أقلام حرة

لمالكي .. والبقرة الصفراء / امين يونس

.. ولكن، شهيرة بِعادةٍ سيئة، كثيراً ما تفعلها .. إذ ما أن يمتلأ إناء الحليب .. تقوم البقرة بِمُغافلة الخالة خديجة .. وترفس الإناء لينسكب الحليب ويذهب هدراً ! .

سياسة السيد "نوري المالكي"، تشبهُ في أحيانٍ كثيرة، ما تقوم بهِ بقرة الخالة خديجة .. فعلى مدى أكثر من ستة سنوات .. إنهمكَ المالكي .. بزيادة أعداد القوات المُسلحة والشُرطة والأمن، بل وأشرَفَ على تشكيل الصحوات العشائرية ومجالس الإسناد وألقى خُطَباً في كُل تجّمُعٍ عشائري .. المُهم نجحَ القائد العام للقوات المُسلحة، في تخصيص مبالغ ضخمة من الميزانية العامة، للقوات الامنية المُختلفة .. رواتباً وتسليحاً ومنحاً وهدايا .. الخ .. كما نجحَ ايضاً في جعل تعداد هذه القوات مليونياً .. وإذا كان صدام يفتخر بإمتلاكه " الجيش الشعبي "، فأن المالكي يمتلك الصحوات ومجالس الإسناد ! .. وإذا كان صدام يتباهى بالحرس الجمهوري، فالمالكي له " الفُرقة الذهبية " ! . عموماً ان المالكي رّكَزَ جهودهُ على " وزارة الداخلية " أكثر من وزارة الدفاع .. وذلك لسببٍ بسيط .. لأن المُحاصصة اللعينة إرتأتْ ان تكون وزارة الدفاع، من حصة " السُنة " .. بينما الداخلية، هي وزارة " شيعية " بالمُطلَق ! . وعلى الرغم، ان وزراء الدفاع السنة الذين إستوزروا خلال السنوات الماضية، كانوا مُقّرَبين الى المالكي .. إلا انهم في كُل الأحوال، يبقون " سُنة " !

في البداية .. لجأ المالكي وحزبه، الى ضَم المئات من كِبار ضُباط الشرطة والجيش والأمن، السابقين وحتى من الذين كانوا في مواقع بعثية مُتقدمة .. وأوكَلَ إليهم مهمات قيادية حساسة .. تحت عنوان " المُصالحة "، من قبيل مدراء الشرطة، ومدراء السجون وضباط التحقيق والإستخبارات .. الخ .. ثم بعد أن إستتبَ له الحُكم .. ضَم المزيد من هؤلاء وليس من الشيعة فقط، بل من السُنة أيضاً .. أي كُل مَنْ أبدى الولاء له شخصياً ! . وفي نفس الوقت، لجأ الى الإجتثاث والمسائلة والعدالة، من اجل تصفية البعثيين [ الذين إنضموا الى قوائم غير قائمته ] .. وتصرفَ بإزدواجيةٍ مُثيرة للريبة والشك . وإصطنعَ المالكي وكلاء له في المراكز " السُنية " مثل الموصل والانبار وصلاح الدين .. وأجزَل لهم العطاء، لكي يُلّمعوا صورته بإستخدام شعارات تدغدغ مشاعر البسطاء، ولكي يشقوا صفوف خصومه .

لكن المُشكلة .. ان الكثير من الذين إعتمدَ عليهم المالكي، وأسند إليهم مناصب خطيرة .. لم يكونوا في دخيلتهم، موالينَ له .. بل إحتفضوا بخلفياتهم البعثية ونزعتهم التآمرية التقليدية، ونّسقوا وتعاونوا مع المجاميع الإرهابية .. وما سلسلة عمليات الهروب المُنظم من السجون، لأعتى المُجرمين المحكومين بالإعدام .. من البصرةِ الى بغداد الى تكريت الى الموصل، إلا دليلاً على ذلك ! . والمُضحك المُبكي .. ان المالكي يُطُل علينا بين الحين والحين .. ويقول (ان الأجهزة الامنية مُختَرَقة !!) .. يشكو من ذلك .. لا أدري لِمَنْ يشكو ومَنْ يُعاتِب ؟ انه هو القائد العام للقوات المسلحة، وهو وزير الدفاع ووزير الداخلية والحاكم بأمرهِ .. هو الذي يتلاعب بالشعارات كما يحلو له : فالمُصالحة والمُسائلة والإجتثاث والعفو العام .. الخ .. كُلها كلمات مطاطة وقابلة للتفسير والتأويل، حسب المصالح والظروف ! .

حقاً .. كُلما يقترب الإناء من الإمتلاء، ويقترب الأمل في شُرب الحليب .. تقوم البقرة الصفراء .. بقرة الخالة خديجة .. بِركل الإناء وهدر الحليب .. كما يقوم المالكي " وبقية الشُركاء في الحُكم أيضاً " .. يقومون، كُلما ظهرتْ بوادر الإنفراج .. بركل ورفس الإناء .. وإفتعال أزماتْ أشَد وأخطر من السابق .. وهدر كُل الجهود الرامية للخروج من الوضع المُزري الحالي !.

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2239الثلاثاء 09 / 10 / 2012)

 

في المثقف اليوم