أقلام حرة

إخوانية حماس وعبث الإسلام السياسي

هل تخلت حماس عن مبادئها الإسلامية مثلما تخلت عن مبادئها الوطنية، عندما ضربت بالمصالحة والجهود المصرية عرض الحائط ؟.

من الواضح أن الوضع الراهن في غزة رغم ما يعانيه الإنسان هناك من حصار وإغلاق، لا يعني حماس من الناحية الإنسانية بقدر ما يعنيها من الناحية السياسية لجهة المتاجرة والمزايدة وتقديم الأوراق مجاناً لسلة اللاعبين الإقليميين، وهما الأكثر متاجرة بقضايا المسلمين (إيران) وبالقضايا العربية (النظام السوري) .

والسؤال الآن، لماذا جرى هذا التخلي المريع عن المبادئ الإسلامية والوطنية ؟ فإذا كان لقاء المتاجرة الإقليمية بدماء الشعب الفلسطيني، فإن حماس شريكة وضالعة في هذا العبث وتلك المتاجرة، ويشترك معها أيضاً إسلامها السياسي الذي لطالما تلطت وتلحفت بغطائه في كل صولاتها وجولاتها منذ عام 1988 بذريعة أن المقامة تحتاج إلى غطاء سياسي، غير أن هذا الغطاء السياسي، سرعان ما تكشف زيفه وبطلانه، عندما دقت ساعة الاستجابة لنداء القضية، نداء المصالحة .

 إنه لمن العبث أن تتحول القضية الفلسطينية برمتها إلى قضية مصالحة، فالاستحقاقات التي تنتظر الفلسطينيين أكبر من مسألة المصالحة، فلم يعرف التاريخ قط، أن شعباً يرزح تحت الاحتلال، يتكالب على نفسه، أكثر مما يتكالب عليه الآخرون .

يبدو أن مصيبة أهل البيت الفلسطيني أشد وأسوأ من مصيبة الاحتلال الإسرائيلي، الذي من المفترض أن يوحد ويؤلف بين قلوب الإخوة .

إن متاجرة ما يسمى بمحور "الممانعة" بمأساة الفلسطينيين لا يعفي حماس ومن وقف خلفها واصطف معها وهتف لها مؤيداً ومؤازراً من عموم الإخوان المسلمين في العالم، بمن فيهم قيادة الإخوان في مصر التي هللت لممانعة النظامين السوري والإيراني، ونسيت أو تناست معاناة هذين البلدين ومعهما شعوب المنطقة جراء تلك الممانعة المتدثرة بأوهام النصر، وهو لا يعفي حماس من المسؤولية، بل أن خطوط محور الممانعة، تتقاطع سياسياً ومالياً وعسكرياً مع خطوط محور المقاولة بزعامة حماس وحزب الله .

أما المستفيد من كل هذا العبث الدامي باسم الإسلام المقنع والعروبة المزيفة بأسراب الصمود والتصدي، إسرائيل التي تشاهد غيرها ينفذ ما كانت تنوي تنفيذه أو يمهد لها الطريق نحو استكمال مشاهد فيلم الرعب الذي تحتاجه لتغذية مخاوف شعبها، وبذات الوقت تشحذ الهمم وتحشد الرأي العالم نحو جولات صراع أخرى لا يدفع ثمنها، سوى الأرض والإنسان في لبنان وفلسطين .

بما أن حماس، أسقطت بسلوكها المشين الذي تجلى بأبشع صوره في الانقلاب الدراماتيكي على النفس أولاً وعلى الإخوة ثانياً في غزة عام 2007، المشروع الوطني الفلسطيني، فإن اشتراكها بالمتاجرة الإقليمية المفضوحة، فضح وعرى حقيقة إسلامها السياسوي، إن لم نقل أسقطه في بازار المزايدات الرخيصة وفي المزاد العلني المفتوح لمن يدفع أكثر، فلم يعد إسلامها إسلاماً سياسياً ذو مشروع أممي، بقدر ما أصبح إسلاماً تجارياً مسجلاً في بورصتي الممانعة والمقاولة .

الإسلام التجاري، هو العنوان العريض والقاعدة الصلبة، للمرحلة القادمة، التي على ما يبدو باتت تتطلب من كل الأطراف ممارسة سياسة الأخذ والعطاء، بمقابل أو من دون مقابل، فإذا كان البعض يفضل أن يمارس السياسة تحت شعار الإسلام كدليل على الطهر والنقاء، فإن البعض الآخر في حماس وأخواتها لن يتردد في ممارسة الاتجار باسمه تحت عناوين الشرف والعفة .

هذا العبث المقيت، ليس من مشيئة الأقدار، بل هو من مشيئة الإنسان العابث بممانعته ومقاولته، حيث لم يعد يهمه ما يعانيه أخيه الإنسان على مذبح تلك القضية.

 

كاتب عربي

[email protected]    

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1208 الاحد 25/10/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم