أقلام حرة

كامل الزيدي يحل المعضلات البغدادية / منير حداد

وانا ألمس قدر الرحمة المتدفق من الاجراءات السلوكية لاداء رئيس مجلس محافظة بغداد.. كامل الزيدي، وهو يرد على ارقام هواتف لا يعرف الاسماء التي وراءها، تأتيه في اي وقت، حتى وقت راحته الشخصي خارج مواعيد الدوام، يصبر بهدوء، واناة ملائكية، يصغي لارتباكة المتحدث، وغالبا ما يكون انسانا بسيطا ذا حاجة لا يعرف كيف يختزلها بما قل ودل من الكلمات.

ورئيس مجلس بغداد يستمع كما لو ان هذا المواطن هو همه الوحيد في الدنيا؛ فالناس انتخبته رئيسا لمجلس المحافظة؛ كي يصغي لهمومها موعزا بحلها على الفور.

وفعلا تحل المشكلات، التي يعانيها اهالي مدينة تكتظ بمعضلات لانهائية، بعضها متوارث من عهود الطغيان الغابرة، بتعاقب اشكالها التي تكاثفت في الضيم الذي كابده العراقيون على يد الديكتاتور المقبور صدام حسين، ومعظمها انبثق من بين يدي المرحلة ومن خلفها ومن امامها ومن حيث لا يعلم البغداديون.

في حين ثمة مسؤولون في دولة العراق الان، بدرجات وظيفية ادنى من مدير عام، لا يجيبون على هواتف بلا اسماء، ولا يردون على الاسماء التي لا يرتجون منها مغنما.. بالحلال او الحرام، بينما الزيدي يجيب بهدأة الامراء وتأمل الملوك، للمحتاج وابن السبيل.

اذن اية دولة مثلى تلك التي ستقوم، لو شاع اداء الزيدي بحده الادنى بين المسؤولين الديمقراطيين الذين افرزتهم الحروب الهوجاء والعقوبات الدولية التي ترتبت على الشعب جراء حماقات صدام والارهاب الذي يرتع العراق منقوعا فيه.

فعادت اليه الحمامة، وقت العشاء، وفي فيها ورقة زيتون خضراء، فعلم نوح ان المياه جفت عن الارض، بحسب الاية الترواتية الكريمة، التي تبعث على التفاؤل، بعد الطوفان الذي التصق سطح مائه بسمت السماء، حتى ضج العباد الى بارئهم، يسألون الفرج، وجاء...

جاءت الحمامة بالفرج، الى نوح (ع) وهو يقود سفينة نجاة كائنات الوجود.. زوجين اثنين من كل نوع.. ذكر وانثى؛ كي يتناسلوا... تناسلوا فعلا معيدين الى الارض بهجتها.

وبغداد برجال صيد ستستعيد بهجتها، فمن ذا نوح ومن تلك هي الحمامة، اللذين يجليان الطوفان منحسرا يغيض في تنور بغدادي يشجر خبزا لذيذا.

 

القاضي منير حداد

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2237 الأحد 07 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم