أقلام حرة

مجلس اعداء التغيير / عباس العزاوي

الحركة بالمعنى الفوضوي، وليس الحياة، قد تبدو هذه الجلبة الدائمة واضحة المعالم والاهداف للمتابع والمُدرك لحقائق الامور وتسلسل احداثها، لكنها كلغط مُبهم يخيم على البلاد لعموم المواطنين، فما عاد بالامر الهيّن الفصل بين من يعمل لأطفاء الحرائق وبين من يساعد على ديمومتها واتساع رقعتها، فقد استطاع البعض بقدرة شيطانية بارعة من تشتيت ذهنية المواطن ودفعه الى ترديد مايقوله الاعلام، دون ان يكلف نفسه عناء التمعن والاستقراء! ففي كل ازمة سياسية او امنية تمر بها البلاد يجد لها الاعضاء الدائمين في (مجلس اعداء التغيير) شعار جديد يلصقونه بالعملية السياسية من دون التمييز بين اطرافها، ودون ان يوضحوا للناس الاسباب والجهات الحقيقية التي تقف وراء هذه الازمات!، لان المطلوب واقعاً ليس محاربة وفضح الجهات التي تساهم في تدمير البلاد ومحاولة العودة به الى المربع الاول وماقبله، بل اشاعة حزمة افكار مقلقة ومخيفة، الهدف الرئيسي لها افشال ايّ تقدم حقيقي للبلاد على المستوى السياسي او الامني او الاقتصادي مصحوبة بعمليات ارهابية وحشية تضرب الشارع العراقي لتزيد من وجعه وحزنه مع كمية هائلة من الاشاعات لتكتمل بذلك صورة العراق الجديد لدى المتلقي.

 

ولكن بالعودة الى الوراء نجد ان المعترضين على التغيير منذ اليوم الاول له، هم انفسهم مع تغيير طفيف في اساليبهم ونوعية مطاليبهم واسباب اعتراضاتهم، واندساس البعض منهم في العملية السياسية مع التحاق مجاميع آخرى تباعاً من النخبة ممن لم تصمد آرائهم ومتبنياتهم الوطنية امام طوفان الاشكالات المثارة والمتجددة، فنحن ابطال العالم باختراع الخلافات المعقدة، ونمتلك قدرة لايستهان بها في ايجاد المبررات المقنعة لخلق الصراعات السياسية، ولدينا قواعد فلسفية مبهرة لتأطير مواقفنا لتكون ناهضة ومقبولة لاسيما لدى المُحبطين.

 

 ليس هذا بالتاكيد ماكنّا نريده او نتمناه من التغيير، بعد اربعة عقود من القهر والموت والاستلاب والحكم القمعي، اربعة عقود من الخوف والقلق الدائمين، فاحلامنا كانت كبيرة ومساحات رغباتنا بحياة مستقرة كانت تتسع كلما اقتربنا من لحظة الخلاص، لحظة ولادة جديدة من رحم المعاناة وسنين الظلم والحيف والتشرد، ولادة تعسرت وتأخرت كثيراً لكنها جاءت بعد صبر طويل ودماء غزيرة خضبت وجه العراق، ولادة وطن حقيقي يستوعب جميع ابناءه بصرف النظرعن انتماءاتهم وتوجهاتهم الفكرية.

 

 ولكن علينا ان ندرك ان مايسعى اليه هذا الفصيل المتهافت بشقيه السياسي والاعلامي بصرف النظر عن محتوى شعاراته المعلنة، والتي عادة ما تتغنى بحب الوطن! هو خلق حالة من القلق واليأس والشعور باللاجدوى لدى المواطن، تدفع بالاتجاه المغاير لطموحاته وآماله بعراق ديمقراطي يكفل له حياة كريمة وهادئة، وهذه هي فرصتنا الوحيدة والثمينة لترسيخ نظام يضمن للجميع العيش بسلام ووئام دائم، بعيداً عن شبح الحرب والموت المجاني! فعراق اليوم هوعراق الجميع، وليس عراق الحزب الواحد او الطائفة الواحدة او الشخص الواحد، بل هو عراقنا وسفينتنا جميعاً، فأن غرقت او أُغرقت ـ لاسامح الله ـ فلا عاصم لاحد من الهلاك وخلاصنا مرهون بنجاتها، ولابد من تظافر الجهود الوطنية المخلصة لوضعها على المسار الصحيح عاجلاً ام آجلاً، لكن لا للعودة الى الوراء، لا للعودة الى الاستبداد والقمع والتعسف! مهما كثرت الاخفاقات والاخطاء، فالتغيير لاياتي الا عن طريق النظام الديمقراطي والانتخابات الحرة، وليس وفق مزاج الحزب الفلاني او الشخصية الفلانية، وعن طريق الانتخابات فقط، نقول نريد هذا ولانريد هذا، لا بالانقلابات والمؤامرات ولا بالمفخخات والتفجيرات.

  

عبا س العزاوي

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2250 السبت 20 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم