أقلام حرة

من علمني حرفا ملكني دهرا .. / اسامة حيدر


(خريج جامعة لندن بمرتبة الشرف في الرياضيات)، وكان الأستاذ طالب احد الذين اعتقلوا اثناء انقلاب 8 شباط 1963 الدموي، وقد حشر في احدى الزنزانات الصغيرة التي ملئت بالمعتقلين من شتى المستويات.

عرفت الدكتور عبد الجبار عبد الله، رئيس جامعة بغداد، الغني عن التعريف عالميا كأحد المعتقلين .. كنا في الزنزانة سوية، ننام ونحن جالسون لضيق الحركة فيها بشكل خانق.

يقول الأستاذ طالب"كنت لا استطيع ان ارفع عيني في مواجهة عين الدكتور عبد الجبار عبد الله، خجلا واحتراما لمكانته وشخصيته المرموقة ونشاز المكان الذي حشر فيه، كنت اختلس النظرات واشاهده يغوص في تفكير عميق ثم تنهمر الدموع من عينية .. في احد الايام استثمرت فترة اخراجنا لدورة المياه.

 

القيت علية التحية وعرفته بنفسي، بعد ان توطدت الصداقة بيننا سألته يوما عن سبب انهمار الدموع من عينيه قال " كان في قسم الفيزياء الذي ادرس به طالب فاشل.. حاولت عدة مرات مساعدته لكي يعدل من مستواه ولم يتعدل ومع ذلك عاونته.في يوم 14 رمضان 1963 جاءت مجموعة من الحرس القومي لاعتقالي من بيتي، ميزت منهم طالبي الفاشل بسهولة، وطلبت منهم امهالي عدة دقائق لكي ابدل ملابسي واذهب معهم وانا اعرف انه ليس لدي ما احاسب عليه.

 

بدلت ملابسي وخرجت لهم، وفجأة ضربني تلميذي (راشدي) قوي افقدني توازني وكدت اسقط على الأرض وقد استخدم عبارة (اطلع دماغ سز) ولم يكتف تلميذي وانما مد يده بجيب سترتي واخذ مني قلم الحبر الذي اعتز به ولم يفارقني ابداً، هذا القلم الحبر هو من الياقوت الأحمر هدية من العلامة المشهور البرت انشتاين، استخدمه لتوقيع شهادات الدكتوراه فقط، وهذا هو سبب حزني وانهمار دموعي كلما اتذكر هذا الحادث.

 

التأمل في هذا الحادث الرهيب ... يدعونا لنقارن ونستقرأ ..ما مضى وما نحن فيه ... وأ ترك الاستنتاج للقارئ المتأمل

 

د. اسامة حيدر

14 October 2012

 

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2243 السبت 13 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم