر ومن كل الاحزاب والطوائف. اما المفاهيم والمبادئ التي تسير امور الديمكرادتيسية المعتمدة هي ما يلي : السلطات لا تسلم الا بحرب اهلية معلنه و المسؤليات لرفاق الدم فقط، وحكم الاغلبية اصبح حكم الفوضوية لان الاحزاب اصبحت لاتعد ولا تحصى بالاضافة الى الكتل والتجمعات وممثلي مختلف القوميات المستندة على المذهب واللون والقومية والطائفية والمظلومية، ومصطلحات ما انزل الله بها من سلطان فاصبح العراق بدون اغلبية تذكر جراء هذه التفرقة والمحاصصة القاتلة. اما مبدء التمثيل والانتخابات اصبح سعلة للبيع والشراء ولمن يدفع اكثر ففقدت مصداقيتها بين ابناء الشعب العراقي والعزوف الاخير عن تحديت السجلات الانتخابية واضح للداني والقاصي. والبرلماني لا يتمتع بأستقلالية القرار فالقرارات معطلة والحركة السياسية مشلولة. والا لماذا لم يصدر لحد الان تعديل قانون الانتخابات اكرر تعديل القانون. و مفوضية الانتخابات مشكوك فيها ناهيك عن كثرة اللجان المشكلة مع ايقاف التنفيذ. اما المساوات بين ابناء الشعب حديث يطول شرحه لان الواسطة والمحسوبية والمنسوبية الحزبية والعشائرية لها اليد الطولى في تقيمها للمساوات، فالمرأة مثلا 60 % من الشعب العراقي مغيبة بالكامل عدا واجهات بعض الاحزاب السياسية من النساء. ومفهوم المعارضة الوفية اصبحت ارهاب وتهديدات وتفجيرات واختيالات والدليل كل برلماني ومسؤول تحرسة عشرات الرجال والمقرة قانونيا بأسم الحماية الشخصية اما العباد الهم الله. اما القانون وسيادتة، فالدستور حير الكتاب والباحثين والحقوقيين. وسأذكر لكم بعض متناقضاتة من خلال الدراسات التي قدمت حوله. المادة 1 لم توضح هوية العراق. المادة 4 جعلت للعراق لغتان رسميتان هي العربية والكردية علما اغلب دول العالم تعتمد اللغة التي يتكلم بها اغلب أبناء الشعب (وخذ مثلا الهند فيها اكثر من 400 لغه و1500 لهجه والله ما اعرف كم لغة ستعتمد بمفهوم الديمكرادتيسية هذه. انت احزر؟) نرجع لمواد الدستور. المادة 9 من الباب الاول تدعوا ضمنيا للمحاصصة والتقسيمات حتى داخل الجيش. المادة 18 من الباب الثاني لا نعرف العراقي من هو بالضبط. المادة 25 تجاهلت القطاع الحكومي في التنمية الاقتصادية. المادة 23 في التملك الفقرة ( أ) تناقض الفقرة (ب). المادة 23/ ثالثا/ ب تخالف ماجاء بالمادة 42 اولا. المادة 40 مخالفة لما جاء في المادة 2. اما الطامة الكبرى المادة 45 تسمح بقانون عادي بتعديل نص دستوري. المادة 49 والمادة 69 والمادة 76 الخاصة باليمين الدستوري لم تذكر الحفاظ على وحدة العراق. المادة 50 تشير الى عدم وجود نص صريح لقانون مجلس النواب. المادة 58/ اولا/ ( أ) ترفع نسبة حضور مجلس النواب الى نسبة الاغلبية المطلقه لانعقاد جلساته اما الفقرة (ب )/اولا/ تنص على اتخاذ القرارات بالأغلبية البسيطة وبالرغم من هذا القرارات معطلة. الباب الرابع المادة 2 والمادة 7 والمادة 14 تنسف وحدة التمثيل العراقي الخارجي والعلاقات الدولية والدبلوماسية. ناهيك عن عدم الوضوح بالموارد المالية والموازنة العامة والعملة وغيرها من التفصيلات الاخرى المتعلقة بالطائفية والقومية ومواد أكثر متناقضة يطول شرحها. هذا ما يخص دستور الدمكرادتيسية. اما مفهوم اللامركزية استبدل بشعار (صار البيت لمطيره وطارت بي فرد طيره) وعليه كل مسؤول يصرح ما يريد ويعقد صفقات براحته ويترأس وفود على مزاجه وناس ترفع وناس تكبس. وازدهرت صالات الاردن وسوريا ومصر و في كل يوم وفد رايح ووفد راجع وهذه الزيارات بعض منها معلن والبعض الاخر لا يصرح به. وعلى حساب هموم العراقيين والمصيبه بدون فائده تذكر و كل شي باقي على نفس الحال (يعني تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي) المهم صرف وسفر وميزانيات خاصة. والمواطن لا حوله ولا قوته له الحمد لله مسموح له ايزور ويلطم ويبكي. والخدمات العامة معطله بفضل تأجيل القرارات من قبل البرلمان خوف ان تحسب لصالح الحكومه وهذا هو عظمة الدمكرادتيسية. وعلى حد قول الاستاذ مثال الالوسي لسؤال طرحه عليه مذيع الفيحاء حول اهمال الخدمات للشعب العراقي من ماء وكهرباء وعناية صحية. فأجاب لماذا تقول هذا واي تعطيل تعني ! تعال وشوف بيوت البرلمانيين والوزراء والمسؤولين الكبار عندنا الماء الصافي وعدم انقطاع التيار الكهربائي وارقى الاثاث نستورده من الخارج اما المواطن فهو ليس بحساباتنا. نعم هذا هو الجواب الوافي والصريح. العراقي لم يكن يوما في حسابات المسؤولين الدمكرادتيسين ولا حتى سيكون اذا ما بقيت نفس التشكيلة البرلمانية قائمة. اذن بهذا الشرح وبكل اوجه و مفاهيم الدمكرادتيسية هذه وئدت الديمقراطيه في العراق وهي في المهد والله اعلم ماهو المصطلح السياسي الجديد المرشح للاغتيال مستقبلا؟

أ. د. أقبال المؤمن

 

 

 

 

أ.د.أقبال المؤمن

 

 ............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1206 الجمعة 23/10/2009)

 

  

 

في المثقف اليوم