أقلام حرة

بُنى فوق .. بُنى تحت / ابراهيم الخياط

أوضح أن اللجوء إلى قانون البنى التحتية، وهذا اسمه الرائج بينما الصحيح هو الدفع بالآجل، يأتي نتيجة لعدم تغطية الموازنة العامة لاحتياجات المشاريع.

طبعا الاختصاصيون قالوا أن رئيس الوزراء محق في تشخيصه هذا، وماعابوه عليه لانهم اختصاصيون، ولكن لم تخل المناوشات بين الكتل المتنفذة من بعض الطعون، لسبب بسيط مرده العراك على المنافع الوثيرة والكثيرة، فما أن يؤيد طرف قانونا حتى ترى طرفا آخر وأحيانا طرفين يجلسان له بالمرصاد وركبة ونص، والعكس عندهم أيضا صحيح، وطبعا ليس لمصلحة المواطن أو الشعب أو الوطن.

المفروض أن هذا القانون يراد له أن يُشرّع حتى يُسرع في تنفيذ المشاريع ويستكمل المتوقف منها، ولكن سمعة المشاريع لدينا سيئة جدا لانها مغلفة ومبطنة بالفساد وجحافل الفاسدين، وعليه يكون العذر أقبح من السبب.

وهنا تبدأ المزيدات، بل مسلسل المزايدات، فالحكومة تريد فرش سجادة الركوع للبنك والصندوق الدوليين، لانها اليوم تشيع تكويم المديونية وغدا تلغي البطاقة التموينية ثم تخصخص الماء والهواء والنار والتراب حسب الوصفة الدولية، في حين تزايد هذه الكتلة وتريد اشراف البرلمان على المشاريع وكأن المشرعين هم التنفيذيون، وتريد أخرى نسبتها الـ 17% وكفى، وثالثة تريد التصويت على المشاريع واحدا واحدا حتى تكون المساومات كالخردة واحدة واحدة.

 وتسأل نفسك: ولكن ماذا عن نوع المشاريع؟ وهل تأتي في أولويتها الكهرباء والصحة والخدمات؟ أم الاولوية للمولات ومطاعم الهامبركر ومقاولات تصفيف الكونكريت؟ وهل يسدد الدين الملياري (وهو بالدولار) من النفط أم من الاثار؟!! ثم لماذا نلجأ الى الديون فيما موازناتنا الاستثمارية في كل سنة تعيد نصف مبالغها الى الخزينة، ولماذا نلجأ الى الديون ولدينا في كل سنة ميزانية تكميلية خاصة بالفائض من ايرادات النفط.

 اذن المطلوب وضع خطط علمية للتنمية والاستثمار ودراسة أسباب الخلل في الموازنة العامة ووضع استراتيجية سياسية ـ اقتصادية ـ اجتماعية ـ ثقافية ـ قضائية للحدّ من الفساد أولا ومحاربته ثانيا ومكافحته ثالثا، حتى يكون الجو العام معافى ومهيئا لما يسمى بـ (النقلات النوعية) في حقل الاعمار، ويكون الصرف حسب الكثافة السكانية والحاجة الحقيقية الفعلية لكل محافظة، فالعافية في السكن الزهيد المريح، وفي التأمين الصحي المجاني وبناء مستشفيات تكون أفضل من البيوت، وفي الكهرباء الوطنية لـ 24 ساعة باليوم، وفي توفير الخدمات كاملة من قاطع البلدية، وفي توفير مدارس لا تبنى بالطين بل أن تزدهر بصدق المعلمين ورقي المناهج وأناقة المعمار.

 أما الاعتلال ففي الديون لاسيما اذا كانت بالآجل الذي تتضاعف نسب فوائده طرديا، نعم.. الاعتلال في رهن أعناقنا وأعناق أولادنا وأحفادنا بأغلال الديون التي لاترحم والتي هي ترتيب أولي لفصل أممي (سابع) جديد، وقديما قال مأثورنا: لا وجع كوجع العين، ولا همّ كهمّ الدَين.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2246 الثلاثاء 16 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم