أقلام حرة

في انتظار غودو / ابراهيم الخياط

 والصحيح حدثها حول رجلين يدعيان "فلاديمير" و"استراغون" ينتظران شخصا يدعى "غودو".

لقد أثارت هذه الشخصية، مع الحبكة الدرامية للمسرحية، الكثير من التحليل والجدل حول المعنى المبطن لأحداثها، وحازت على لقب أهم عمل مسرحي في القرن العشرين باللغة الإنكليزية، وترجمت إلى أكثر من خمسين لغة.

فصلان متناظران ومعادان، منهما تتكون المسرحية، والمشهدان يجريان في يومين متتاليين، ففي شارع ريفي، بالقرب من شجرة جرداء، يجلس مشرّدان، أحدهما فلاديمير (ديدي) والآخر إيستراغون (غوغو)، ينتظران شخصا يدعى (غودو)، إنهما لم يلتقيا به من قبل، ولو شاهداه فلن يعرفانه، ومع ذلك فهما يعتقدان أنه هو من رتب لهما هذا اللقاء وفي هذا المكان!.

في احدى اللقطات، يحاول "إيستراغون" نزع حذائه، يفشل ويعّلق: "ليس ثمة شيء يمكن عمله"، وحين يسمع صديقه "فلاديمير" تلك العبارة بالصدفة لايعزو دلالاتها لصعوبة خلع الحذاء، بل لمآزق أخرى تتعلق بالحياة، فيعيدها.

هذه العبارة: "ليس ثمة شيء يمكن عمله"، هي تعبير عن اليأس وعن الاتكالية وعن الجلوس بدون عمل وعن توقف التفكير، وهي مما يرددها نوابنا الان، فهم الحلقة الزائدة حقا في مجتمعنا، فقد يكون اللعب أو التسلية أو تلفيق القصص أو العمل البرلماني من أجل تمضية الوقت ليس الا، وقد تكون حكاية "غودو" أيضا حكاية ملفقة إختلقها الممثلان لاضفاء غاية على حياتهما العابثة، حيث العبرة ليس في مجىء "غودو" إنما في مواصلة الانتظار، وكذلك البرلمانيون الاشاوس اختلقوا حكاية "الاصلاح" وصدقوها، ومن عقمهم يريدوننا أن نصدقهم، لان لاشغل ولاعمل ولاخطط ولاتنمية ولامستقبل، وليس المطلوب منهم سوى اشغال الناس بالعنتريات مرة، وبالورديات مرات.

قيل أن ورقة للاصلاح طرحت حتى تكون خارطة طريق لحل الأزمة السياسية المستعصية، وانتشرت تصريحات متفائلة من بعض أطراف التحالف الوطني حول الرد الايجابي من قبل الكتل معها، وسرت اشاعة انها ـ أي الورقة ـ لاتساعد في تهدئة الأجواء والتمهيد  لعقد المؤتمر الوطني فحسب، بل ستجعل الاهالي يتركون ابواب بيوتهم مشرعة قبل النوم، وستوصل الكهرباء والغاز والماء البارد والحار والخابط للبيوت، وانها ستجلب البنغال والفلبينيين زرافات زرافات كعمال خدمات وباعة جوالين لان العراقيين جميعا سيعيّنون، وانها ستمد شبكات للمرور السريع والسياحي والمترو الحلم.

ولكن تصريحات لاحقة لنواب من التيار الصدري ومن العراقية ومن التحالف الكردستاني، نفت وجود الورقة، فيما دعا نواب آخرون ـ تحديا ـ إلى الكشف عنها ان كانت موجودة حقا وإعلانها للرأي العام.

وأينك يا "بيكيت" لترى؟ فلدينا من العابثين من يكتب مسرحيات العبث المستهتر ويمثلها ويخرجها ويتفرج عليها، ولكن ناسنا (المفتحة باللبن) تعرف أن "غودو" يمكن أن يعود بينما الاصلاح لايأتي ولايتحقق الا بأيدي أهل الاصلاح والتغيير، وهم الديمقراطيون الحقيقيون.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2253 الثلاثاء 23 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم