أقلام حرة

جوقة اثنية للتفاؤل / منير حداد

والمحو في مجتمعات ضاغطة باغلبيتها، التي تلغي الآخر، المحشور وسطها او على هامشها او بين ظهرانيها او على حافتها، الى ان يبيت بينهم مطرودا في مكانه، من دون وجود.

اما جوق البراءة الشابة التي يتنظم ولداي.. الزهراء ومحمد الباقر، فيها، فقد كسرت العقدة الاثنية وحولتها من شؤمها السلبي الى نكتة ايجابية، فهما عضوان في جوقة شباب من اخلاط فئوية هجينة، تحتفل معا بالاعياد الخاصة بفئة كل واحد من اعضاء الجوقة، ما يعني انهم جوقة اعياد مشتركة، او منظمة تفاؤل اثنية وليس كما انحرفت السياسة بالاختلافات بدلا من ان تكون (رحمة) وفق الحديث النبوي الشريف، جعلوها لعنة، وبدل النعمة حولوها نقمة وبدل النعيم صيروها جحيما.

لكن الشباب ردوا عليهم بتحويل الاثنية الى فرح مشترك؛ اذ ان مجموعتهم من الشباب.. اصدقاء خارج منظومة المحاصصة، تضم اخوين.. بنت وولد من الصابئة المندائيين وأخرى مسيحية وثالثة مسلمة سنية ومسلمين اثنين سنيين عربا وتركمانيين ذكرا وانثى لكن ليسا اخوين الا بانسانية الصداقة وهي اهم من رابطة الدم، وولديّ..الزهراء ومحمد الباقر.. شيعيين كرديين.

خرجت الصداقة البريئة التي جمعت هؤلاء الشباب، من طوق الانتماءات الفئوية التي غذتها جهات معادية للعراق من الداخل والخارج، اذ يحتفلون باعياد العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة والمسلمين من دون تمفصل مذهبي، مستخلصين البهجة والايمان من روح كل مناسبة؛ ما يعزز التوحد الوطني انطلاقا من تلك التوزيعات القومية والدينية التي جعلوها ببراءتهم وحسن تربيتهم.. منزليا ومدرسيا.. عاملا ايجابيا في لم الشمل الانساني ارتقاءً فوق الاحقاد التي جهدت على تغذيتها قوى مدمرة لا يروقها ان ترى العراق قويا، منذ مطلع القرن العشرين الى الان.

الشباب فتتوا العقدة الاثنية واستخلصوا اسبابا للفرح المشترك، (مستثمرين) المناسبات الفئوية في التوحد الوطني والانساني، بينما ثمة ساسة (يستغلون) المناسبات نفسها لبث الفرقة وايجاد اسباب مفتعلة للاقتتال،... اقترب الشباب من حكمة الامام علي (ع) اخوك في الدين او صنوك في الانسانية، وابتعد بعض الساسة...، ولسوف يكبر هؤلاء الشباب فتحل مفاهيمهم الشريفة عمليا في الواقع الاجرائي للمستقبل القريب، بدل جرائم بعض الساسة.. من الداخل والخارج.

سيحل الشباب ببراءتهم الفاعلة ايجابا في تاسيس حياة مثالية، وانا اراهم في بيتنا الشيعي الكردي يستذكرون الموعظة الكبرى في استشهاد الامام الحسين (ع) خلال عاشوراء واراهم في نوروز واعلم انهم احيوا ذكرى استشهاد يوحنا المعمدان.. النبي يحيى (ع) مع صديقتهم الصابئية واخيها وسط عائلتهما المندائية وليلة 25 كانون الاول ورأس السنة ذكرى ميلاد السيد المسيح (ع) ورأس السنة الميلادية في بيت المسيحية وكذا المحيا وزكريا، يجتمعون على الحكمة المثلى في كل حدث تاريخي وتقليد اجتماعي وشعيرة دينية، ما يجعل الاختلاف في امة محمد والامم المتعايشة معها، رحمةً.

هؤلاء هم الشباب، على هذا الاساس تمت تربيتهم، فالمستقبل هم، وان غدا لناظره لقريب.

 

القاضي منير حداد

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2258 الأحد 28 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم