أقلام حرة

سورية و سوريون في مهب الريح / فرمز حسين

يرمي بظلال كئيبة من العتمة والسقم على أهلنا المشردين في العراء ملتهما ما تبقى من ضوء ودفء نهارات الخريف الآفل. سوريون في خيم لم تحميهم حر الصيف الملتهب ولن تقيهم برد الشتاء القادم، أخوتهم في الوطن ليسوا بأفضل حال في ظل الرعب،الترويع والتجويع،حيث تحوّل الوطن الى حقل للرمي والمواطنون الى أهداف ثابتة ومتحركة،  محنة عصيبة على ما يبدو باتت لا تهم قريب ولا بعيد. الكلّ يلوم الكلّ، بالتالي ليس هناك من نستطيع أن نحمّله المسؤولية سوى شعبنا الأعزل الذي لاذ بالفرار داخل وخارج أسوار وطنه، ليس خشية على شيء سوى حياته .

النظام بمن حوله من العسكر المقربين ومحبيه من البعثيين وموظفي الدولة أصحاب الامتيازات يحاولون جاهدين الدفاع عن البلد ومواطنيه وإنقاذ العلمانية بشخص الرئيس الذي بدونه لا استقرار في البلاد من الهجمة الأصولية الشرسة، ما هي الا أيام وتنتهي من القضاء على الفلول الباقية من المجموعات الارهابية حسب اعلامها الرسمي .

 المعارضة بمختلف فصائلها المسلحة تريد حماية المنتفضين المطالبين بالحرية من فتك أجهزة النظام و شبيحته  و تحاول تخليص الشعب من براثن ديكتاتور طغى و تجبّر، رئيس ورث السلطة في البلاد بزبانيتها و جثم على صدور أهله دون وجه حق لسنوات ومن قبله والده لعقود. لقد أصبح النظام هشا وسرعان ما يلتهمه نيران غضب الشعب الثائر.

 المجتمع الدولي يبذل كل ما في وسعه، بدءا بالعقوبات الاقتصادية وصولا الى ايفاد مبعوثين دوليين كل ذلك في سبيل ايجاد مخرج للأزمة المستعصية وبالتالي التوصل الى حل يوقف نزيف الدم، لكنه يريد معارضة موحّدة ونظاما يقبل بشروطه!

 روسيا موقفها أكثر صلابة من أي وقت مضى!

الحقيقة أن الشعب السوري من خلال الحصاد المر الذي عاناه قرابة عشرون شهرا من الزمن،الثمن الباهظ الذي دفعه من دماء أبناءه أصبح لا يعوّل في شيء على المجتمع الدولي ولا على ما سيقوم به المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي الذي يفتقر أصلا لرؤية واضحة أو مبادرة بديلة عن خطة سلفه،الذي لم يفلح في تنفيذ بند واحد من بنودها الستة. ايران تحمّل الابراهيمي مقترحا لحل الأزمة في سورية، هل هذا ما كان ينتظره الشعب السوري من المبعوث الدولي ؟! فقط العناية الالهية بإمكانها انجاح مهمة السيد الابراهيمي في وقف شلال الدم السوري.

 

الآن في ظل مثل هذه المعطيات ما هي السيناريوهات المحتملة ؟ لاشك سيكون الجواب الأكثر مصداقية هو استمرار دوامة العنف، النظام يستمر في القتال والمعارضة أيضا، فيما الأسرة الدولية تقف متفرجة، عاجزة عن القيام بمسؤوليتها القانونية والأخلاقية . المعارضة المشتتة تحمل قسطا كبيرا من المسؤولية واستمرارها في هذا الانقسام تعطي العالم الخارجي العذر في تعاطيه السلبي مع الأزمة بحجة صعوبة الاعتماد على من سيخلف النظام، لن يخفف من آلام شعبنا ويغير من الموقف الدولي الرخو شيئا أكثر من تقارب كافة فصائل المعارضة،السياسية منها والعسكرية، هذا مطلب وطني ملحّ  يريدها كل سوري يوما قبل الأخر.

هناك  المستفيدين  من استمرار الاقتتال في سورية ! هناك من يريد رؤية بلادنا ساحة لتصفية الحسابات الاقليمية  والدولية! هناك من لا يريد نجاح الثورة السورية ومعها امتداد الربيع العربي!

الخاسر الأول والأعظم من استمرارية الصراع الدموي هو الشعب السوري بجميع مكوناته فمهما طالت أمد الأزمة تفاقمت معها أعداد الضحايا من أرواح السوريين مدنيين وعسكريين وطالت معها الحاجة الى وقت أطول لاندمال الجروح وتقارب المشاعر،صفاء النفوس،عودة الألفة واللحمة الوطنية، مرحلة شاقة لإعادة اعمار البلاد والعباد سوف يستغرق ردحا من الزمن.

 

فرمز حسين

2012-10-16

 مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2246 الثلاثاء 16 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم