أقلام حرة

امتحانات الدورالثالث مضيعة للوقت دون جدوى / صادق غانم الاسدي

ولكنها على العموم كانت تسير ببطء نحو العلو والمجد ووصلت أوج قوتها في مرحلة الثلاثينيات من القرن الماضي عندما كان التعليم يضاهي قرينه في أوربا والدول المتقدمة لشدة النهج والأساليب الحديثة في وقتها وعين المجتمع والناس يرفدونه بالاحترام والإجلال، فأصبح المعلم يمتلك جاها واحتراما وعطفا اكتسبها من القيم النبيلة والرشيدة من هذه المهنة والتي اعتبرها الكثير بأنها رسالة تشبه رسالة السماء لإصلاح البشر،ثم بدأ التضاؤل والانهيار في مرحلة الثمانينيات  ثم الحصار الذي خدش المهنة بعنف وترك أثارا على المستوى الاجتماعي مما أدى الى عزوف الكثير من الآسر عن تشجيع أولادها وأحفادها للالتحاق بساحات العلم، واكثر انهيارا وتدميرا للعملية التربوية هي تلك السنة التي قرر فيها مجلس الوزراء شمول الطلبة الراسبين بجميع المواد لأداء الدور الثاني والطامة الكبرى هو السماح للراسبين بأداء دور ثالث والذي لم يوفق اغلب الطلبة ويستغلوا فرصة العمر لهذه السنة، وهذا انعكس من خلال نتائج الفحص والتدقيق في مركزي الرصافة والكرخ، مع العلم كانت التوقعات تشير الى أن اغلب الممتحنين جاؤا  فقط للمزحة وسلب أرادة المدرس داخل القاعة الامتحانية، ناهيك عن الكثير من المشاكل التي تعرض لها المدرسين أثناء تأدية واجبهم في المراقبة، ربما يقول قائل هذه مكرمة ويتعاطف مع الطلبة على حساب انهيار العملية التربوية، الحقيقة ان هنالك جمله من الحقائق أحب ان أسلط الضوء عليها، مع اني اعتبر امتحانات الدور الثالث هي مفسدة وأتلاف أموال دون مسوغ قانوني  وضياع أيام وإرباك  للدوام الرسمي وخصوصا جاءت الامتحانات في بداية الدوام الرسمي  وضياع واضح لجهود الطلبة المتفوقين والذين شاركوا بأداء امتحانات البكلوريا لما بذلوه من جهد وتفاني خلال عام دراسي شاق، ربما لا يشجع بعض الطلبة المتفوقين من الضغط على أنفسهم والمواظبة بالتحضير والحصول على درجات عالية، لان النتيجة معروفه مسبقا انك مشمول بالدخول العام وسيتساوى الشاطر الذكي والكسلان المهمل، وهذا ينعكس على سير تطور العملية التربوية وقد لانحصل على أعداد كافية من الطلبة المتميزين، وبالتالي ساهمنا في ثلم مبادئ التعليم الصحيحة وهي تحث الطالب على بذل قصارى جهده من اجل حصوله على مواقع ومسؤوليات أساسية في الدولة، والنقطة الثانية هي نسف جهود المدرسين الذين تحملوا عباً كبيرا في إيصال المادة وتقيم الطلبة المستحقين لدخول البكلوريا خلال مرحلة دراسية امتحن فيها الطالب لاكثر من 5 مرات، والنتيجة باتت معروفة لدى المدرس،قال لي احد المدرسين في مادة الفيزياء ( لقد بذلت العام جهود كبيرة وحاسبت الطلبة على عدم تحضيرهم وتعرضت الى  ضغط من قبل بعض الزملاء وأقربائي  في المنطقة بمساعدة الطلبة الراسبين في مادتي ورفضت ذلك وقلت لا يستحقون المساعدة، ولكن مع الأسف كانت النتيجة هو الدخول عشوائي         ، بالتأكيد أن العوائل مستقبلا لا تلتجأ الى المدرس وتسأل عن أولادها فسيكون المدرس في معزل عن الأسرة ورجل لأيكن له كل الاحترام لان الدولة هي من تقيم الطلبة  على حساب الفوز بالأصوات الانتخابية وتأييد يعكس حالة الرحمة والشفقة لدى الحكومة، ولا يختلف الأمر ان الدور الثالث لم تكن فيه المراقبة شديدة كما كانت عليها في الدور الأول والثاني، لان الدولة في هذه المرحلة هي التي سنت الموافقة على القرار هو بمثابة أعطاء الرحمة وابدءا اللين للطلبة، فسيتخلل ذلك تجاوزات ومجاملات لتتوج  النتيجة هو زيادة نسبة الفساد في البلاد بعد ما كنا  نحاربه ونؤيد على قلع هذه الآفة من المجتمع، في الوقت الذي ستكون مقايضات في مراكز المراقبة من قبل مدرسي ضعاف النفوس، على حساب آخرين يرون انها تطعن في مستوى نزاهتهم وسيقفون اخرين سد منيعا لكل محاولات الغش، وفعلا من خلال مراقبتي رأيت بأم عيني ان قسم من المدرسين مارسوا دورهم التربوي الشجاع بقوة وتحدوا كل أثارة وتهديد ظهر من بعض الطلبة المسائية وهم أكثر حظا من غيرهم وإعدادهم التي امتلأت المدارس بهم ورغم جسارتهم وعدم تهيئة أنفسهم للامتحان إربك بعض المدارس بأساليبهم الاستفزازية من دخل قصاصات من الغش ولكنهم اصطدموا بإجراءات لم تسمح لهم بدخول اوراق الغش ، وحتى محاولات نقلهم لم تجني ثمارها لهم بسبب عدم معرفتهم للكتابة والقراءة، وقد سألني بعض الطلاب عن عام 1947 في يوم امتحان الاجتماعيات كيف كتابتها قلت له اكتب مواليدك واعكسها على هذا الرقم، ولكي لا نبتعد أكثر لم يوفق الجميع باستثمار هذه الفرصة الذهبية التي أوشكت ان تنهي التعليم وتقلع مفهومه العلمي الى أمل ورجاء ومطالبات مستمرة في كل سنة ومن ألان ونحن على أبواب سنة جديدة ان بعض من الطلبة ضعاف النفوس ومن الذين لايحبون الحصول على الشهادة بدؤا يروجون الإشاعات حول التعليم، مع العلم أن النتائج كانت سيئة جداً وأكثر الإجابات بعيدة عن الواقع والموضوعية وفيها تهجم على الاسرة التعليمية والرسومات والاستهزاء التام بالعلمية التربوية، كل هذا لايجعل التعليم ركيزة أساسية تنطلق لتعمر وتجعل البلاد محط أنظار العالم في كافة المجالات لان البلدان لاتعمر وترتفع الا بالعلم والمعرفة،

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2254 الاربعاء 24 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم