أقلام حرة

نانو "تَنَكَلوجي" / امين يونس

والأعظم كفاءة والأقل كُلفة والأنظف بيئياً ..  والمُستخدَمة في كافة مجالات الحياة .. وإذا كان العلماء والباحثون حول العالم، قطعوا أشواطاً مُهمة في هذا المضمار .. فأننا هنا في العراق، ما زُلنا نحبو .. بل اني أتوقع ان غالبية الناس عندنا لم تسمع أصلاً بالنانوتكنولوجي !

سُئِلَ بعض المُهتمين بالعلوم الحديثة، حول توقعاتهم عن الأجهزة التي سوف "تنقرض" تدريجياً بعد خمس سنواتٍ من الآن .. فكان من ضمن اجاباتهم : التلفزيون. فأنهم يتوقعون ان أجهزة التلفزيون بأشكالها و " أحجامها " الحالية والصحون والدِشات والستلايت، سوف تزول ولا سيما في البلدان المتقدمة .. ويحلُ محلها جيلٌ من الهاتف النقال او الموبايل، حيث يمكنك ان تستقبل أي محطة في أي وقت أينما كُنت ! . طبعاً ان هؤلاء المختصين، يتحدثون عن اليابان والولايات المتحدة والمانيا على سبيل المثال .. وليسَ عن الصومال وبوروندي، التي لا زال فيها الكثير من الناس وخاصة في الأرياف، لايمتلكون حتى جهاز تلفزيون قديم بالأبيض والأسوَد، بل ان العديد من القُرى ليسَ فيها كهرباء أساساً . (وهذا دليلٌ على خداع ووهم " العالم أصبحَ قرية صغيرة " .. فالدول المتقدمة الثرية تزداد تقدما وثراءاً .. والدول الفقيرة المتخلفة، تنحدر أكثر في فُقرها وتخلفها) .

وحتى نحنُ في العراق .. بعد " الطفرة " التي حصلتْ في الرواتب والأجور والأموال " السهلة " التي تدفقتْ في السنوات الأخيرة واللوثة الإستهلاكية التي أصابتْنا .. فأن معظمنا .. إقتنى عدة تلفزيونات .. ويُحّبَذ ان تكون أحجامها كبيرة .. بحيث ان هنالك الكثير من البيوت فيها سبعة او ثمانية تلفزيونات، لايستخدمها أحد .. لكنها فقط للفخفخة والتفاخُر الفارغ ! . ولأن الدول الصناعية القديمة الغربية عموماً وكذلك الجديدة مثل الصين وغيرها .. كُلهم يعرفون، طبيعتنا نحن " الشعوب النايمة " وسذاجتنا وميلنا المُفرِط الى الإستهلاك الأحمق .. فأنهم نشطوا وأبدعوا ونجحوا بإمتياز : في إرسال كميات ضخمة لنا .. من قمامتهم وأسؤا إنتاجهم البعيد كُل البُعد عن مُراعاة البيئة او الصحة العامة او إستهلاك الطاقة .. والمُصيبة .. نحنُ فَرِحون بِكُل ذلك !.

أنتجَ " الأوادم " في الغرب، خلال السنوات الماضية، من خلال النانوتكنولوجيا .. بديلاً لحديد التسليح المُستخدم في البناء والجسور : أقوى من الحديد التقليدي عشرات المرات وأكثر تحملاً لكل الظروف .. وأخف وزناً الى درجة كبيرة وأصغر حجما وسهل إعادة التدوير وأكثر مرونة .. وعما قريب سوف يكون أرخص وأقل كُلفة . هذا نموذج صغير ومحدود لِما يفعلونه وبما " هُم " مشغولون به .. بينما نحنُ لا زلنا نستخرج الحديد القديم المعوَج من الأبنية المتهدمة ونُعّدله بالجواكيج، ونستخدمه ثانيةً .. لازلنا نتفنن في محاربة بعضنا البعض ونُبدع في تأزيم الاوضاع ونتصارع على امورٍ سخيفة وغايات أنانية بائسة ! .

في العديد من مُدن العالم .. ليسَ " الغاز " فقط يصلك الى المنزل عن طريق شبكة الأنابيب .. بل حتى الحليب الطازج .. ونحنُ هنا، إنحنتْ قاماتنا وتقوستْ ظهورنا من وطأة إسطوانات الغاز الثقيلة .. ونحن " من سوء حظنا " بلد النفط والغاز ! .

العالم المُتحّضِر مُنشغِلٌ بالنانوتكنولوجي .. ونحنُ منهمكونَ ب التَنَكَلوجي !.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2255 الخميس 25 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم