أقلام حرة

الــدفع بالآجـــــل .. وفساد العاجـــــل / ابراهيم الجبوري

لغلق ملفات المليارات المهدورة في السنوات الماضية بعد ان اغلق جزء منها عبر المادة الخامسة والعشرين من الموازنة العامة وتوقيت القانون بعد ان صرفت وعلى مدى الثمان سنوات الماضية المئات من مليارات الدولارات في مشاريع وهمية تحت مسميات البنى التحتية والاعماروالخدمات  ومن خلال العديد من القنوات الحكومية والمؤسسات  التي بنيت على اساس المحاصصة والشراكة الحزبية في فساد المال والسلطة ،وعجز الحكومة عن ايجاد اليات واضحة ومحددة لوقف الفساد ومنع انتشاره في كل مفاصل الدولة مع استغلال واضح للسلطة وسوء استخدامها.

ان ما تبناه البرلمان عبر نواب الحكومة من مشروع جديد يتم من خلاله سرقة اموال الشعب  ورهن مقدراته لسنوات قادمة وتحميل اقتصاده البطئ النمو اساسا اعباء اضافية من اجل نهب الاموال عبر مجموعة من الشركات معروفة النسب والحسب من خلال قانون الدفع بالآجل .

ونحن حينما نسأل الحكومة عن جدوى القانون فأننا نستند بذلك الى افرازات المرحلة السابقة وما حملته للشعب العراقي من مآسي الفشل الامني والخدمي وكل قطاعات الخدمة العامة وما استنزفته الثمان سنوات الماضية من قدرات ومقدرات الدولة العراقية على مشاريع كان المفروض انها  ستنجز وتعزز البنى التحية للبلاد خلال هذه الايام بدلا من البدء بمرحلة جديدة من المشاريع الوهمية ووضع حجر الاساس لمشاريع اخرى لا مكان لها على ارض الواقع ، ان هذا القانون يمثل اعتراف ضمني بعجز الحكومة وشللها التام وعدم قدرتها على النهوض بواقع البلد على مستوى البناء والاعمار والامن وهي تبحث عن شماعات وهمية لتبرر هذا العجز والفشل.

وان ما اهدر من اموال خلال السنوات الماضية ومنح العقود والمشاريع لشركات وهمية ومافيات حزبية استنزفت الكثير من قدرات الدولة العراقية ومن مواردها التي كان التوظيف السليم والتخطيط  الطويل والمتوسط والقصير المدى والصرف الصحيح للاموال ووضع الية لاختيار المشاريع المنفذة والعمل على اعادة تأهيل البنى التحتية بشكل صحيح مع الاعتماد على الكفاءات المهنية وليست الحزبية كان سيخطوا بالعراق خطوات مهمة على مستوى انجاز وتأهيل البنى التحتية.

ان القوانين التي عرضها نواب الحكومة وهي التسمية التي يجب ان تطلق على البرلمان العراقي الذي لايمثل الشعب ولا صوته بقدر ما يمثل صوت الاحزاب التي ينتمي اليها يوفر الغطاء القانوني ويبررالعجز الحاصل منها في السنوات الماضية  في قطاع الخدمات والصحة والكهرباء والطرق والاسكان والتعليم والرعاية الاجتماعية واستغلال واختيار التوقيت هدفه اغراض انتخابية ودعائية الهدف منها كسب الاصوات وتظليل الرأي العام وايضا غلق ملف المشاريع المكتوبة والمتعاقد عليها والمصروفة اموالها مسبقا وهي عبارة عن حجر اساس هنا او هناك.

ان التوافق الذي اصبح السكين التي تقطع كعكة المصالح والسلطة من جهه وتذبح المواطن العراقي من جهه اخرى هي التي بحاجة الى قوانين توقف صفقاتها المشبوهة وقوانينها المريضة سيمرر القانون ولكن على البرلمان ان يجري كشفا حسابيا بما صرف وما سرق وماهي المشاريع المنجزة وما هي التي قيد الانجاز ويعلن نتائج هذا الكشف للشعب قبل ان يسن اي قانون اخر يساعد على نمو الفساد وتوسعه وانتشاره بشكل اكبر في مفاصل الدولة .

ان تطوير قطاعات الكهرباء والصحة والاسكان عبر الاستثمار يسد كثيرا من الاحتياج الوطني في هذه القطاعات وايضا يخفف من مقدار الاموال المرصودة في الموازنة العامة لهذه القطاعات من دون اي تغيير بمستويات عملها او نتائج ملموسة لتطويرها ولمستويات العالية من الفساد سواء في الحكومة المركزية او الحكومات المحلية يجعل من قانون الاجل فرصة كبيرة لسرقة اموال الشعب لاجيال قادمة بعد ان تم نهبها عبر المشاريع التي كانت تمنح قيمتها للشركات الرصينة بالعاجل وقبل تنفيذها وبالتالي فما نهب بالعاجل سينهب بالآجل ومن نفس تلك الشركات الرصينة !!!

ان الظرف السياسي الحرج ربما سيمرر صفقات عديدة من هذا النوع يكون المتضرر فيها هو الوطن والمواطن والمستفيد هم الاحزاب وشركاء السلطة وعلى مجلس النواب مسؤولية مضاعفة في الحفاظ على مقدرات هذا الشعب ومنع استغلالها في المهاترات والتصفيات والصفقات السياسية مع تشريع وتهيئة القوانين اللازمة لمحاربة الفساد وشل اذرعه الممتدة في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها ومنع المستفيدين منه من الهروب او تهريبهم كما هو حاصل اليوم .

ان بناء البنى التحتية وتوفير الامن والخدمات والتعليم والنظام الصحي واعمار البلاد من اولويات واساسيات برنامج عمل اي حكومة  وهو عملها وواجبها ووفق البرنامج الذي تقدمه عند تشكيلها وهذا العمل قطعاُ لايحتاج الى قوانين ولا الى تشريعات لغرض القيام به بقدر حاجته الى حكومة كفوءة تريد فعلا ان تخدم وطنها وشعبها وتسعى للرقي والنهوض بواقعه  ونحن لو نظرنا الى دول المنطقة المحيطة بنا سنجد انها تقدمت كثيرا في مجال انشاء البنى التحتية والمشاريع الخدمية والاقتصادية ومشاريع بناء الانسان من دون اي حاجة الى قانون آجــل هنا او بنى تحتية هناك.

 

ابراهيم الجبوري

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2239الثلاثاء 09 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم