أقلام حرة

العفو مقابل البناء! / عباس العزاوي

ووقعوا اصحاب الارض جملة من المعاهدات المُذلة ابتدأ من مؤتمر اوسلو ومؤتمر السلام في مدريد مروراً باتفاقية " واي رفير" ثم  مباحثات كامب ديفيد وطابا وغيرها، في النتيجة لم يحصل الفلسطينيون حتى على جزء كبير من اراضيهم، ولا السلام الذي ينشدون، ومازالوا يلهثون وراء سلام لم ولن يتحقق وسط التآمر العربي والتشضي داخل البيت الفلسطيني، ايّ استطاع الكيان الصهيوني سلب الفلسطينين حق المقاومة!! وحوصر الرئيس عرفات رحمه الله وجماعته في مقر قيادته في رام الله عام 2002 بعد ان ادعت اسرائيل بعدم شرعية عرفات لقيادة الفلسطينين بسبب بعض التفجيرات التي طالت الاسرائليين! رغم ادانته لها ببيان رسمي، وبقي السلام المزعوم معلقاً باصابع الصيونية الى ان وافت ابو عمار المنية او تجرعها سُماً زعافاً بعد سنتين من هذه الحادثة!.

 

اقترحت القائمة العراقية وحلفائها الجدد قبل ايام  سلاماً مشابهاً للسلام الاسرائيلي مع الفلسطينين من خلال قانون العفو العام ـ العفو عن الارهابيين ـ اذا كان العراق يرغب بسلام دائم مع فلول البعث والقاعدة، مقابل تمرير قانون البنى التحتية  ايّ العفو مقابل البناء!، واشترطت في بادئ الامر تمريرهما بسلة واحدة، وعندما رفض  التحالف الوطني الربط بين القانونين، أرجأ التصويت عليهما الى اجل غير مسمى لغرض الدراسة والتمحيص، وبحمض الصدفة،امطراتنا  السماء بمئات التقارير التخصصية حول مشروع قانون البنى التحتية والمحذرة من مغبة الاقدام على هكذا مشاريع  كارثية! ربما تساهم في تحسين حياة العراقيين نوعاً ما، وبات اي مشروع يقدم لخدمة الشعب العراقي يشكل خطرا مرعباً على مستقبل البلاد الاقتصادي واثقالاً لكاهل الدولة  بالديون، يعني "على عين اليتيمه عزل السوكَـ"!

 

فان وافقت الكتل الاخرى على هذه الصفقة المشبوهة وهذا مانخشاه  فسوف لن يحصل العراقيون على البناء ولا على السلام  الموعود، لان الارهابيين ان خرجوا سيحرقون الارض والانسان والسلام  وسوف لن تجد الشركات المتعاقد معها الاجواء المناسبة للعمل في اي جزء من ارض العراق،وستتكلف الدولة مصاريف جديدة بمليارات الدنانير للقبض عليهم مرة اخرى متلبسين بالجرم المشهود، وربما سيشملهم قرارعفو جديد! طالما لدينا من يمتلك الوقاحة للدفاع عن قتلة الشعب العراقي علانية، ونبقى ندور في دوامة الاسئلة  " التفحيطية " منْ قتل منْ ؟ ومنْ تسبب بماذا؟ ومنْ هم اعدائنا؟ ومنْ هي القوى الغيبية التي تقف وراء ذبح الابرياء؟ وماهي التقارير التي تثبت وجود اصابع قوى عالمية ميتافيزيقية تتحكم بالاحداث؟! وهلم جرا.

 

ليبقى العراقي المسكين حائر بين ان يتخلى عن حقوقه بعيش كريم او ان يدعم القتلة ويقبل بتمرير قانون العفو عن الذباحين!! ليمارسوا مهامهم الاجرامية من جديد كما حصل في العفو السابق الذي تبنته بعض القوى السياسية  يتقدمهم المدان طارق الهاشمي، وقد القي القبض على مجموعة منهم فيما بعد، لكن بعد "خراب البصرة " كما يقول المثل الشعبي،وبعد ان احرقوا بغداد فيما سُمي بالخميس الدامي بقيادة الارهابي مناف الراوي وخمسة من اتباعه، فقد عُين الرجل والياً لبغداد بعد قرار العفو السابق واطلاق سراحه! اي ان برلماننا الموقر، اذا وافق على تمرير هذا القانون تحت ايُّ ذريعة كانت او ايّ ضغوط سياسية تمارسها بعض الاطراف الانتفاعية، سيشارك بجدارة في تعيين مئات الامراء والولاة في دولة العراق اللاسلامية ـ دولة الذبح والتفخيخ ـ وبدل ان نربح السلام، سنخسر كل شي، السلام والحياة معاً.

ـ البرئ لايحتاج العفو والقاتل لايستحقه!!

 

 عباس العزاوي

28.10.2012

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2258 الأحد 28 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم