أقلام حرة

حكومة الشراكة الانقلابية / ابراهيم الخياط

على عكس كل الانقلابات في العالم، لان المتعارف عليه أن الانقلابات تعني أن تطيح المعارضات بالحكومات وليس أن تطيح الحكومات بمؤسساتها.

الحكومة عندنا تفكر على أساس أن البرلمان قد أنتج حكومة، وهذه الحكومة هي خير من حكم ويحكم العراق، وعليه فلا حاجة للمؤسسة التشريعية التي ـ على منطق الحكومة ـ كل كتلها ممثلة بمجلس الوزراء.

ربما يقول قائل أنهم دعوا الى التجميد وليس الحل، فأردّ بانهم يقولون التجميد ويبيتون الحلّ، لان الدعوة بحد ذاتها هي مجس حكومي أو بالون اختبار لقياس ردود الافعال، حتى لو تراجع مطلقوها فهذا لا يعني التراجع عن الموقف بل يعني أن دورهم المرسوم قد أدوه من طقطق الى السلام عليكم.

هذه الدعوة اللاديمقراطية تأتي بعد أن لفلفت الحكومة كل الدولة فلم يبق عاص عليها سوى البرلمان، فلا هيئة مستقلة ولا مؤسسة دستورية ولا وزارة مدنية ولا قائم ولا جالس ولا ذاهب ولا آت الا بأمر القائد العام للقوات المسلحة، وهذه الصفة هي الطاردة لسواها من الصفات وحتى رئاسة مجلس الوزراء.

طبعا هذه النزعة العسكرتارية تأتي موائمة لنزعات التفرد والتسيد ونبذ العمل الجماعي والتعاون الوطني، كما تأتي للتغطية على الفشل الذريع الذي تواجهه الحكومة في كل الملفات اذ لايمر يوم الا وفيه نكسة أمنية وأحيانا كارثة أمنية، ثم لا إعمار ولا إعادة إعمار اللهم سوى مقاولات الارصفة التي أصبحت علامة فارقة للنهب والهدم، كما أصبحت قرانا الجبلية الحدودية مكبا للقذائف الصديقة من الجارين اللدودين ايران وتركيا وكأن ليس لنا جيش مليوني أو عقود تسليح مليارية أو هيبة قيادة عامة، فضلا عن تخبط الحكومة في عملها الذي يفتقر الى برنامج والى نظام داخلي والى مودة وانسجام بين أعضائها وأهلها، وكلنا قرأنا سير آخر المعارك بين ناطق الحكومة ونائب الحكومة، فكيف بالعلائق بين الوزراء المتباينين كتلا وتوجهات.

الدعوة المريضة والخطرة لحلّ البرلمان، تأتي للتخلص من رقابة البرلمان، وللتحكم المنفلت بمصادر الجاه والنفوذ والمال والكرسي الجبار، وتأتي للقضاء على الأمل الذي دفع الملايين من العراقيين للذهاب الى صناديق الاقتراع وهم يحلمون بعهد جديد يسوده الامان والرخاء، وتأتي الدعوة أصلا لضعف البرلمان نفسه، فلو لم يكن ضعيفا، مصادرا، خاليا من التواجد الديمقراطي، لما تجرأت عليه الحكومة المهلهلة التي كادت أن تنهار تحت صيحات الـ (باطل) في ساحة التحرير قبل عام ونيف فلاذت بخدعة المائة يوم لأغراض التسكين ليس الا.

وتأتي الدعوة المريبة هذه لحلّ البرلمان، ردا ساذجا على دعوات تحديد ولاية رئيس الوزراء، وكأنهم يقولون: اذا تريدون رئيس وزراء فهاكم رئيس الوزراء، واذا تريدون تحديد ولاية رئيس الوزراء فهاكم القائد العام للقوات المسلحة.

 

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2239الثلاثاء 09 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم