تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

الازمة السورية على مفترق طرق / أكرم الفضلي

ورغم تحفظي على كلمة ثورة وما يحيط بها من غموض في طبيعة اهدافها الحقيقية  وملابسات تجعلها غير واضحة المعالم مطلبا وهدفا ، ومع ذلك دعنا نسميها كما يحلو لمن يطلق عليها هذه  التسمية لا يهمنا التدقيق بصحة هذه التسميه من عدمها ، ففي كل الاحوال هي حركة افرزها واقع لا يمكن إنكاره وشجع على استمرارها من له مصالح واجندات متشابكة ليست بالقليلة تعمل وتحث على ضرورة استمرراها وابقاء خط المواجهة مفتوحا مع الحكومة .

وقد كان من جملة ما  كتبته هو استعراض واقع الحال للوضع السوري عموما وما تريده المعارضة وتصبو وتطمح اليه  خصوصا وما يحيط بها من ظروف معاكسة لغير صالحها.

ولست مبالغا اذا قلت كان ما طرحته هو عبارة عن استشراف لحقيقة وواقع الوضع في سورية وما يحيط بهذه الحركة من ظروف وملابسات اقل ما يمكن وصفها ان ما تريد تحقيقه المعارضة هو غير واقعي  فلا تتفائل كثيرا فان أيامها لن تكون سمنا على عسل كما يقولون فالامر لا يحسم بمجرد الخروج  لاجل التظاهر في الشارع لشهر او شهرين او اكثر ليس الامر كذلك.

فان ما تقوم به  هذه المعارضة  ابان هذه الازمة سوف لن يكون سوى تهديم  وتخريب لبلدهم سوريا .

 اقول ان المعارضة الحقيقة لزاما عليها ان تستمع الى كل الاصوات خصوصا اذا ما اكتشفت ان طريقها مليئ بالمطبات لذا يجب عليها ان لا تتمادى مجازفة  بارواح ابنائها معتمدة  على من يشجعها طالبا منها الاستمرار في نهجها وعدم الالتفات الى الاصوات التي تصفها بالشاذة غير عابئتا بما يلحق ابناء البلد من قتل وبنيته من تدمير وخراب

لا اعتقد ان هذه  المعارضة تقرا ما يكتبه الاخرون عنها ، خصوصا اذا كانت هذه الاصوات محايدة تدرك الواقع ومدى حجم وخطر التهديدات التي تحول دون تحقيق المنتفضين لاقل اهدافهم ، فهم لا يزالون يراوحون مكانهم في عملية فر وكر مع الجيش النظامي , دون نتيجة واضحة، رغم  نجاح بعض العمليات العسكرية  ضد الجيش النظامي في بعض المدن وريف دمشق الا انها  بقيت لا تشكل انتصارا حقيقيا يتمثل في مسك الارض ، أذ سرعان ما يتقدم الجيش للسيطرة عليها ثانية

أي ان الامورلا تزال كما هي سوى المزيد من تخريب للبلد وإنهاك اقتصاده.

حسب علمي ان اصواتا كثيرة محايدة لم تشجع المعارضة على ما تقوم به اليوم

لكنها للاسف استمعت فقط لمن يدعوها الى الاستمرار.

فالمواجهة العسكرية مع الجيش النظامي والدخول في معارك معه لا تزيد الوضع الا سوءا بما تخلفه هذه العمليات من خسائر جسام  طالت البشر والحجر على حد سواء 

 اما لماذا الاستمرار على هذا النهج  فيبدو ان جهات خارجية فاعلة داعمة لتلك المعارضة تحثها على ضرورة المضي قدما بنهجها وان كان متعثرا ومدعاة للتململ والكثير من الاحباط دون تحقيق شيئ ملموس على ارض الواقع سوى الخراب.

ا ما ما يحدث الان فهو ان المشكلة الحالية لم تعد سورية سورية بل تطورت كثيرا خلال الاشهر الاخيرة الماضية  تمثل  ذلك في دخول لاعبين كبارعلى خط  هذه الازمة فاخذت الازمة  تكبر وتتفرع للتخذ بعدا دوليا خطيرا ينذر ربما باحتدام مواجه بين اطراف كانت متفرجة الى وقت قريب ،  فقد دخل على خط الازمة كل من روسا والصين بقوة واللتان     تنظران الى سوريا باعتبارها خط الموازنة بين الشرق والعرب .

الامر الذي لم يكن في حسبان الادارة الامريكية  اذ لم تضعه في حساباتها فبُددت كل الجهود الرامية الى كسر شوكة نظام الاسد

فرغم كل المحاولات الامريكية الرامية الى استصدار قرار اممي  يجيز استخدام القوة لاجل تركيع النظام لكنها لم تفلح ما دام هنالك اصرار روسي يؤازره تبني صيني

فتحولت الازمة الى حرب فرض الارادات فكل من هذه الاطراف يسعى الى ايجاد موطن قدم له فيها رغم انف الطرف الاخر مما ينذر ببداية حرب لا يعرف مدى

 خطورتها ولا مدى امتداداتها .

ولا سيما ان هاتين الدولتين هما عضوان دائمان في مجلس الامن لها كلمتهما ولا يمكن تجاوزهما في أي حال من الاحوال ولا ننسى انهما للتو خسرا مواقع مهمة لهما

فقد خسر الروس العراق بعد الغزو الامريكي له بعد ان اقنعت واشنطن الرووس بضرورة تنحي صدام عن الحكم  بصفته يشكل تهديدا للامن والسلم الدوليين.

حيث خسر الروس مواقعهم  فيه ، فخرج العراق كليا كحليف لروسيا ليتم ابتلاعه امريكيا

ولم تكتف الادارة الامريكة بذلك بل تم تصفية حليف اخر لكل من الصين وروسا

بما يشبه ما حدث لصدام  فشكل ذلك خسارة اضافية  كبيرة للدولتين معا احستا بعدها الدولتان بعمق الفاجعة لهما ، في خروجها من حلبة الساحة الدولية،  فكان لابد لهما من  الرد  لاعادة الاعتباراما كيف فكانت ضربات متتالية المراد منها ايقاف التهور الامريكي   مواقف تجلت بوضوح في جلسات مجلس الامن رغم مناشدة كلينتن لهذه الاطراف للوقوف مع الشعب السوري الا ان كل الجهود  فشلت في التصويت لصالح

إستصدار أي نوع من القرارت.

اقليميا دخلت تركيا بقوة على خط الازمة الى جانب المعارضة  فلا تريد ان تخسر هذه المرة كما خسرت في العراق بعد ان رفضت المشاركة في احتلاله

فكان موقفها من الازمة السورية تكفيرا عن ذنب يشعر اردوكان انه ارتكبه سابقا حرم به تركيا من كعكة العراق فجاء موقفه  هذه المرة  مغايرا تماما .

فهنا تريد تركيا ان تبحث لها عن موضع قدم في دولة لها معها الكثير من المشتركات

حدوديا وطائفيا ووو. لذا تشعر انقرة ان لها الحق في ان تتدخل لصالح احد الاطراف ضد الاخر فهي تشعر ان درها الامبراطوري الذي انحسر سلفا لابد من اعادته لاحقا فقد جاء دورها الان  لكي تؤمن لنفسها  موضع  قدم كلاعب اقليمي له  وزنه .

اذ  حسب رؤية انقرة لما يحدث لا يمكن تجاوزه فيكفيه كونه مدعوما امريكيا ثم خليجيا، وبذلك تكون الازمة قد اخذت تتسع للتاخذ بعدا  طائفيا واضحا .

خصوصا بعد التهديدات المستمرة من قبل اردوكان لنظام الاسد.

و تشجيعه لمن انشق عن الجيش النظامي على الالتحاق بفصائل ما يسمى بالجيش الحر

 

اما كيف سيكون عليه الوضع  في سوريا اليوم، خصوصا بعد ان تسريت معلومات تفيد ان الكورد في طريقهم الى اعلان اقليمهم

يشجعهم ما حصل في العراق وتشد على ايديهم قيادة اقليم كردستان بقيادة مسعود البرازاني  مدعوما بتاييد امريكي لتوجه يصب في  ذات الاتجاه .

فاذا تم ذلك  فقد تم تحييد هذه الشريحة فلا خوف لديهم مممن يتولى جبهة المعارضة

 

يبقى السؤال المهم الحائر الان هو :  

اما اليوم وبعد كل هذه الاشهر الماضية الدامية  كيف ياترى ستنتهي هذه الازمة

مَن مِن اطراف الصراع سيطيح باخيه الاخر المعارضة ام الحكومة

وهل سنبقى نشهد سوريا الموحدة ام  اشلاء لدولة متناثرة مبعثرة تتقاسمها اطراف تمثل ارادات عدة

يكون فيها للاكراد حصتهم وللعلويين سهمهم وللدروز اقليمهم  وللمسيحين قطعة من شامهم  وللباقين ممن يطالب اليوم باسقاط  النظام  جزا من باقي دولة كانت تسمى سوريا

اما كيف

فهذا ما سيفرزه قادم ايام سوف لن يبشر بخير ابدا لاي احد  

لا لمن سينتصر ولا لمن سيهزم

ففي نظر من يحب وحدة الوطن كلاهما خاسران على ألاقل لا وجود لبلدهم الام  سوريا الموحدة

 

أكرم ألفضلي

9- 10-2012

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2240 الاربعاء 10 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم